على وقع السلام... نساء أفغانستان يتخوفن من عودة الزمن إلى الوراء

تبلغ نسبة تمثيلهن في البرلمان 28 %

طفلات أفغانيات يدرسن في أحد المخيمات بعد تهدم مدرستهن بفعل الحرب مع «طالبان» (نيويورك تايمز) - (في الإطار) السفيرة الأفغانية رويا رحماني (نيويورك تايمز)
طفلات أفغانيات يدرسن في أحد المخيمات بعد تهدم مدرستهن بفعل الحرب مع «طالبان» (نيويورك تايمز) - (في الإطار) السفيرة الأفغانية رويا رحماني (نيويورك تايمز)
TT

على وقع السلام... نساء أفغانستان يتخوفن من عودة الزمن إلى الوراء

طفلات أفغانيات يدرسن في أحد المخيمات بعد تهدم مدرستهن بفعل الحرب مع «طالبان» (نيويورك تايمز) - (في الإطار) السفيرة الأفغانية رويا رحماني (نيويورك تايمز)
طفلات أفغانيات يدرسن في أحد المخيمات بعد تهدم مدرستهن بفعل الحرب مع «طالبان» (نيويورك تايمز) - (في الإطار) السفيرة الأفغانية رويا رحماني (نيويورك تايمز)

