الجزائر: «حمس» تلمّح للمنافسة على الرئاسة

مظاهرات حاشدة للطلبة رفضاً لتنظيم الانتخابات في ديسمبر

TT

الجزائر: «حمس» تلمّح للمنافسة على الرئاسة

لمّحت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، وهي أحد أكبر أحزاب المعارضة في الجزائر، إلى ترشيح رئيسها لانتخابات الرئاسة المقررة في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فيما خرج طلاب جامعات في مظاهرة حاشدة، أمس، تعبيراً عن رفضهم الاستحقاق باعتباره «التفافاً على مطلب التغيير الجذري».
وقالت «مجتمع السلم»، المعروفة اختصاراً باسم «حمس»، في بيان، عقب اجتماع لقيادتها أمس، إن «تنظيم الانتخابات الرئاسية في الجزائر، ممر ضروري لضمان مستقبل الحريات والديمقراطية وتحويل المطالب الشعبية إلى سياسات تنموية واجتماعية، تنهي الأزمة الاقتصادية وتحسن معيشة المواطنين وتحقق نهضة البلد».
وأكدت أن الانتخابات «ليست إجراء شكلياً لتسكين آثار الأزمة من دون معالجتها، وعليه يجب توفير الشروط السياسية الضرورية التي تمنح هذا الاقتراع المهم الشرعية الحقيقية؛ كرحيل الحكومة، وتوفير الحريات الإعلامية وعلى مستوى المجتمع المدني، والتوقف عن تخوين وتهديد المخالفين، خصوصاً حياد الإدارة ومختلف مؤسسات الدولة فعلياً، في السر وفي العلن، وفي كل المسار الانتخابي، قبل الانتخابات وأثناءها».
وأعلنت أن «الفصل في مشاركة الحزب من عدمها، بخصوص الرئاسية، يفصل فيها مجلس الشورى» التابع لها، خلال اجتماع مرتقب قبل نهاية الشهر.
ويحيل حديث الحزب الإسلامي عن «الشروط السياسية» و«الحريات الإعلامية» إلى قيود تفرضها السلطة على نشاط أحزاب المعارضة، وضغوط كبيرة على وسائل الإعلام لمنعها من التعاطي مع المظاهرات المعادية للنظام. أما عن «التخوين»، فيقصد به تصريحات متتابعة لرئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح اتهم فيها المعارضين لمسعى تنظيم الانتخابات بـ«الخيانة» و«العمالة لجهات أجنبية مشبوهة».
وفهم مراقبون من بيان الحركة التي تملك ثقلاً معتبراً في الساحة السياسية، إرادة للمشاركة في الاستحقاق برئيسها عبد الرزاق مقري. وقاطع الحزب استحقاق 2014، بعدما غادر الحكومة في سياق «الربيع العربي». وكان التحق بالمعارضة بانتقال رئاسة الحزب من الوزير السابق أبو جرة سلطاني إلى مقري.
وحذر بيان الحزب من «إفراز الانتخابات لرئيس مخدوش الشرعية، ما سيجعل مؤسسات الدولة معزولة وغير قادرة على مواجهة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدولية المتوقعة، وأي خلل في هذه المناسبة الانتخابية تتحملها السلطة الحاكمة وحدها، إن لم توفر البيئة السياسية اللازمة».
وأعلن حزب «طلائع الحريات» بزعامة رئيس الحكومة السابق علي بن فليس و«حركة البناء الوطني» الإسلامية بقيادة الوزير السابق عبد القادر بن قرينة، مشاركتهما في الانتخابات، وهما حزبان مقرّبان من الجيش. ويرجح بأن «النواة الصلبة» في المعارضة ستقاطع الاستحقاق، خصوصاً «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«جبهة القوى الاشتراكية». وشهدت مدن الجزائر العاصمة وقسنطينة (شرق) ووهران (غرب)، أمس، مظاهرات كبيرة لطلبة الجامعات، احتجاجاً على «تنظيم الانتخابات من طرف العصابات»، وهو شعار ردده عدد كبير من المتظاهرين. ومن الشعارات الأكثر تداولاً في المسيرات التي جابت شوارع عدة: «لن نمسح بالانتخابات وخذونا جميعاً للحبس»، وذلك تضامناً مع رموز الحراك الذين سجنهم الجيش بتهم «الإساءة» إليه. وعقدت نقابات المحامين في مناطق عدة من البلاد، اتفاقاً على مقاطعة مسار التحقيق القضائي مع معتقلي الحراك، بحجة أن المحاكمات المرتقبة «لن تكون عادلة لأن المتابعات تمت على أساس سياسي».
إلى ذلك، قال وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة حسن رابحي، أمس، إن «الصحافة في القطاعين العام والخاص معوَل عليها في التوجه عاجلاً إلى انتخابات رئاسية ديمقراطية، تحقيقاً للمصلحة العليا للوطن». وأوضح أن الحكومة «وضعت لبنات عهد جديد، قائم على الحوار كأسلوب حضاري للنقاش والاقتراح الإيجابي، حول أولويات الأمة، وفي طليعتها تنظيم انتخابات رئاسية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، للخروج من الأزمة التي يسعى أعداء الجزائر خائبين لإطالة أمدها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».