«شكوك السداد» تحاصر الاقتصاد الأرجنتيني المتأزم

السندات تتدهور وهروب للرساميل والاستثمارات الأجنبية

لوحة لعرض أسعار العملات أمام البيزو الأرجنتيني المستمر في التراجع (أ.ف.ب)
لوحة لعرض أسعار العملات أمام البيزو الأرجنتيني المستمر في التراجع (أ.ف.ب)
TT

«شكوك السداد» تحاصر الاقتصاد الأرجنتيني المتأزم

لوحة لعرض أسعار العملات أمام البيزو الأرجنتيني المستمر في التراجع (أ.ف.ب)
لوحة لعرض أسعار العملات أمام البيزو الأرجنتيني المستمر في التراجع (أ.ف.ب)

تتعمق أزمة الاقتصاد الأرجنتيني مع توقعات متشائمة، خصوصا جهة عدم القدرة على سداد الديون السيادية فائقة الحجم، في ظل تخوفات من استمرار تراجع سعر العملة المحلية وانهيار البورصة مع هروب الرساميل المحلية والاستثمارات الأجنبية.
وتزداد المخاوف من انهيار الاقتصاد في الأرجنتين، لأنه قد يتخطى حدود الدولة، ويتحول إلى موجة سلبية لاقتصادات ناشئة أخرى، خاصة في ظل أوضاع عالمية غير مستقرة، وسط حروب تجارية وغموض أوروبي، وتباطؤ عالمي يطال أكبر الاقتصادات في أوروبا وآسيا.
وبالأمس، نقلت وكالة بلومبرغ تراجع أسعار السندات السيادية الدولية للأرجنتين بنسبة 6 في المائة تقريبا، وذلك بعد خفض تصنيف الدولة من قبل وكالتين من كبريات وكالات التصنيف الائتماني، واستقالة وزير المالية يوم السبت الماضي. ويؤكد كثير من المحللين الدوليين أن الاقتصاد الأرجنتيني أصبح بشكل كبير «في وضع اضطراب منذر، خاصة بعد خطوة وكالة التصنيف».
وتتفاقم الأزمة مع التراجع الكبير للعملة الوطنية البيزو، والانهيار البالغ الذي شهدته بورصة الأرجنتين يوم الاثنين الماضي، حين فقد مؤشر الأسهم الرئيسي المقوم بالدولار 48 في المائة من قيمته في جلسة واحدة فقط، مسجلاً بذلك ثاني أكبر انهيار يومي في أي بورصة حول العالم منذ عام 1950.
ورغم محاولات الرئيس ماوريتسيو ماكري لدعم الاقتصاد عبر حزمة إجراءات «لتعزيز» القدرة الشرائية للطبقات الوسطى والشعبية ومحاولة التعويض عن التأخير في إصلاحاته، ومن بينها زيادة الحد الأدنى للأجور وخفض الضرائب وتجميد أسعار الوقود لثلاثة أشهر... فإن محاولاته تعرضت لضربات جديدة بعد استقالة وزير المالية نيكولاس دوخوفني.
واستقال دوخوفني غداة تخفيض وكالتي التصنيف الائتماني «فيتش» و«ستاندارد آند بورز» درجة الدين السيادي للأرجنتين بعد النكسة الانتخابية الكبيرة لماكري. ويعكس خفض درجة الأرجنتين من بي إلى «سي سي سي» من قبل وكالة فيتش، ومن بي إلى «بي سلبي» من قبل «ستاندارد آند بورز» القلق على الإصلاحات الاقتصادية التي يجريها ماكري.
وعلى الرغم من المساعدة المالية الكبيرة التي قدمها صندوق النقد الدولي وقروض أخرى هذه السنة، تعتقد وكالة التصنيف الائتماني أن الحكومة يمكن أن تواجه مشاكل لإعادة تمويل الدين بالسندات القصيرة الأمد التي تبلغ قيمتها 24 مليار دولار. ونصف هذه السندات هي بالعملة الأميركية ويفترض تسديد ثلاثة أرباعها في نهاية العام الجاري.
وفي إشارة إلى مزيد من المخاطر، أعلن الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو مساء الأحد أنّ الأرجنتينيين يسحبون أموالهم من مصارف بلادهم بكميات ضخمة تحسّباً لفوز مرشّح يسار الوسط البيروني ألبرتو فرنانديز في الانتخابات الرئاسية المقرّرة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقال الرئيس اليميني المتطرّف في تغريدة على «تويتر» «مع احتمال عودة فرقة منتدى ساو باولو (الذي يجمع الأحزاب اليسارية في أميركا اللاتينية) في الأرجنتين، فإنّ الناس يسحبون أموالهم من البنوك بكميّات ضخمة».
وفي خضم اقتصاد يشوبه انخفاض حاد لقيمة العملة، وارتفاع بالغ للتضخم مع معدلات فقر تطال أكثر من ثلث سكان البلاد، فإن انهيار البورصة وهروب الرساميل، مع تخوف الاستثمار الأجنبي، وشكوك حول قدرة البلاد على سداد ديونها، من شأنها مجتمعة أن تؤدي إلى انهيار وشيك للاقتصاد.