تقول السيدة رويا رحماني سفيرة أفغانستان لدى الولايات المتحدة: «لا بد لأفغانستان من التحرر من الخوف والإساءة، بموجب اتفاق السلام النهائي». يثير الاتفاق المزمع إبرامه بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان» بشأن المحادثات الجديدة مع كابل، المخاوف حول فقدان المرأة الأفغانية حقوقها في الحكومات الأفغانية المستقبلية.
لم تكن السيدة رويا رحماني تنحدر من العائلات المالكة أو من الأسر السياسية القوية، ومن ثم كانت متفاجئة تماماً من نبأ تسميتها أول امرأة أفغانية تمثل بلادها كسفيرة أفغانية رسمية لدى الولايات المتحدة الأميركية. وهي تدرك السبب وراء ذلك الآن: تبعث الحكومة الأفغانية برسالة تفيد بالتزام كابل بضمان حقوق المرأة في الوقت الذي تعمل فيه إدارة الرئيس ترمب على مسار السلام مع حركة «طالبان».
تتذكر السيدة رحماني، الناشطة الحقوقية المخضرمة، الأوضاع التي كانت تعانيها أفغانستان خلال عقد التسعينات إبان سنوات حكم حركة «طالبان»، عندما كانت النساء يتعرض للضرب والمهانة بسبب مغادرة المنازل، مع الحرمان الكامل من التعليم أو العمل. وتقول في مقابلة أُجريت معها الأسبوع الجاري: «نتخوف من عودة الزمن إلى الوراء، لقد استنزفوا الأمل من قلوب الناس، كانوا كمثل الموتى الأحياء آنذاك»، وهي تلاحظ الآن أن المرأة الأفغانية تمثل 28% من الجمعية الوطنية الأفغانية (البرلمان الأفغاني)، وهي نسبة تفوق تمثيل المرأة في كونغرس الولايات المتحدة الأميركية.
لكن، مع تحرك حركة «طالبان» والولايات المتحدة الأميركية على مسار اتفاق السلام المبدئي –الذي يُتوقع الإعلان عنه في غضون أيام– تتزايد المخاوف الداخلية في أفغانستان بشأن فقدان المرأة الأفغانية المكاسب التي تمكنت من تحقيقها خلال العقدين الماضيين من الزمان.
ومن المتوقع للاتفاق المشار إليه، الذي استمرت محادثاته عبر الشهور الأخيرة بين المسؤولين من الإدارة الأميركية وممثلين عن حركة «طالبان» الأفغانية، أن يضع الخطوط العريضة المعنية بانسحاب 14 ألف جندي أميركي من البلاد في نهاية المطاف ثم تمهيد الطريق لإجراء محادثات أخرى بين الحركة والحكومة الأفغانية في المستقبل. وأشار المسؤولون إلى أنه من غير المنتظر أن يشتمل الاتفاق المبدئي على بنود محددة تضمن حصول المرأة الأفغانية على نصيبها من الفرص المتساوية في التعليم، والتوظيف، والحكومة.
ومن المفترض مناقشة حقوق المرأة الأفغانية في المباحثات المستقبلية، مما قد يسفر عن اتفاقية لتقاسم السلطة بين الحكومة الأفغانية وحركة «طالبان». رغم تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين والأفغان أن حركة «طالبان» تبدو أكثر قبولاً لمسألة حقوق المرأة هذه المرة مقارنةً بالماضي. إلا أن بعض المسؤولين تساورهم المخاوف بشأن حصول المرأة الأفغانية على حقوق «شفهية مجردة» ضمن بنود الاتفاق النهائي، أو تجاهلهن دونه بالكامل.
تقول السيناتورة الأميركية جيان شاهين، الديمقراطية من نيوهامشير، وهي السيدة الوحيدة في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في الكونغرس: «أعربت المرأة الأفغانية عن موقفها بكل صراحة ووضوح أنهن يرغبن في السلام من دون اضطهاد».
وأضافت أن الإدارة الأميركية الحالية في حاجة إلى الإدراك التام أن النساء الأفغانيات يمثلن أعظم ما تملكه أفغانستان من أصول لتعزيز قضية الحرية في تلك البلاد التي مزقتها الحروب، وأنه لا يجب لحقوقهن ومستقبلهن أن يضيعا ضمن طيات المداولات والمفاوضات الجارية.
بعد إطاحة الجيش الأميركي بحكم حركة «طالبان» من السلطة في أفغانستان عام 2001 بهدف ملاحقة تنظيم «القاعدة» وزعيمه أسامة بن لادن، تمكنت المرأة الأفغانية من مغادرة المنازل بحثاً عن التعليم والعمل. وهناك اليوم أكثر من 3.5 مليون فتاة مسجلة في المدارس بمختلف مراحلها، وأكثر من 100 ألف امرأة أفغانية ملتحقة بالجامعات وفقاً لتقديرات وزارة الخارجية. ويقدر المحللون الأميركيون أن ما يقرب من 85 ألفاً من النساء الأفغانيات يعملن في مهن التدريس، والمحاماة، والشرطة، والرعاية الصحية. وهناك أكثر من 400 امرأة أفغانية دخلت المضمار السياسي في الانتخابات العامة التي أُجريت الخريف الماضي.
بيد أن أكثر ما حققته المرأة الأفغانية من مكاسب موزع بين العاصمة كابل وكبريات المدن الأفغانية الأخرى. وفي السنوات الأخيرة، تمكنت حركة «طالبان» من بسط المزيد من السيطرة والنفوذ على المناطق الريفية من البلاد. وتسيطر الحركة على نحو 10% من سكان البلاد –أي ما يمثل 59 مقاطعة من مقاطعات البلاد البالغ عددها 407 مقاطعات، وذلك وفقاً لمكتب المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان. وهناك نزاع قائم ومستمر على 119 مقاطعة أفغانية أخرى.
يحاول المسؤولون الأميركيون والأفغان، في المرحلة الثانية من محادثات السلام، الإصرار على الوقف الدائم لإطلاق النار. غير أن هذا الإجراء لن يضمن للمرأة الأفغانية السلام التام كما قالت السفيرة رويا رحماني.
وأضافت السفيرة رحماني: «عندما نتحدث عن السلام، والبيئة السلمية لجميع المواطنين، فإننا لا نتحدث فقط عن اختفاء الأسلحة والرصاص والقنابل، وإنما نتحدث عن بيئة يتوافر فيها الأمن الإنساني، حيث يعيش المواطنون في غياب تام لكل أشكال العنف، ولا أقصد العنف البدني فقط، وإنما العنف المعنوي كذلك. لا بد لأفغانستان كي تتحرر تماماً أن تكون خالية من جميع أشكال الخوف والإساءة».
ونشأت السيدة رويا رحماني في العاصمة الأفغانية كابل، وهي تبلغ من العمر الآن 41 عاماً، ولكنها انتقلت إلى الحياة في مدينة بيشاور الباكستانية المجاورة للحدود الأفغانية، وذلك بعد اندلاع الحرب الأهلية الأفغانية في عام 1992 تلك التي سارعت من صعود حركة «طالبان» داخل البلاد. وفي رحلة زيارة إلى كابل رفقة عائلتها في عام 1998، كما تتذكر، أصيبت بصدمة مروعة لما شاهدته من خراب ودمار تحولت بسببه العاصمة إلى شبه مدينة أشباح، بلا بنية تحتية أو موارد أو مرافق، وحيث يضع الناس الأغطية الثقيلة على النوافذ للحيلولة دون تلصص شرطة «طالبان» الدينية على المنازل ورؤية ما بداخلها، الذي مهما بدا عادياً أو حميداً فإنه يستحق العقاب.
ومن المتوقع للنقاش حول قضية حقوق المرأة الأفغانية في الاتفاق النهائي أن يثير انقسامات واسعة النطاق على طول طيف التفسيرات المختلفة لدور المرأة في الإسلام بين مختلف الأطراف المعنية.
ووفق الدستور الأفغاني، المعتمد رسمياً في البلاد اعتباراً من عام 2004، يتمتع الرجال والنساء في المجتمع الأفغاني بحقوق وواجبات قانونية متساوية، ويحظر الدستور تماماً التمييز بينهم، وينص على توفير فرص التعليم المتوازن للمرأة الأفغانية. كما ينص كذلك على أن جميع القوانين والأحكام والبنود تلتزم بالأحكام والعقيدة.
وفي بيان صادر في فبراير (شباط) الماضي، قالت حركة «طالبان» إنها تدرك تماماً أن للمرأة حقوقاً محددة في الإسلام، بما في ذلك حق التعليم وحق العمل، وحقوق الميراث، والملكية، وحرية اختيار الأزواج. وتابعت الحركة تقول في البيان الذي صدر في منتدى موسكو: «تقوم سياسة الحركة على حماية حقوق المرأة بطريقة لا تعد انتهاكاً لحقوقها المشروعة، ولا تتعدى على كرامتها الإنسانية، ولا تهدر القيم الأفغانية العريقة». غير أن البيان ذاته عاد فوصف التأثيرات غير الأخلاقية وغير اللائقة من جانب الغرب والتي شجعت المرأة الأفغانية على انتهاك العادات والتقاليد الأفغانية المحترمة تحت شعار حماية حقوق المرأة، وأشار البيان كذلك إلى نشر المسلسلات الدرامية الغربية التي لا تحترم التقاليد الإسلامية ولا تعتد بالعادات الأفغانية مما يؤدي إلى إفساد النساء الأفغانيات.
• «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

