محمد يعقوب: الشعراء ملائكة عند الفوز بالجوائز... وأبالسة عند خسارتهم

«شاعر عكاظ» 2019 قال إن الإبداع في السعودية يركض وحيداً مع انحسار دور النقد

الأمير خالد الفيصل يتّوج الشاعر محمد يعقوب ببردة «شاعر عكاظ»
الأمير خالد الفيصل يتّوج الشاعر محمد يعقوب ببردة «شاعر عكاظ»
TT

محمد يعقوب: الشعراء ملائكة عند الفوز بالجوائز... وأبالسة عند خسارتهم

الأمير خالد الفيصل يتّوج الشاعر محمد يعقوب ببردة «شاعر عكاظ»
الأمير خالد الفيصل يتّوج الشاعر محمد يعقوب ببردة «شاعر عكاظ»

غيّرت مسابقة شاعر سوق عكاظ السعودية حلّتها، ورفعت قيمتها إلى مليون ريال للفائز الأول، ونصف المليون للثاني، وربع المليون للثالث، لكنها أيضاً غيّرت طريقتها؛ أصبحت تعتمد لأول مرة على خوض منافسات بين الشعراء، وتقديم نصوص مكتوبة للمناسبة، مع تركيز على الإلقاء والحضور أمام الكاميرا. وفي تجربتها الأولى، حاز جائزة «شاعر عكاظ» هذا العام الشاعر السعودي محمد إبراهيم يعقوب، تلاه في المركز الثاني الشاعر اليمني عبد الله عبيد، كما حاز الشاعر السعودي شتيوي الغيثي المرتبة الثالثة.
ومحمد يعقوب، مواليد جازان (1972)، اسم معروف في المشهد الأدبي والشعري، ولديه ست مجموعات شعرية: «رهبة الظل» 2001، و«تراتيل العزلة» 2005، و«جمر من مرّوا» 2010، و«الأمر ليس كما تظنّ» 2013، و«ليس يعنيني كثيراً» 2015، و«ماذا لو احترقت بنا الكلمات» 2016.
وحمل النصّ الفائز بجائزة عكاظ عنوان «تراتيل العزلة». وسبق أن فاز بجائزة الثبيتي الشعرية عن ديوانه «ليس يعنيني كثيراً»، كما أحرز لقب «وصيف أمير الشعراء» عام 2008. وهنا حوار معه:
> كيف استقبلت الفوز بجائزة «شاعر عكاظ» 2019؟ لديك مشوار طويل مع الشعر... هل وجدت أن الجائزة تّوجت هذه المسيرة؟
- في الحقيقة، لم أستقبل الفوز، بل خضتُ مع زملائي المترشحين لمرحلة 22 في هذه النسخة من جائزة «شاعر عكاظ» كثيراً من المراحل الصعبة الحاسمة خلال المسابقة.
أما عن اللقب وحلقة التتويج، فتلك قصة أخرى. كان التتويج حلماً مثالياً بكافة المعايير، فأن تُلْقِي على صخرة سوق عكاظ، أهم منصة للشعر العربي طوال تاريخه، بما تحمله من عمقٍ وثراءٍ، يعني الكثير لكل من يقول الشعر العربي الفصيح في كل مكان، وفي كل زمان أيضاً، ثم إن التتويج جاء من رجل الفكر والثقافة الأمير الشاعر خالد الفيصل. هي بالفعل كانت لحظة تتويج لمسيرة شعرية طويلة تجاوزت العشرين عاماً، ويعزّز هذا ويجعله أجمل محبة الناس والاحتفاء الذي وجدته من قلوبٍ هي قصائد على هيئة أصدقاء ومحبين.
