طهران تحذر من تبعات تصفير صادراتها النفطية على أمن الممرات الدولية

أستراليا تنضم لمهمة أمنية في الخليج... واليونان لن تقدم مساعدة تتيح للناقلة الإيرانية توصيل النفط إلى سوريا

مشاة البحرية الأميركية على متن سفينة رصيف برمائية أثناء مراقبة قارب إيراني والتقطت بمضيق هرمز في 12 أغسطس   (أ.ف.ب)
مشاة البحرية الأميركية على متن سفينة رصيف برمائية أثناء مراقبة قارب إيراني والتقطت بمضيق هرمز في 12 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

طهران تحذر من تبعات تصفير صادراتها النفطية على أمن الممرات الدولية

مشاة البحرية الأميركية على متن سفينة رصيف برمائية أثناء مراقبة قارب إيراني والتقطت بمضيق هرمز في 12 أغسطس   (أ.ف.ب)
مشاة البحرية الأميركية على متن سفينة رصيف برمائية أثناء مراقبة قارب إيراني والتقطت بمضيق هرمز في 12 أغسطس (أ.ف.ب)

انتقدت طهران الجهود الأميركية لتشكيل تحالف أمن الملاحة في المنطقة، محذرة من أن خفض صادراتها النفطية إلى الصفر «لن يضمن أمن الممرات الدولية». وأعلنت أستراليا أنها ستنضم إلى مهمة دولية بقيادة أميركية لردع التهديدات في مياه الشرق الأوسط، في حين أكدت اليونان أنها «لن تقدم مساعدة لناقلة إيرانية تبحر شرقاً بالبحر المتوسط تتيح لها توصيل نفط إلى سوريا».
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن العقوبات النفطية تهدد أمن الممرات الدولية. وقال خلال لقاء الحكومة بالمرشد علي خامنئي أمس: «تدرك القوى الكبرى أن الممرات المائية الدولية لا يمكن أن تتمتع بالأمن السابق في حال فرض العقوبات الشاملة على النفط الإيراني وخفض صادرات إيران من النفط إلى الصفر»، وأضاف أن «الضغط من جانب واحد على إيران لن يكون في صالح هذه القوى، ولن يضمن أمنها في المنطقة والعالم». ومن جهة أخرى، دافع عن «الطريق الصحيحة والصائبة» في خفض التزامات إيران النووية، وقال: إن «لصبرنا حدوداً، ولا يمكن أن نقبل بتعهدات الاتفاق النووي مقابل عدم التزام الأطراف الأخرى». وقال: «إذا كانت المباحثات مثمرة مع أطراف الاتفاق النووي (4+1) يمكن أن تتغير الأوضاع» وتابع: «إذا لم تكن مثمرة سنواصل مسارنا».
وبالتزامن، قال الأميرال علي فدوي، نائب قائد «الحرس»، إنه ما من أحد يمكنه تأمين الخليج سوى إيران ودول المنطقة، مضيفاً أن «تأمين الخليج مسؤولية إيران ودول المنطقة».
جاء ذلك بعد ساعات من إعلان رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون، انضمام بلاده إلى تحالف دولي لحماية السفن التجارية في الممرات المائية الرئيسية بالشرق الأوسط، في ظل مخاوف دولية على أمن الممرات المائية بعد تعرض ناقلات في خليج عمان والخليج العربي.
وأوضح موريسون، أمس، في مؤتمر صحافي بكانبيرا، أن «هذا السلوك المزعزع للاستقرار يمثل تهديداً لمصالح أستراليا في المنطقة». وقال: «قررت الحكومة أن من مصلحة أستراليا الوطنية العمل مع شركائنا الدوليين. ستكون مساهمتنا محدودة النطاق ومرتبطة بتوقيت زمني».
وأفادت وكالة «رويترز»، بأن أستراليا «سترسل طائرة استطلاع طراز (بي - 8 إيه بوسيدون) إلى الشرق الأوسط لمدة شهر قبل نهاية 2019 في حين ستنشر فرقاطة في يناير (كانون الثاني) 2020 لمدة ستة أشهر».
