سجال بين «القوات اللبنانية» و«الكتائب»

على خلفية تصريحات في ذكرى اغتيال بشير الجميل

TT

سجال بين «القوات اللبنانية» و«الكتائب»

أدى كلام رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، في ذكرى اغتيال رئيس الجمهورية الأسبق بشير الجميل، إلى سجال بين «الكتائب» ومسؤولين في حزب «القوات اللبنانية»، على خلفية انتقاد الجميل لهم، واتهامهم بـ«القيام بالتسويات والتلطي خلف صورة بشير».
وبعد سلسلة من الردود والردود المضادة، قال نائب رئيس «الكتائب» الوزير السابق سليم الصايغ، إن «التباعد مع قيادة (القوات اللبنانية) سببه الخلاف على التسوية (السياسية التي أدت لانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية) التي نعتبرها رهاناً خاطئاً، لأنها وضعت سيادة لبنان أمام خيارين؛ إما الاستسلام أو الانتحار».
كان السجال قد بدأ مع رد النائب في «القوات» فادي سعد، على الجميل قائلاً: «يا فخامة الشهيد بشير، لو كنت بيننا اليوم لما ارتضيت أن ترى على رأس (حزب الكتائب اللبنانية) ولداً لطالما غرد خارج السرب»، ليرد بعدها عضو المكتب السياسي لـ«الكتائب» سيرج داغر بالقول: «يبدو أن الحقيقة الصعبة توجع. قصاقيص ورق على كراسي كرتون تخاف مواجهة حقيقة تسوياتها المصلحية».
وعلّق النائب في «الكتائب» إلياس حنكش، متمنياً «ارتقاء النقاش في المضمون واحترام آراء بعضنا على اختلافها»، مضيفاً أن «التهجم علينا بالشخصي لا يليق بما أوصانا به بشير الجميل: قولوا الحقيقة مهما كانت صعبة. ولم يقل لنا إنها تؤلم البعض. لهذا لن ننحدر إلى هذا المستوى، وسنستمر بمعركتنا ضد سلطة المحاصصة، ولا تعنينا الأحجام ولا المكتسبات الآنية».
وردّ الوزير السابق آلان حكيم على وصف النائب الجميل بـ«الولد»، قائلاً: «ولد بحكمة فضحت لعبة صفقات الكبار. ولد لطالما غرد خارج سرب الفساد ونجح في الابتعاد عن كل المنظومة القائمة على التسويات، وكانت له الشجاعة الكافية للخروج بحزم ومرفوع الرأس من هذه المنظومة غير مبالٍ لا بمراكز ولا بأعداد؛ حيث لم يجرؤ الآخرون على فعل ذلك... من شعر أنه مستهدف فليراجع حساباته».
وسأل وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، من «القوات»، عما وصفه بـ«هذا الكم من الحقد والاتهامات المبطنة ومن منبر غالٍ على ذاكرتنا وقلوبنا»، وتوجه إلى سامي الجميل من دون أن يسميه، قائلاً: «نختلف في السياسة، والمؤسف أنك تستغل مكان استشهاد بشير لاستهداف (القوات)، بدل الدعوة إلى وحدتنا كما فعل النائب نديم الجميل» ابن بشير. وأضاف: «نحن لا نجلس أصلاً على كراسٍ، بل نقاتل في مواقعنا ونموت واقفين ولا نتراجع».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».