بعد عودة الرهائن.. اتهامات لتركيا بـ«التواطؤ» مع «داعش» في كوباني

كيري: نريد أفعالا من أنقرة دعما للتحالف الدولي

جانب من المواجهات بين الأكراد وقوات الأمن التركية قرب الحدود السورية على خلفية أحداث كوباني أمس (أ.ب)
جانب من المواجهات بين الأكراد وقوات الأمن التركية قرب الحدود السورية على خلفية أحداث كوباني أمس (أ.ب)
TT

بعد عودة الرهائن.. اتهامات لتركيا بـ«التواطؤ» مع «داعش» في كوباني

جانب من المواجهات بين الأكراد وقوات الأمن التركية قرب الحدود السورية على خلفية أحداث كوباني أمس (أ.ب)
جانب من المواجهات بين الأكراد وقوات الأمن التركية قرب الحدود السورية على خلفية أحداث كوباني أمس (أ.ب)

أصبح تنظيم «داعش» جارا رسميا لتركيا، بعد التطورات الأخيرة في الشمال السوري التي أسفرت عن تمدد التنظيم في المناطق الكردية، وسط اتهامات لأنقرة بتسهيل هذا التقدم مقابل الإفراج عن الرهائن الأتراك الذين كان التنظيم يحتجزهم في مدينة الموصل العراقية، فيما استمر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في «التدحرج» بموقفه حول عملية إطلاق الرهائن التي وصفها في البداية بعملية إنقاذ، ثم بعملية تفاوض، ليقول أمس إن تحريرهم ناجم عن «مقايضة سياسية».
وبات من السهل جدا رؤية رايات تنظيم «داعش»، ترفرف في عدد من القرى والمدن السورية الشمالية الواقعة على الحدود مع تركيا، والتي قال مواطنون أتراك إنها رفعت مساء الأحد الماضي وبات يمكن رؤيتها من قرية «كارا بوك» التركية الحدودية، بعدما عمد عناصر التنظيم إلى رفعها فوق تلة عالية بالمنطقة، فيما توقعت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» ارتفاعا في حدة الضغوط الأميركية على أنقرة من أجل المشاركة بفعالية في مواجهة التنظيم بعد زوال السبب الذي تذرع به الأتراك في رفضهم المشاركة في التحالف الدولي ضد التنظيم.
وأوضحت المصادر أن الأميركيين قد يعيدون الطلب من أنقرة استعمال قاعدة أنجيرليك الجوية في جنوب البلاد المجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية، لأغراض عسكرية وستطلب من أنقرة السماح لطائرات التحالف المحملة بالقنابل بالإقلاع من هذه القاعدة لضرب معاقل «داعش» في سوريا والعراق، مشيرة إلى أن المسؤولين الأتراك لن يكون أمامهم الكثير من هامش المناورة، خصوصا في ظل ضغوطات المعارضة التركية على الحكومة لمحاربة التنظيم.
ونقلت وكالة الأسوشييتد برس دعوة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، أنقرة إلى المشاركة في التحالف الدولي ضد «داعش» بعد انتهاء أزمة الرهائن. وقال إن تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أعلنت عن التزامها خلال مؤتمرات بالمساعدة في الجهود لمحاربة التنظيم، إلا أن دورها حتى الآن كان محدودا «لأنها أرادت أولا معالجة أزمة الرهائن». وأضاف: «الآن نريد أفعالا».
من جهته، أشار مسؤول العلاقات العامة في «وحدات حماية الشعب الكردي» ناصر حاج منصور، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «شكوك كردية حول سماح أنقرة لداعش بالهجوم على مدينة كوباني (السورية ذات الأغلبية الكردية) والعبث بها بكل الوسائل، مقابل الإفراج عن الرهائن الأتراك لديها». وإذ نفى امتلاك معلومات مؤكدة عن «صفقة بين أنقرة وداعش للإفراج عن الرهائن الأتراك»، قال إن تركيا «جزء من عملية الهجوم على كوباني».
ويستند الأكراد في تقديراتهم بوجود صفقة «تسهيل الهجوم على كوباني مقابل الرهائن الأتراك»، إلى ما سماه حاج منصور بـ«تصرفات الدولة التركية في الأيام الأولى للهجوم» الذي بدأ الخميس الماضي، وأسفر عن سيطرة «داعش» على 60 قرية كردية وعربية في ريف كوباني (عين عرب) في شمال حلب. وقال: «في الأيام الأولى للهجوم على كوباني وريفها، دعم الجانب التركي داعش، قبل أن يتوقف الدعم السبت الماضي»، مؤكدا أن مقاتلي «داعش» الجرحى «يعبرون معبر تل أبيض الحدودي في الرقة إلى داخل الأراضي التركية حيث يتلقون العلاج». وأضاف: «أكد ناشطون وشهود عيون كثيرون أن حشودا من داعش استخدموا أراضي تركية حدودية لشن هجمات على قرى كردية حدودية، وذلك في المنطقة الواقعة بين عين عرب وتل أبيض، على الجبهة الشرقية لكوباني»، موضحا أن مقاتلي «داعش» «كانوا يخرجون من الأراضي السورية إلى الأراضي التركية الحدودية، ويلتفون بمحيطها ليدخلوا عبر ممرات سرية مجددا إلى داخل الأراضي السورية بهدف شن هجمات من المنطقة الحدودية على مواقع كردية».
كما أشار الحاج منصور إلى تسريبات وأنباء نقلها شهود عيان أكراد، تحدثت عن أن «قطارا تركيا توقف قبالة منطقة حدودية خاضعة لسيطرة (داعش) داخل سوريا، وتتضمن معسكر تدريب لهم، حيث أنزل أغراضا لم نعرف ماهيتها قبل أن تُنقل الأغراض إلى داخل الأراضي السورية عبر الشريط الحدودي».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس عن النائب الكردي التركي إبراهيم بينيجي عن الحزب الديمقراطي الشعبي غضبه إزاء الحكومة التركية جراء موقفها من كوباني، وقال: «السلطات التركية مسؤولة جزئيا عن هذه الأوضاع لأنها تحمي داعش المنظمة الإرهابية».