> كيف وجدت التغيير في طريقة تأهل الشعراء لجائزة عكاظ هذا العام التي تشابه في جانب منها جائزة «أمير الشعراء»... والتي بالمناسبة حصلتَ فيها على لقب «وصيف» في تلك المسابقة؟
- أظنّ أنه كان من المفترض لهذا أن يحدث منذ زمن، وأن يذهب اللقب للمملكة العربية السعودية في أول مرة لجائزة «شاعر عكاظ» في نسختها الجديدة، هذا يضاف لتجربة الشعر السعودي التي أصبحت تتصدر مشهد الشعر العربي، ليس على مستوى الجوائز ولكن على مستوى الحضور الفنّي والإبداعي، ولأجيالٍ متعاقبة من الأسماء الشعرية اللافتة.
> ماذا ألقى على عاتقك هذا الفوز من المسؤولية؟
- صدقني أنا، مثل غيري من الشعراء المبدعين، وهم كثر، شغوفٌ بالشعر، ممتنٌ له إلى درجة لا تصّدق... الشعر هبة حقيقية من الله.
أجل يبتهج الشاعر حين يجد تتويجاً لعمله الشغوف المتواصل المبهج، عبر جائزة أو دراسة نقدية أو محبة الناس. اللقب كبير، أنا أدرك ذلك تماماً، لكن ما أنا موقن به أني سأظل مديناً للشعر بحياة كاملة، حياة موازية لكل هذا العالم.
> سبق أن فزت في كثير من المسابقات الوطنية والعربية، هل تكتب القصيدة على مقياس المسابقة؟ وهل تقدمها بناء على معرفتك بميول لجنة التحكيم مثلاً أم تقدمها كيفما كانت، وتدع مستواها الفني هو من يحكم؟
- لا أظن أنّ شاعراً حقيقياً يكتب الشعر على مقاسات المسابقات؛ الإبداع سابقٌ للمسابقات والقراءات والدراسات، الإبداع شأنٌ شخصي جداً وروحي أكثر، أما الضوء الذي يسلّط على المبدع وإبداعه فقد يأتي وقد لا يأتي، وفي كثيرٍ من الأحيان لا يعني الإبداع في شيء، وكم من مبدعٍ عاش طوال حياته دون أن يأخذ مكانته التي يستحق، وبعد مماته أضاءت روحه العالم فناً وجمالاً وعرفاناً.
الشعر والنقد
> هناك من المشاركين في مسابقة «شاعر عكاظ» من لم يتأهلوا، وقد وجهوا اتهاماً صريحاً للجنة التحكيم بأنها أبدت رضاً واضحاً عن تجاربهم، ثم فاجأتهم باستبعادهم من المنافسة، ما تعليقك؟
- نحن ملائكة عند الفوز، وسيئون جداً عند الخسارة، أغلبنا كذلك... أنا لا ألوم أحداً، وأتفهّم تصريحات البعض؛ إنها ثورة غضب آنية تذهب مع الوقت، وهذا يحدث في كل مسابقة، خصوصاً في المسابقات العلنية، لأن الخسارة علنية أيضاً، وكل شاعر يدافع عن تجربته الشعرية، ويرى أنها الأكثر استحقاقاً، لكني بصدق أود أن أشير هنا إلى أن أعضاء لجنة التحكيم كانوا قمة في الأناقة والذوق مع كل المشاركين بلا استثناء، وقد تلمسّوا مواطن الجمال في النصوص المقدمة لهم من قبل الشعراء، كل الشعراء.