لماذا اختار ترمب ولاية سوكوتو هدفاً لعمليته العسكرية في نيجيريا؟

تحليل إخباري سكان يتفقّدون آثار الضربة الأميركية في قرية أوفا يوم 27 ديسمبر (أ.ف.ب)

لماذا اختار ترمب ولاية سوكوتو هدفاً لعمليته العسكرية في نيجيريا؟

لا يزالُ الغموض يلُفّ تفاصيل الضربات الصاروخية التي نفّذتها الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» في نيجيريا، الخميس، وخصوصاً أسباب اختيار ولاية سوكوتو.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا صورة مأخوذة من فيديو نشرته وزارة الحرب الأميركية تُظهر إطلاق صاروخ من سفينة عسكرية في موقع غير محدد 25 ديسمبر (رويترز)

نيجيريا تتوقَّع ضربات أميركية جديدة ضد الإرهابيين

توقّعت نيجيريا، أمس، مزيداً من الضربات ضد أهداف إرهابية، بعد تلك التي نفّذتها القوات الأميركية في شمال البلاد، مساء الخميس.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا تُعرض الصفحات الأولى من الصحف التي تُغطي الغارات الجوية الأميركية على مقاتلي «تنظيم الدولة الإسلامية» في نيجيريا وفقاً لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب والجيش الأميركي في كشك لبيع الصحف في لاغوس بنيجيريا بتاريخ 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025 (رويترز)