وتواجه أنقرة ضغطا إضافيا من أكرادها لمواجهة تنظيم «داعش»، وأفادت مصادر كردية تركية لـ«الشرق الأوسط» أن نحو 200 شاب من أكراد تركيا أصبحوا بالفعل في سوريا يقاتلون إلى جانب أكراد سوريا. وأوضحت أن الرجال والشبان الأكراد «ينقلون عائلاتهم إلى الأراضي التركية، قبل أن يعودوا للمشاركة في العملية العسكرية ضد داعش»، لافتا إلى أن 3000 مقاتل كردي (سوري) «عبروا بالفعل منذ يوم السبت الماضي من تركيا إلى ريف كوباني، ويشاركون الآن في المعارك، فيما ينتظر عشرة آلاف شاب كردي (سوري) آخر على الحدود، بعد أن أقفلت السلطات التركية حدودها بوجه العائدين من الأكراد إلى ريف كوباني».
وأفادت تقارير بأن تنظيم «حزب العمال الكردستاني» (بي.كي.كي) الكردي المحظور في تركيا حض أمس أكراد تركيا على محاربة الجهاديين في سوريا، ودعا الحزب في بيان إلى التعبئة، معلنا أن «يوم النصر والشرف آت. لم يعد هناك أي حدود للمقاومة». وجدد البيان دعوة وجهت إلى الشباب الأكراد في تركيا لمحاربة الجهاديين وصد هجومهم على بلدية عين العرب. وأضاف البيان: «ندعو كل أفراد شعبنا وأصدقاءنا إلى تعزيز مقاومتهم في كردستان وكوباني».
وكان دورسون كلكان المسؤول في الحزب قال في تصريح لإحدى قنوات التلفزيون البلجيكي إن «كل الأكراد عليهم توحيد قواهم لمحاربة متطرفي تنظيم داعش». وقال: «الشباب الكردي خصوصا والنساء عليهم صد هذه الهجمات»، متهما تركيا بـ«التواطؤ» مع تنظيم «الدولة الإسلامية» وبأن لديها مطامع في أراضي سوريا والعراق.
ونفى مصدر رسمي تركي بشدة «الادعاءات الفارغة»، داعيا إلى عدم «تسييس الوضع القائم عند الحدود». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات التركية لا تتعاون بأي شكل من الأشكال مع هذه الجماعات، مشيرا إلى دورها الكبير في العملية الإنسانية واستقبالها أكثر من 100 ألف مواطن سوري جديد بغض النظر عن انتماءاتهم القومية. ودعا القياديين في الأحزاب الكردية التركية، من دون أن يسميهم مباشرة، إلى «عدم استغلال الأحداث الأخيرة للدعاية السياسية».
وانعقد أمس مجلس الأمن القومي التركي برئاسة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو. وأفادت مصادر في رئاسة الوزراء أن الاجتماع شارك فيه نواب رئيس الوزراء، يالتشين آكدوغان، وبولند أرينج، وعلي باباجان، ونعمان قورتولموش، إضافة إلى رئيس هيئة الأركان «نجدت أوزل»، ووزير الدفاع «عصمت يلماز». كما شارك قائد القوات البرية خلوصي أكار، والقائد العام للدرك عبد الله أطاي، ونائب رئيس الأركان يشار غولر، فضلا عن نائب وزير الخارجية ناجي قورو. وأوضحت المصادر أن الوضع في سوريا كان على رأس مواضيع البحث.
وفي غضون ذلك، عد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تحرير الرهائن الأتراك «نصر دبلوماسي»، نافيا حدوث مساومات مادية من أجل تحرير الرهائن، وقال: «لو أن المقصود مساومات مادية، فهذا لم يحدث على الإطلاق، أما إذا كان المقصود مساومات دبلوماسية، فمن الطبيعي حدوث مساومات سياسية، ودبلوماسية أيضا».
وقال إردوغان في مؤتمر صحافي عقده بمطار أسن بوغا في العاصمة أنقرة، قبيل توجهه إلى نيويورك لحضور اجتماعات الدورة الـ69 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن عملية تحرير الرهائن أظهرت مهارة جهاز الاستخبارات التركية، و«كانت خطوة تعكس حقا ضرورة أخذ تركيا بعين الاعتبار في المنطقة».
وردا على الادعاءات القائلة بـ«حدوث صفقة تبادل لتحرير الرهائن مقابل إطلاق سراح عناصر من تنظيم داعش معتقلين لدى تركيا»، أوضح إردوغان أن الجميع سيكتب أشياء مختلفة بهذا الخصوص، مضيفا: «بغض النظر سواء جرت مبادلة أم لا، في المحصلة لقد وصل 49 من مواطنينا، وموظفينا إلى تركيا، لا يمكننا الاستغناء عنهم، مهما كان الثمن، وينبغي علينا التركيز على ذلك، وحتى لو جرت مبادلة، بصفتي رئيسا للجمهورية أرى أن استعادتهم لا تقدر بثمن».
وشدد إردوغان على أن هذه الحملة كانت وطنية 100 في المائة، ولم تتدخل بها أي عناصر استخبارات أجنبية، بل كانت نتاجًا لمجهود وتخطيط الاستخبارات التركية. وأشار إردوغان إلى أنه لا يهمه حديث البعض عن وجود مقايضات أسفرت عن تحرير الرهائن، موضحًا أن المواطنين الأتراك قد عادوا إلى أسرهم وعائلاتهم سواء بمقايضة أو من دونها.
وفيما إذا كان سيلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، قال إردوغان: «لا أعتقد أننا سنجد الفرصة لإجراء محادثات موسعة مع السيد أوباما في الأمم المتحدة، كما أن ذلك ليس مدرجا على برنامج النشاطات الخاصة باجتماعات الجمعية العامة، لكن يمكن إجراء محادثات مع نائب الرئيس الأميركي (جو بايدن) بناء على طلبه».
وأعرب نائب رئيس حزب «الشعب الجمهوري» التركي المعارض، خلوق قوج، عن استعداد حزبه لـ«تقديم كافة أنواع الدعم السياسي للحكومة، في إطار الجهود التي ستبذل لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي، في الداخل والخارج، في ضوء مصالح الجمهورية التركية». وأضاف قوج، المتحدث باسم أكبر أحزاب المعارضة، في تصريح صحافي، أنه ينبغي على الدولة التركية، أن توقف «داعش» عند حده، مشيرا إلى «تجرّؤ هذا التنظيم الإرهابي الدموي» على اقتحام القنصلية التركية، واحتجاز 49 شخصا بينهم 46 مواطنا تركيا، لمدة 101 يوم.