> لفتني قول عضو لجنة التحكيم الدكتور علي العلاق، بعد اختيار نصّك «تراتيل العزلة»، إنك «تمتلك طاقة شفاهية في الأداء تحسد عليها، ولديك قدرة على استثمار لغة الجسد بشكل ممتاز، بحيث إن قصيدتك تشكل كياناً لفظياً قائماً بذاته، ويوازيها ويعضّدها ويعزز منها هذا الأداء الفاخر الذي تتميز به»، هل كان الأداء سلم الصعود لهذه القصيدة؟
- أؤمن أن محاولة الشعر الكبرى للخلود تكون عبر نصّ مقروءٍ، يبقى النصّ ويذهب الشاعر، وكل النصوص التي خلّدها التاريخ تُقرأ الآن، وستُقرأ غداً، بغضّ النظر عمن كان الشاعر، وكيف كان يلقي قصيدته. لكن في الوقت نفسه، أعتقد أن المسافة بين القصيدة والمتلقي تحتاج مدّ كثيرٍ من الجسور لتصل، ومن أهم تلك الجسور الإلقاء والأداء الذي يساهم في إيصال المعنى بصورة أكثر تماهياً مع المتلقي.
> قامت الناقدة السعودية د. مستورة العرابي قبل شهور قليلة بتقديم أطروحة الدكتوراه حول شعرك، وهذا يقودنا إلى سؤال عن الحالة النقدية في المشهد السعودي، كيف تقيِمها على عموم التجربة الشعرية في المملكة؟ وعلى تجربتك الخاصة؟
- أشكر د. مستورة على اختيارها لتجربتي الشعرية كموضوع لرسالة الدكتوراه التي اشتغلت عليها، وحقيقة كانت رسالة جادة، واقتربت بشكل لافتٍ من عوالم محمد إبراهيم يعقوب الشعرية. وأنا أسعد كثيراً عند قراءة تجاربنا الإبداعية عبر رسائل الماجستير والدكتوراه، أولاً لأن إبداعنا شعراً وسرداً يستحق الدراسة، وثانياً لأن هذه الدراسات قد تتحول إلى كتب مطبوعة، يتمّ من خلالها تصدير مشهدنا الإبداعي إلى قرّاء آخرين في الوطن العربي، وهذا يتراكم بدوره لتشكيل صورة ذهنية عن الإبداع ككل في المملكة العربية السعودية مستقبلاً.
> فيما يخص النقد أيضاً، نلاحظ أن الدراسات النقدية الحرة خارج الدراسات الأكاديمية أصبحت نادرة جداً، مقارنة بفترة الثمانينات، بينما أصبحت الدراسات الأكاديمية للشعر تطغى، وذلك بحثاً عن الشهادات الجامعية... هل ترى أن هذه الظاهرة تفضي إلى تطوير التجارب الشعرية؟
- دعني أكون صادقاً معك هنا، وهذه قناعاتي على الأقل: الإبداع في المملكة العربية السعودية متقدّم على النقد بمراحل، سواءً عبر الإصدارات أو التجارب الفنية أو الحضور العربي، ولكن... ألاحظ في الفترة الأخيرة ظهور بعض الأسماء النقدية التي تعمل بجدية وبصدق وبمحبة لمشهدنا الإبداعي، لا تكتب انطباعات، بل تحاول إعادة قراءة للمدونة الإبداعية في المملكة، وأعتقد أن بوسعنا أن نراهن على جهودٍ من هذا النوع وننتظر.
> يقول الشاعر جاسم الصحيح «إن الشاعر محمد إبراهيم يعقوب استطاع تطوير تجربته إلى درجة يمكن أن نقول عنه إنه الثبيتي الجديد في الشعر السعودي»... هل ترى هذا الكلام مبني على العاطفة التي تجمعكما أم على حقيقة تجربتك الإبداعية أم كلاهما معاً؟
- علاقتي بأخي الغالي الشاعر الكبير جاسم الصحيح تمتد طويلاً إلى عمر القصيدة بيننا، وما يقوله عن تجربتي سآخذه بمحبة تليق بقلب جاسم وأناقة روحه، أما تجربة محمد الثبيتي فهي تجربة خاصة جداً في مدونة الشعر السعودي لن تتكرر، لا من حيث العوامل الخارجية التي شكلت هذا الوعي المتجاوز عند محمد الثبيتي للخروج عن النسق، ولا من حيث البناء الداخلي الذي صنع لنا أساطير في صورة شاعر عربي مختلف اسمه محمد الثبيتي.