ما هو تنظيم «داعش» الذي استهدفته ضربة أميركية في نيجيريا؟

سلّطت الضربة التي وجّهتها الولايات المتحدة لمسلحي «داعش» في نيجيريا الضوء على التنظيم، وسط مخاوف من عودته من جديد بعد هزيمته على يد تحالف بقيادة واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا قوات أمن في النيجر (أرشيفية)

قتيلان بهجوم على كنيسة في النيجر

قُتل رجل وزوجته، مساء الأربعاء، بهجوم نفّذه مسلّحون على كنيسة في منطقة دوسو جنوب غربي النيجر، وفق ما أفادت مصادر محلية.

«الشرق الأوسط» (نيامي (النيجر) )
آسيا تُعرض الصفحات الأولى من الصحف التي تُغطي الغارات الجوية الأميركية على مقاتلي «داعش» في نيجيريا وفقاً لتصريحات الرئيس دونالد ترمب والجيش الأميركي بكشك لبيع الصحف في لاغوس 26 ديسمبر 2025 (رويترز)

ما هو تنظيم «داعش» الذي استهدفته ضربة أميركية في نيجيريا؟

سلَّطت الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة لمسلحي «داعش» في نيجيريا الضوء على التنظيم، وسط مخاوف من عودته من جديد بعد هزيمته على يد تحالف بقيادة واشنطن.

«الشرق الأوسط» (لندن - دبي)

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
TT

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)

تحقق الشرطة الأسترالية بشأن «حريق مشبوه» بعدما اندلعت النيران في سيارة وُضعت عليها لافتة للاحتفال بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) في ملبورن، اليوم (الخميس).

وأُحرقت السيارة الخالية التي وُضعت على سقفها لافتة كُتب عليها «عيد حانوكا سعيد» بينما كانت متوقفة عند منزل، بحسب ما أظهرت صور بثّتها شبكة «إيه بي سي».

وذكرت شرطة فيكتوريا، في بيان، أن «الحريق المشبوه» وقع في الساعات الأولى من صباح الخميس في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن.

وتم إخلاء المنزل كإجراء احترازي.

وقالت الشرطة إن «المحققين تعرّفوا على شخص قد يكون قادراً على مساعدتهم في تحقيقهم ويجرون عمليات بحث بشأن مكانه».

وشددت السلطات الأسترالية القوانين والعقوبات المرتبطة بجرائم الكراهية بعد إطلاق النار الذي استهدف حفلاً لمناسبة «حانوكا» على شاطئ بونداي في سيدني، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً.

وقال الحاخام إيفي بلوك من كنيس حاباد في سانت كيلدا إنه من الواضح أن حادثة إحراق السيارة تندرج في إطار الاعتداءات المعادية للسامية.

وأفاد لوكالة الصحافة الفرنسية: «نشكر الله لأن أحداً لم يتعرض إلى الأذى... لكن ما يجري هو تصعيد متواصل مع تكرار هذه الأحداث».

وأضاف: «لا يشعر أفراد جاليتي اليهودية في سانت كيلدا وملبورن بالأمان في منازلهم وبلدهم».


تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
TT

تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)

أدانت المفوضية الأوروبية ومسؤولون في الاتحاد، الأربعاء، بشدة العقوبات الأميركية المفروضة على خمس شخصيات أوروبية ذات صلة بتنظيم قطاع التكنولوجيا، ومن بينها المفوض السابق تييري بروتون.

كانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت، الثلاثاء، حظر منح تأشيرات دخول لبروتون وأربعة نشطاء، متهمة إياهم بالسعي إلى «إجبار» منصات التواصل الاجتماعي الأميركية على فرض رقابة على وجهات النظر التي يعارضونها.

وصعّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجماتها على قواعد الاتحاد الأوروبي بعدما فرضت بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر غرامة على شركة «إكس» التابعة لإيلون ماسك، لانتهاكها بنود قانون الخدمات الرقمية (DSA) المتعلقة بالشفافية في الإعلانات وطرقها، لضمان التحقق من المستخدمين، ومن أنهم أشخاص حقيقيون.