ووفقا لبلومبرغ، قد يؤدي كم العناوين الرئيسية السلبية إلى إطلاق موجة جديدة من اضطراب السوق بعد فترة راحة قصيرة في نهاية الأسبوع الماضي. وستكون السندات العالمية للأرجنتين أول المتأثرين، إذ ظلت أسواق العملة والأوراق المالية بالبلاد مغلقة أمس الاثنين بمناسبة عطلة محلية.
وقال نادر النعيمي رئيس ديناميكية الأسواق في شركة «إيه إم بي كابيتال إنفستورز» لبلومبرغ في سيدني إن «ذلك سيضخ المزيد من عدم اليقين». وذكر أن ذلك «يضع علامة استفهام كبيرة على الجدارة الائتمانية للبلاد ومن المرجح أن يضغط بشكل أكبر على البيزو والسندات الأرجنتينية. نحن ننتظر».
وقالت فيتش في تقريرها، إنها تتوقع أن ينكمش اقتصاد الأرجنتين بنسبة 2.5 في المائة في 2019 انخفاضا من تقدير سابق بلغ سالب 1.7 في المائة. وأضافت أنها تتوقع أن يرتفع الدين الحكومي للأرجنتين بنحو 95 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2019، كما أشارت إلى أن «خفض تصنيفات الأرجنتين يعكس ضبابية متزايدة في السياسات المالية والاقتصادية في أعقاب الانتخابات التمهيدية، وتشديداً حاداً لأوضاع التمويل، وتدهوراً متوقعاً في بيئة الاقتصاد الكلي، وهو ما يزيد من احتمالات تخلف البلاد عن سداد الدين السيادي أو إعادة هيكلته».
وقالت فيتش إن فرص فوز فرنانديز في الانتخابات تزايدت وهو ما يزيد الشكوك بشأن مستقبل خطة ماكري التقشفية التي يساندها صندوق النقد الدولي. وأضافت أن اختيار فرنانديز للرئيسة اليسارية السابقة كريستينا فرنانديز دي كوشنر لخوض الانتخابات معه على منصب نائب الرئيس، يبرز تلك الشكوك. والرئيسة السابقة منتقدة منذ وقت طويل لبرنامج صندوق النقد الدولي.
أما «ستاندارد آند بورز» فقد رأت من جهتها أن «الاضطراب المعلن في سوق المال» و«انخفاض قيمة البيزو» الأرجنتيني اللذين تليا اقتراع الأحد «أضعفا بشكل كبير الصورة المالية الهشة أصلا» للدين السيادي لهذا البلد الواقع في أميركا الجنوبية.
وتعد الديون الخارجية إحدى أبرز القضايا الرئيسية التي ستواجهها الأرجنتين في المرحلة المقبلة، وهنالك شكوك حول مدى قدرتها على سداد ما عليها من ديون خارجية، رغم التعهدات الحكومية.
ويشكك رجال أعمال أرجنتينيون في مدى مصداقية الحكومة، نظرا لميول فرنانديز إلى تبني سياسات شعبوية، قد تتضمن عند التطبيق التوقف عن سداد ديون البلاد الخارجية، لكسب مزيد من التأييد الشعبي، باعتبار أن ذلك يمثل تحدياً للبلدان الرأسمالية أو المؤسسات المالية الدولية.
وبحسب مراقبين، فإن حصة الديون الأجنبية تبلغ أكثر من 80 في المائة من إجمالي الدين العام للأرجنتين، والتي تصل إلى نحو 260 مليار دولار، ما يعني أن ضعف قيمة البيزو يرفع من تكلفة الدين بشكل كبير.
ومن بين هذه الديون فإن مستحقات تفوق 33 مليار دولار واجبة السداد بنهاية العام الجاري، بينما الاحتياطي النقدي الأجنبي للأرجنتين يقف عند حدود 66 مليار دولار؛ في حين هناك غموض حول قيمته حاليا بعد تدخل المركزي الأرجنتيني بقوة الأسبوع الماضي لوقف تدهور العملة المحلية.
ووفقا لتقرير لـ«بنك أوف أميركا ميريل لينش»، فإن احتمالية تعثر سداد الديون السيادية للعام الجاري في الأرجنتين ارتفعت بنسبة 50 في المائة، خاصة في ظل تنامي الموقف المالي الضعيف وانعدام مصداقية السوق.
ووسط هذه الظروف المالية الضاغطة، يتواصل هروب المستثمرين من السوق الأرجنتيني. وقالت شركة هوندا موتورز اليابانية، الثلاثاء الماضي، إنها ستوقف إنتاج السيارات في الأرجنتين العام المقبل، في إطار تحول عالمي في كيفية تقسيم إنتاجها بين المناطق.
وفي غضون ذلك، دعت الحكومة الأرجنتينية شركات النفط وحكام الأقاليم المنتجة للنفط لاجتماع اليوم لبحث تجميد أسعار الوقود والديزل الذي تم الإعلان عنه هذا الأسبوع، إضافة إلى محاولة طمأنة المستثمرين الأجانب على الأوضاع الداخلية.
وكان حكام الأقاليم قد أعربوا عن قلقهم بشأن قرار الحكومة الأرجنتينية الذي صدر الجمعة، بتجميد أسعار الوقود والديزل لمدة 90 يوما، حيث سيؤدي ذلك إلى خفض الإيرادات التي يحصلون عليها من إنتاج النفط.



السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)
جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)
TT

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)
جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، وبمشاركة عدد من الوزراء وصناع قرار سلاسل الإمداد ورؤساء شركات عالمية ومحلية كبرى ومؤسسات واعدة في قطاعات حيوية.

ويعقد المؤتمر في وقت تسهم فيه البلاد بدور بارز في تعزيز كفاءة سلاسل الإمداد العالمية، عبر الاستفادة من الإمكانات اللوجيستية المتينة والمتطورة التي تتمتع بها المملكة والتي تشمل شبكة قوية وفاعلة من المطارات الدولية والإقليمية وشبكة من المواني عالمية المستوى من حيث كفاءة الأداء والاتصال البحري، وشبكات من السكك الحديد والطرق البرية لدعم حركة تنقل الأفراد والبضائع.

ونجحت السعودية في تعزيز وتطوير قدراتها اللوجيستية وفق المؤشرات الدولية لدعم حركة سلاسل الإمداد ولتكون حلقة وصلٍ حيوية واستراتيجية في سلاسل الإمداد العالمية.

وتجسد النسخة السادسة من مؤتمر «سلاسل الإمداد» المكانة الرفيعة للمملكة في القطاع، كما ستسلط الضوء على أهمية تعزيز التعاون بين الشركات والجهات المعنية لتبني أفضل التقنيات المبتكرة في سلاسل الإمداد، ودعم التجارة الإلكترونية، وتحفيز الاقتصاد الرقمي وتوظيف الذكاء الاصطناعي لتطوير الخدمات المرتبطة بهذا القطاع، ما يسهم في ترسيخ مكانة السعودية بوصفها مركزاً لوجيستياً عالمياً ومحور ربط بين قارات العالم.

ويهدف المؤتمر إلى بناء شراكات جديدة مع مختلف القطاعات وتقديم رؤى وأفكار مبتكرة تسهم في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030» في هذا المجال وتعزيز التنمية المستدامة.

يذكر أن المملكة تقوم بدور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث شهد القطاع خلال الفترة الماضية تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية، تحقيقاً لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية، فقد قفزت المملكة 17 مرتبة في المؤشر اللوجيستي العالمي الصادر عن البنك الدولي.

واستثمرت كبرى الشركات العالمية اللوجيستية في المواني السعودية؛ لجاذبيتها الاستراتيجية والاقتصادية، ما يعزز كفاءة القطاع اللوجيستي وسلاسل الإمداد بالمملكة.

ويستضيف المؤتمر معرضاً مصاحباً لقطاع سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية ونخبة من الخبراء العالميين والمختصين؛ بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها، ويتضمن برنامج المؤتمر مجموعة من الجلسات الحوارية، إضافة إلى ورش العمل المصاحبة، وركن ريادة الأعمال.

كما تم استحداث منصة تهدف إلى تمكين المرأة السعودية في قطاع سلاسل الإمداد، كما يشهد المؤتمر توقيع عدد من الاتفاقيات المشتركة.