> بالمناسبة أنت فزت بجائزة الثبيتي عن ديوانك «ليس يعنيني كثيراً»... كيف هي علاقتك بتجربة محمد الثبيتي؟
- نعم، فاز ديواني «ليس يعنيني كثيراً» بجائزة الثبيتي للإبداع، لكنّ محمد الثبيتي كان يعنيني كثيراً. أعترف أنني جُننت به، وأعترف أنه أنقذ ذائقتي الصعبة جداً بديوانه «التضاريس». تخيّل، بعد مسيرة طويلة لي مع الشعر، أبدأ بكتابة سيرة ذاتية شعرية وإنسانية، ولكن ليست لي، بل لمحمد الثبيتي. وأعترف بأني لم أكن موضوعياً في كتابة سيرة الثبيتي، بل مريداً عاشقاً مؤمناً به، وكأني أكثر من آمن به على الإطلاق. وكان أن جُننت وكتبت كتاباً تحت عنوان «محمد الثبيتي: تجربة شعرية وإنسانية». وقد ترددت كثيراً في نشره، وعرضته على أكثر من اقترب من ملكوت الثبيتي عبر مراحله كلها، أستاذي وصديقي الدكتور سعيد السريحي الذي أومأ لي بالنشر، فنشرت الكتاب عبر نادي مكة الثقافي الأدبي، ممتناً لهم لذلك. والكتاب مدوّنة عشق محمد لمحمد، وشاهد عصر على مرحلة صراع أثرت كثيراً على تشكّل الساحة الثقافية في وطننا، وما زالت ربما.
> لأي سبب تعزو انحسار دور النقد في المشهد الأدبي؟
- في مرحلة الثمانينات التي تحدثنا عنها قبل قليل، كان النقد يتحرك موازياً لحركة الإبداع، بل كان داعماً حقيقياً مخلصاً لها. أذكر على سبيل المثال لا الحصر كتاب «ثقافة الصحراء» للدكتور سعد البازعي، وكتاب «الكتابة خارج الأقواس» للدكتور سعيد السريحي، وغيرها. هذا إلى جانب وجود الشعر أو الإبداع عامة والنقد في أمسيات مشتركة، عبر قراءات شعرية ترافقها قراءات نقدية. أما الآن، فالإبداع يركض وحيداً في الساحة الثقافية، عبر أجيال متلاحقة من الأسماء الإبداعية المهمة عربياً. لمَ انحسر دور النقد؟ وما الأسباب وراء ذلك؟ لا أملك الإجابة، بصدق.
> ما تقييمك للمشهد الشعري العربي والسعودي تحديداً في الآونة الأخيرة؟
- دعني أتحدث عن المشهد الشعري السعودي، ضمن المشهد الشعري العربي، وأنا أشارك عربياً عبر سنوات، كغيري من شعراء المملكة. أقول بثقة إن الشعر السعودي أخذ مكانته المستحقة في كل المظاهرات العربية، عبر أسماء رسّخت حضورها بإبداعها وتجربتها العميقة الممتدة. ما أتمناه الآن حقيقة من وزارة الثقافة أن تستثمر هذه النجاحات التي شقّ فيها الشعراء طريقهم بأنفسهم عبر سنين في رسم صورة حقيقية لوطننا، عبر أسماء تستحق تمثيل الوطن إبداعياً وإنسانياً في أي محفل من محافل الثقافة والإبداع.
> كيف أثرت بيئة جازان المولدة للشعراء في تجربتك الشعرية؟
- تظل جازان ولادة حفية بالفن والأدب والشعر، لن تنضب هذه الأرض التي طلع من ثراها الطيب السنوسي والعقيلي وعلي النعمي وإبراهيم مفتاح وغيرهم، وستهب الوطن أسماء مبدعة كبيرة دائماً.



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.