«محاولة للطعن في سيادتنا»

وجاء في بيان صادر عن المفوضية: «لقد طلبنا توضيحات من السلطات الأميركية وما زلنا على تواصل معها. وإذا لزم الأمر، فسنرد بسرعة وحزم للدفاع عن استقلاليتنا التنظيمية ضد الإجراءات غير المبررة».

وأضافت: «تضمن قواعدنا الرقمية بيئة عمل آمنة وعادلة ومتكافئة لجميع الشركات، ويتم تطبيقها بشكل عادل ودون تمييز»، مشددة على أن «حرية التعبير حق أساسي في أوروبا، وقيمة جوهرية مشتركة مع الولايات المتحدة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المفوضية إن «الاتحاد الأوروبي سوق موحدة مفتوحة وقائمة على القواعد، وله الحق السيادي في تنظيم النشاط الاقتصادي، بما يتماشى مع قيمنا الديمقراطية والتزاماتنا الدولية».

بدورها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن «قرار الولايات المتحدة فرض قيود على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين غير مقبول»، وإن «فرض أميركا قيوداً على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين محاولة للطعن في سيادتنا».

وأضافت أن أوروبا «ستواصل الدفاع عن قيمها والقواعد الرقمية العادلة والحق في تنظيم فضائنا الخاص».

«يرقى إلى مستوى الترهيب»

ونددت دول في الاتحاد الأوروبي بالإجراء الأميركي.

وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، أن حظر التأشيرات «يرقى إلى مستوى الترهيب والإكراه ضد السيادة الرقمية الأوروبية».

وقال على «إكس»: «تدين فرنسا قرارات تقييد التأشيرات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد تييري بروتون وأربع شخصيات أوروبية أخرى»، مؤكداً أن الأوروبيين سيواصلون الدفاع عن «سيادتهم الرقمية» و«استقلالهم التنظيمي».

بدوره، أعلن متحدث ​باسم الحكومة البريطانية، الأربعاء، أن بريطانيا ملتزمة بدعم الحق في حرية التعبير. وقال في بيان نقلته وكالة «رويترز»: «مع أن كل ⁠دولة تمتلك الحق في ‌وضع قواعد التأشيرات ‍الخاصة بها، إلا أننا ‍ندعم القوانين والمؤسسات التي تعمل على إبقاء (شبكة) الإنترنت خالية من ​المحتوى الأكثر ضرراً».

وأضاف: «يجب ألا تُستخدم ⁠منصات التواصل الاجتماعي لنشر مواد الاستغلال الجنسي للأطفال أو التحريض على الكراهية والعنف أو نشر معلومات زائفة ومقاطع فيديو لهذا الغرض».

وفي برلين، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن القرار «غير مقبول»، مضيفاً: «يضمن قانون الخدمات الرقمية أن أي نشاط غير قانوني خارج الإنترنت، يكون غير قانوني أيضاً عبر الإنترنت».

«إجراءات غير مقبولة بين الحلفاء»

كما دانت وزارة الخارجية الإسبانية حظر التأشيرات، منددة بـ«إجراءات غير مقبولة بين الشركاء والحلفاء».

وقالت في بيان: «تعرب الحكومة الإسبانية عن تضامنها مع المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون وقادة منظمات المجتمع المدني الذين يكافحون التضليل وخطاب الكراهية»، مشددة على أن ضمان «مساحة رقمية آمنة» أمر «أساسي للديمقراطية في أوروبا».

وشمل الحظر بروتون، المسؤول الأوروبي السابق عن تنظيم قطاع التكنولوجيا، الذي غالباً ما تصادم مع كبار النافذين فيه مثل ماسك بشأن التزاماتهم قواعد الاتحاد الأوروبي.

كما استهدف الإجراء عمران أحمد من مركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH)، وهي منظمة تحارب الكراهية عبر الإنترنت والمعلومات المضللة والكاذبة، وآنا لينا فون هودنبرغ وجوزفين بالون من منظمة «هايت إيد» (HateAid) الألمانية، وكلير ميلفورد التي تقود مؤشر التضليل العالمي (GDI) ومقره المملكة المتحدة.

