وسط درجة حرارة متدنّية للغاية، قد تصل معدلاتها إلى -47°م في فبراير (شباط) ونحو -11°م في يوليو (تموز)، يعيش ما يقرب 56 ألف نسمة على جزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك، والتي أثارت اهتمام الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فصرح أن إدارته تدرس شراءها من الدنمارك.
تقع غرينلاند التي تعد أكبر جزيرة في العالم بين شمال المحيط الأطلسي والمحيط المتجمد الشمالي، حو+ث تبعد بأقل من 1600 كيلومتر عن القطب الشمالي.
وعلى رغم انتماء جغرافيتها الطبيعية ومنابتها العرقية إلى منطقة القطب الشمالي وجغرافياً إلى قارة أميركا الشمالية، ترتبط غرينلاند سياسياً وتاريخياً بأوروبا، وبخاصة آيسلندا، والنرويج، والدنمارك.
ويعيش نحو ربع السكان في العاصمة نوك، وتتألف بقية البلاد من بلدات صغيرة ومستوطنات ساحلية معزولة لا يزال الناس يعتمدون فيها على الطرق التقليدية للصيد وصيد الأسماك ولحوم الحيتان، وذلك وفقاً لما ذكرته مجلة «ذا نيويوركر» الأميركية.
حتى مطلع يناير (كانون الثاني) 2009 كانت غرينلاند مقسّمة إدارياً إلى ثلاث مقاطعات (أفنا، وتونيون، وكيتافي)، إلى أن تم تغيير التقسيم الإداري، وإعادة تنظيم الأراضي إلى أربع بلديات (كوجالك، وكاستويتسوبب، وكيكاتا، وسيرموسوك). وتتمتع الجزيرة بالحكم الذاتي، فيما الدنمارك مسؤولة عن السياسة الخارجية والدفاع والسياسة النقدية.
وتشتهر غرينلاند بموقعها الجغرافي الاستراتيجي وبأنها غنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك الحديد والرصاص والزنك والماس والذهب واليورانيوم وغيرها، مما جعل قوى عالمية أخرى تهتم بشرائها، بما في ذلك الصين وروسيا، إلى جانب الولايات المتحدة.
وكثير من هذه الموارد غير مستغلة حالياً نظراً إلى كون نسبة 80% من مساحة الجزيرة مغطاة بطبقة جليدية. لكن بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، فإن تلك الطبقة الجليدية تذوب بسرعة، ومن المتوقع أن يؤدي تآكل الغطاء الجليدي إلى جعل استخراج موارد غرينلاند الطبيعية أكثر قابلية للتنفيذ.
ترمب... ورغبته في شرائها
في الآونة الأخيرة تناولت تقارير إعلامية رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في شراء الجزيرة من الدنمارك، قائلاً إن المنطقة مثيرة للانتباه «استراتيجياً»، وعبّرت الدنمارك عن رفضها لهذا الطلب الذي أوضحت الإدارة الأميركية أنها بصدد درسه.
وذكرت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية أن سبب اهتمام ترمب بالجزيرة هو الاستفادة من المعادن النفيسة الكامنة في أرضها والتي يمنع البرد القارس الوصول إليها إلا بتكلفة كبرى، ولكن هذا الوضع يتغير الآن بسبب ارتفاع درجات حرارة الأرض والتطور التقني.
وفي تصريحات لصحيفة «سيرمتسياك» الدنماركية، قالت رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن في أثناء زيارتها لغرينلاند: «غرينلاند ليست للبيع. غرينلاند ليست دنماركية. غرينلاند ملك مواطنيها. لديّ أمل قوي ألا يكون ذلك جدياً».
غرينلاند «موطن الإسكيمو»
يعود تاريخ الجزيرة إلى ما قبل التاريخ حيث كانت موطناً للباليو - إسكيمو في الفترة بين 2500 و800 قبل الميلاد، واكتشف العلماء أثراً في ديسكو باي (شمال غرينلاند) يعود إلى 1300 سنة قبل الميلاد.
احتل الفايكنغ النرويجيون والآيسلانديون غرينلاند عام 875م، وكانت غالبية مناطق تمركزهم في الخلل الجنوبية الغربية للجزيرة. وازدادت أعداد المهاجرين الاسكندنافيين إلى 3000 شخص بحلول عام 1261م. وفي العام نفسه صوّت السكان لصالح الاتحاد مع النرويج. وعندما اتّحدت الأخيرة مع الدنمارك عام 1380م خضعت غرينلاند لحكم الدنمارك.
بداية علاقة أميركا بالجزيرة
في أثناء الحرب العالمية الثانية غزا الألمان الدنمارك، وتكفلت الولايات المتحدة عام 1941 بالدفاع عن غرينلاند، وتمكنت بالتعاون مع الدنمارك من تدمير محطات الأرصاد التي أقامتها ألمانيا في الجزيرة، وأقامت الولايات المتحدة محطات وقواعد عسكرية فيها.
عام 1951 توصل الأميركيون مع الدانماركيين إلى اتفاقية عسكرية تقضي بأن يكون دفاع غرينلاند من مسؤوليات حلف شمال الأطلسي. وقد أقامت الولايات المتحدة عام 1961 أكبر محطة رادار في العالم في غرينلاند.
وهذه ليست المرة الأولى التي تُبدي فيها الولايات المتحدة الرغبة في شراء غرينلاند. ففي 1946، في عهد الرئيس هاري ترومان، عرضت الولايات المتحدة على الدنمارك 100 مليون دولار لشراء الجزيرة التي تبلغ مساحتها مليوني كيلومتر مربع، ورفض الدنماركيون العرض.
الحكم الذاتي
منحت الدنمارك الجزيرة الحكم الذاتي عام 1979. وفي 2008 صوّت معظم الغرينلانديين على منحهم حق تقرير المصير ونقل مزيد من الصلاحيات إلى الحكومة المحلية. وقد بدأ تطبيق النظام الجديد في يونيو (حزيران) 2009، حين أصبحت اللغة الغرينلاندية اللغة الرسمية الوحيدة في البلاد، مع التزام الحكومة الملكية الدنماركية بمسؤولية توفير دعم مالي يقدّر بنحو 3.4 مليار كرونة دنماركية سنوياً لغرينلاند.