تقرير يتّهم شركتين لبنانيتين بتهريب النفط الإيراني إلى سوريا

تحذيرات من تحويل لبنان ساحة للالتفاف على العقوبات

TT

تقرير يتّهم شركتين لبنانيتين بتهريب النفط الإيراني إلى سوريا

اتهم تقرير غربي شركتين لبنانيتين بتهريب النفط الإيراني إلى النظام السوري، في مخالفة للعقوبات الأميركية المفروضة على طهران. وفيما رأى خبراء أن «عدم تضمّن التقرير وثائق تثبت صحّته، يضفي على الموضوع مزيداً من الضبابية»، حذّر آخرون من «تحويل لبنان ساحة للالتفاف على العقوبات الدولية»، وأكدوا أن «هذا الإجراء يضرّ بلبنان الذي يراقب بقلق تصنيفه الائتماني من قبل الشركات الدولية». ولم يتسنّ للـ {الشرق الأوسط} الاتصال بالشركتين لتأكيد أو نفي الاتهام.
ونشر موقع التتبع الدولي لناقلات النفط «تانكرز تراكرز» تقريراً، أعلن فيه أن «السجلات التجارية اللبنانية وبيانات التتبع للسفن، أظهرت أن شركتين تعملان بالخفاء، تملكان وتديران ناقلات نفط تنقل النفط الخام الإيراني سراً في البحر الأبيض المتوسط إلى سوريا». وكشف أن «الناقلتين (ساندرو) و(ياسمين) أوقفتا بث إشارات مواقعهما شرق البحر المتوسط، وتقومان بنقل النفط الإيراني من أو إلى سفن أخرى قبالة الساحل السوري، وهو الأسلوب الذي تستخدمه إيران للتهرب من العقوبات الأميركية».
وأشار التقرير إلى أن «الناقلة ساندرو أوقفت أجهزتها للبث بعد 5 أيام، لكن صور الأقمار الصناعية التابعة لوكالة (تانكر تراكرز) رصدتها».
وقال: «في واقعة مماثلة، اختفى موقع الناقلة (الياسمين) عن أجهزة الرادارات أثناء وجودها في مياه البحر المتوسط، وهذه الناقلة مدرجة على قائمة الولايات المتحدة لرصد الأنشطة غير المشروعة». ولم يصدر أي موقف رسمي لبناني حيال هذه المعلومات، سواء عن وزارة الخارجية أو وزارة الاقتصاد، المعنيتين بالردّ على هذه المعلومات وتوضيحها، لكنّ الخبير الاقتصادي اللبناني جاسم عجاقة لفت إلى أن «هناك طرقاً عدّة تستخدمها إيران لتصدير نفطها والتهرب من العقوبات قد تكون هذه من بينها، لكن من الصعب التثبّت من صحّة تورط أشخاص لبنانيين أو شركات لبنانية في هذه المسألة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عادة لا أحد يعرف من يملك هذه الباخرة أو تلك، وغالباً ما تستخدم ناقلات النفط أعلام دول كبرى لتحمي نفسها من القراصنة»، لافتاً إلى أن «بواخر النفط التابعة لشركات تجارية، تلجأ أحياناً إلى تغيير وجهتها في البحر مرّات عدة في الرحلة الواحدة، فهي تنطلق باتجاه دولة معينة، لكنها تعود وتختار وجهة أخرى، بناء لطلب تاجر النفط، لأن من يدفع له أكثر يبيعه». أما عن هوية الشركات التي تملك هاتين الباخرتين، فلفت عجاقة إلى «صعوبة تحديدها، لأن الباخرة قد تكون مملوكة من شركة تجارية، أو مستأجرة من قبلها، أو تستخدمها هذه الشركة لنقل البضائع أو النفط، وهذا ما يزيد التشويش حول هذه المسألة»، ملاحظاً في الوقت نفسه أن «تقرير موقع (تانكرز تراكرز) لم يقترن بوثائق، أو أقلّه لم ينشر وثائقه لتثبت هذا الشيء، كما أنه لم يصدر بعد تقرير أميركي يتبنّى هذه المعلومات أو يعلّق عليها».وعلّقت المعارضة الإيرانية على هذا التقرير بالقول، إن «السفينتين مملوكتان لشركات لبنانية، لكن لا يُعرف الكثير عنهما، فيما عدا أن المالكين اللبنانيين المدرجة أسماؤهم في هذه الشركات هم مروان رمضان وبلال عتريس وخالد ديب». وأضاف أن من يدير هذه العملية قد يكون رجل الأعمال السوري سامر فوز الموضوع على لائحة العقوبات الأميركية.
من جهته، تخوّف مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية سامي نادر، من الانعكاسات السلبية لهذا التصرّف على لبنان. وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأميركيين لا يمزحون في موضوع العقوبات»، مذكراً بأن «شركات أوروبية ضخمة اضطرت للخروج من أميركا بعد تعرضها لعقوبات مماثلة، ولم تستطع دولها الكبرى حمايتها». وأضاف: «إذا ثبت هذا الشيء خصوصا أنه حتى الآن لم يجر نفيه، فإنه يسلط الضوء على لبنان الواقف على شفير الإفلاس، وينتظر التصنيف الدولي»، محذراً من «تحوّل لبنان إلى ساحة للالتفاف على العقوبات الدولية، ويعزز مقولة أن لبنان بات حديقة خلفية لإيران».
ودعا سامي نادر الحكومة اللبنانية ووزارة الاقتصاد إلى الإجابة على هذا التقرير، معتبراً أن «هذا الملف سيكون جزءاً من زيارة الحريري إلى واشنطن، كما أن الأميركيين وضعوا تطبيق العقوبات على إيران أولوية، وهذه مسألة جوهرية لدى إدارة الرئيس دونالد ترمب». وقال نادر: «نحن بأمس الحاجة إلى إعطاء إشارات ثقة، خصوصاً أننا في وضع اقتصادي مأزوم للغاية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.