«إدارة تحتقر سيادة القانون»

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية والخدمات ستيفان سيجورنيه، الأربعاء، إن العقوبات الأميركية على سلفه، لن تمنعه من القيام بعمله.

وكتب على منصة «إكس»: «لقد عمل سلفي تييري بروتون بما يخدم المصلحة العامة الأوروبية، ملتزماً بالتفويض الذي منحه الناخبون عام 2019».

وأضاف: «لن تسكت أي عقوبة سيادة الشعوب الأوروبية. تضامني الكامل معه ومع جميع الأوروبيين المتضررين».

ونددت منظمة «هايت إيد» بالعقوبات. ووصفت في بيان الخطوة الأميركية بأنها «عمل قمعي من قبل إدارة تحتقر سيادة القانون بشكل كبير، وتحاول بكل الوسائل إسكات منتقديها».

ويقود ترمب هجوماً كبيراً على قواعد التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي التي تفرض لوائح على ضوابط مثل الإبلاغ عن المحتوى الإشكالي، وهو ما تعده الولايات المتحدة هجوماً على حرية التعبير.

وقد نددت واشنطن بالغرامة البالغة 140 مليون دولار التي فرضها الاتحاد الأوروبي في بداية ديسمبر (كانون الأول) على منصة «إكس» المملوكة لماسك، ووصفها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنها «هجوم على جميع منصات التكنولوجيا الأميركية والشعب الأميركي من جانب حكومات أجنبية».


ولاية أسترالية تشدد قوانين حيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب بعد هجوم بونداي

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
TT

ولاية أسترالية تشدد قوانين حيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب بعد هجوم بونداي

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)

أقرت ولاية نيو ساوث ويلز في أستراليا، الأربعاء، حزمة واسعة من القواعد الجديدة المتعلقة بحيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب، وذلك عقب واقعة إطلاق النار العشوائي التي حدثت على شاطئ بونداي، وأدت إلى فرض «قيود على حيازة الأسلحة النارية» وحظر عرض «الرموز المتعلقة بالإرهاب» في الأماكن العامة، و«تعزيز صلاحيات الشرطة للحد من الاحتجاجات».

وأقر برلمان ولاية نيو ساوث ويلز مشروع قانون لتعديل تشريع الإرهاب وتشريعات أخرى، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، بعد أن وافقت الغرفة العليا في البرلمان عليه، بغالبية 18 صوتاً مقابل 8 أصوات، خلال جلسة طارئة.

كريس مينز رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز (رويترز)

وقال كريس مينز، رئيس وزراء نيو ساوث ويلز، إن بعض السكان في الولاية يرفضون حزمة التعديلات ‌الصارمة، لكنه أكد ‌أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على سلامة ‌المواطنين.

يأتي ​ذلك ‌في أعقاب إطلاق النار الذي وقع في 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، خلال احتفال بعيد «حانوكا» اليهودي، وأدى إلى مقتل 15 شخصاً وإصابة العشرات.

وأضاف مينز للصحافيين: «لقد تغيّرت سيدني وولاية نيو ساوث ويلز إلى الأبد نتيجة ذلك العمل الإرهابي».

وكانت الغرفة الأدنى في البرلمان أقرت مشروع القانون، الثلاثاء، بدعم من «حزب العمال» الحاكم المنتمي إلى تيار يسار الوسط، و«حزب الأحرار» المعارض، فيما عارض «الحزب الوطني» إجراء تعديلات على تشريعات الأسلحة، قائلاً إن «وضع حد لحيازة الأسلحة سيضر بالمزارعين».

وأدى هجوم بونداي المسلح، الأكثر ‌إزهاقاً للأرواح في أستراليا منذ نحو ‍3 عقود، إلى إطلاق دعوات لتشديد قوانين الأسلحة النارية، واتخاذ إجراءات أشد صرامة ضد معاداة السامية.

خبراء الأدلة الجنائية خلال معاينة جثة أحد الضحايا بموقع إطلاق النار بشاطئ بونداي في سيدني (أرشيفية - إ.ب.أ)

وتنص القوانين الجديدة على أن يكون الحد الأقصى لمعظم التراخيص الممنوحة للأفراد هو 4 قطع من الأسلحة النارية، مع السماح بما يصل إلى 10 للمزارعين.