أول من أمس، كشف المبعوث الأميركي الخاص بإيران، برايان هوك عن جاهزية ثلاثين دولة للمشاركة في تحالف أمني للملاحة.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في كلمة أمام معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام أمس، إن «الوجود العسكري الأجنبي مهما بلغ حجمه لا يمكن أن يحول دون زعزعة الأمن في هذه المنطقة. لا يمكن أن تكون هناك واحة أمان... بينما الولايات المتحدة تشن حرباً اقتصادية على إيران». وتابع أن «التصرفات غير المتوقعة المتبادلة ستؤدي إلى فوضى. لا يمكن للرئيس ترمب أن يأتي أفعالاً غير متوقعة ثم ينتظر من الآخرين أن يأتوا بأفعال متوقعة»، لافتاً إلى أن «دول المنطقة يمكنها حماية الممرات المائية الاستراتيجية والعمل على توقيع معاهدة عدم اعتداء».
جاء كل ذلك، وسط استمرار الترقب بشأن مصير الناقلة الإيرانية الناقلة «أدريان داريا 1»، التي أُفرج عنها بعد احتجازها في جبل طارق، بحمولة مليوني برميل من النفط الخام. وتبحر حالياً باتجاه الشرق وأظهرت جهات تتبع السفن أن وجهة السفينة المعلنة هي ميناء كالاماتا اليوناني.
وغداة تحذير أميركي، قال نائب وزير الخارجية اليوناني، ميلتياديس فارفيتسيوتيس، أمس، إن بلاده لن تقدم مساعدة لناقلة إيرانية تبحر شرقاً بالبحر المتوسط تتيح لها توصيل نفط إلى سوريا. وأضاف لقناة «إيه إن تي1» التلفزيونية اليونانية «بعثنا برسالة واضحة مفادها أننا لا نرغب بأي حال في تسهيل تهريب هذا النفط إلى سوريا».
وترغب الولايات المتحدة في احتجاز الناقلة؛ إذ تقول إن لها صلة بـ«الحرس الثوري» الإيراني الذي تصنفه منظمة إرهابية. وتحث اليونان على الامتناع عن تقديم أي مساعدة، في حين قال مصدر دبلوماسي قبرصي لوكالة «رويترز»، إن رسالة مشابهة أرسلت إلى بلاده أيضاً.
وقال فارفيتسيوتيس، إن اليونان لا تملك الموانئ الملائمة لمثل هذه السفينة الكبيرة، لكنه لم يقلل من احتمال أن ترسو الناقلة في المياه الإقليمية اليونانية. وأضاف: «إنها ناقلة خام كبيرة جداً... لا يوجد ميناء يوناني يمكنه استيعاب ناقلة خام كبيرة جداً»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة على اتصال باليونان بشأن الأمر». ورداً على سؤال عما سيحدث إذا دخلت الناقلة المياه الإقليمية لليونان، قال: «سنرى ما سيحدث في هذه الحالة».
في غضون ذلك، التقى الرئيس التنفيذي لشركة «ستينا بالك» المالكة لناقلة ترفع علم بريطانيا وتحتجزها طهران، مع وزير الخارجية الإيراني، سعياً لإطلاق سراح الناقلة وطاقمها.
وذكرت «رويترز» أن الرئيس التنفيذي للشركة إريك هانيل، اجتمع مع ظريف في استوكهولم، أمس، لطلب الإفراج عن الناقلة وطاقمها.
وقال هانيل في بيان أمس: «أجرينا حواراً بنّاءً وتبادلنا المعلومات بشأن القضية». وأضاف: «كان من المهم بالنسبة إلينا تأكيد ضرورة إطلاق سراح الطاقم المؤلف من 23 فرداً... وأيضاً إطلاق سراح الناقلة (ستينا إمبيرو) التي تملكها شركة سويدية».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.