سوليفان إلى السعودية ويتبعه بلينكن

مستشار الأمن القومي جيك سوليفان (أ.ب)
مستشار الأمن القومي جيك سوليفان (أ.ب)
TT

سوليفان إلى السعودية ويتبعه بلينكن

مستشار الأمن القومي جيك سوليفان (أ.ب)
مستشار الأمن القومي جيك سوليفان (أ.ب)

نقلت وكالة «بلومبرغ» الأميركية للأنباء، أمس (الخميس)، عن مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن أن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان سيزور المملكة العربية السعودية في نهاية الأسبوع المقبل، على أن يتبعه وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في مؤشر إلى سعي واشنطن لتوثيق العلاقات أكثر بالرياض.
وأوضحت الوكالة أن سوليفان يسعى إلى الاجتماع مع نظرائه في كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة والهند في المملكة الأسبوع المقبل. وتوقع مسؤول أميركي أن يستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المسؤول الأميركي الرفيع خلال هذه الزيارة. وأضافت «بلومبرغ» أن بلينكن يعتزم زيارة المملكة في يونيو (حزيران) المقبل لحضور اجتماع للتحالف الدولي لهزيمة «داعش» الإرهابي.
ولم يشأ مجلس الأمن القومي أو وزارة الخارجية الأميركية التعليق على الخبر.
وسيكون اجتماع سوليفان الأول من نوعه بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والهند.
وقال أحد الأشخاص إن الموضوعات الرئيسية ستكون تنويع سلاسل التوريد والاستثمارات في مشروعات البنية التحتية الاستراتيجية، بما في ذلك الموانئ والسكك الحديد والمعادن.
وأوضحت «بلومبرغ» أن الرحلات المتتالية التي قام بها مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى تسلط الضوء على أن الإدارة مصممة على توطيد العلاقات بين واشنطن والرياض أخيراً.
وكان سوليفان اتصل بولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 11 أبريل (نيسان)، مشيداً بالتقدم المحرز لإنهاء الحرب في اليمن و«الجهود غير العادية» للسعودية هناك، وفقاً لبيان أصدره البيت الأبيض.
وتعمل الولايات المتحدة بشكل وثيق مع المملكة العربية السعودية في السودان. وشكر بايدن للمملكة دورها «الحاسم لإنجاح» عملية إخراج موظفي الحكومة الأميركية من الخرطوم.