وتعتقد الشرطة أن المسلحَين المشتبه في تنفيذهما الهجوم استلهما أفكارهما من تنظيم «داعش» الإرهابي. وقُتل أحد المنفذَين واسمه ساجد أكرم (50 عاماً) برصاص الشرطة، في حين اتُّهم ابنه نافيد (24 عاماً) بارتكاب 59 جريمة؛ منها القتل والإرهاب.

لكن جماعات ناشطة نددت بالقانون، وأشارت إلى عزمها الطعن فيه دستورياً. وقالت جماعات «فلسطين أكشن» و«يهود ضد الاحتلال» و«بلاك كوكاس»، إنها ستتقدم بطعن قانوني ضد ما وصفتها بأنها «قوانين قمعية مناهضة للاحتجاج» جرى تمريرها على عجل في برلمان الولاية.

وأضافت في بيان: «من الواضح أن حكومة (الولاية) تستغل هجوم بونداي المروع للدفع بأجندة سياسية تقمع المعارضة السياسية وانتقاد إسرائيل، وتحد من الحريات الديمقراطية».

لقطة من فيديو بصفحة رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز على «إكس» تُظهره وهو يلتقي بمستشفى في سيدني السوري أحمد الأحمد الذي انتزع سلاح أحد المهاجمَين خلال هجوم شاطئ بونداي (أ.ف.ب)

وتوعد رئيس الوزراء، أنتوني ألبانيزي، بتشديد الإجراءات ضد خطاب الكراهية، إذ تعتزم الحكومة الاتحادية تقديم تشريعات لتسهيل ملاحقة من يروجون للكراهية والعنف، وإلغاء أو رفض منح التأشيرة لأي شخص متورط في خطاب الكراهية.

ورداً على الانتقادات الموجهة للحكومة بأنها لا تبذل جهوداً كافية ‌للحد من معاداة السامية، قال ألبانيزي إنه تحدث إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ، الثلاثاء، ودعاه إلى إجراء زيارة رسمية لأستراليا في أقرب وقت ممكن.

اعتقال مؤيد

وفي السياق ذاته، قالت شرطة أستراليا الغربية إن رجلاً اعتقل في بيرث عقب تحقيق في كتابته «تعليقات معادية للسامية على مواقع التواصل الاجتماعي». وبعد ساعات من الهجوم المميت على احتفال يهودي بشاطئ بونداي تردد أن الرجل أبدى دعمه لمطلقَي النار عبر تطبيق «إنستغرام». ونقلت وسائل الإعلام المحلية المنشور الذي يقول: «أدعم مائة في المائة مطلقَي النار في نيو ساوث ويلز. الحق في الدفاع عن النفس ضد اليهود، وكل اليهود المستقبليين». واتُّهم الرجل، الذي يبلغ 39 عاماً، «بارتكاب سلوك يهدف إلى المضايقة العنصرية، وحمل أو حيازة سلاح ممنوع، وتخزين سلاح ناري ومواد ذات صلة في مخزن غير ملائم».

رواد شاطئ بونداي يفرون بعد إطلاق النار (أ.ف.ب)

وصادرت الشرطة كثيراً من الأسلحة المسجلة، وكذلك كمية من الذخيرة عند تنفيذ مذكرة تفتيش بمنزل الرجل، الثلاثاء، في إطار «عملية دالوود» التي أطلقتها شرطة أستراليا الغربية عقب الهجوم الإرهابي بشاطئ بونداي. وقالت نائبة رئيس وزراء أستراليا الغربية، ريتا سافيوتي، في مؤتمر صحافي الأربعاء، إن الشرطة عثرت «على أسلحة ممنوعة وأعلام على صلة (بميليشيا) حزب الله و(حماس)». وقالت شبكة «إيه بي سي» الأسترالية إن ممثلي الادعاء قالوا، أمام إحدى محاكم بيرث، إن قائمة تسوق لإعداد قنبلة، و6 بنادق مسجلة، ونحو 4 آلاف طلقة، عثر عليها في مقر سكن الرجل».