الأردن يغلق مقام النبي هارون في البتراء بعد تجاوزات سياح إسرائيليين

بالتزامن مع جدل حول قصة فيلم تزعم حق اليهود في جنوب البلاد

مقام النبي هارون في البتراء
مقام النبي هارون في البتراء
TT

الأردن يغلق مقام النبي هارون في البتراء بعد تجاوزات سياح إسرائيليين

مقام النبي هارون في البتراء
مقام النبي هارون في البتراء

قررت السلطات الأردنية إغلاق مقام النبي هارون في مدينة البتراء، بعد تسريب صور وفيديوهات لسياح إسرائيليين، ظهروا خلالها يؤدون طقوسهم الدينية اليهودية بشكل مخالف لتعليمات زيارة المواقع الأثرية في البلاد.
وفي التفاصيل، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لسياح إسرائيليين قاموا بأداء طقوس دينية يهودية داخل المقام التاريخي بشكل تسبب في سلسلة تعليقات محلية حول محاسبة المسؤولين عن مثل هذه التجاوزات.
ومقام النبي هارون الواقع على قمة من جبال مدينة البتراء (300كم) جنوب البلاد، يطل على الضفة الغربية ويعلو بلدة وادي موسى، وهو من الآثار المسجلة داخل المدينة التاريخية التي صنفت من عجائب الدنيا.
وفور تسرب فيديوهات وصور حول الحادثة، أعلن وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني، عبد الناصر أبو البصل، إغلاق مقام النبي هارون، وتسليم مفاتيحه لمديرية أوقاف محافظة معان جنوب البلاد، ومنع السياح من دخول المقام إلا بعد الحصول على موافقات مسبقة.
وذكرت مصادر محلية، أن السياح الإسرائيليين دخلوا المقام بطريقة غير قانونية، ومن دون علم السلطات المحلية عن نيتهم أداء طقوس دينية تسببت بلغط واسع.
وفي بيان رسمي «رفضت وزارة الأوقاف الأردنية وبشدة» مثل تلك الممارسات، مشددة على أنها ستقوم بفتح تحقيق حول ما حدث ومحاسبة من سمح لهم بدخول المقام.
وحال ترؤس الوزير أبو البصل البعثة الأردنية للحج، دون التعليق على الحادثة، في حين أكد النائب الأردني عن المنطقة إبراهيم البدور لـ«الشرق الأوسط» بأن مثل هذه الممارسات من شأنها استفزاز السكان المحليين، مشدداً على ضرورة محاسبة المسؤولين عن مثل هذه التجاوزات.
وأمام ذلك، أكد النائب البدور على أهمية البعد السياسي في مثل تلك الممارسات، والتي قد تتطور لاحقاً لمطالبات بحقوق إسرائيلية بأراضٍ أردنية.
وفي وقت أيد النائب الأردني قرار وزارة الأوقاف بإغلاق المقام، حذّر البدور من أن مثل تلك التجاوزات كان من شأنها التسبب باحتكاك خطير مع سكان منطقته الذين يرفضون أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل التي ما زالوا ينظرون إليها بوصفها دولة احتلال، وتمارس القتل بحق الشعب الفلسطيني الشقيق.
وفي سياق الغضب الذي عبّر عنه الأردنيون على مواقع التواصل الاجتماعي ورفضهم إقامة طقوس يهودية في مدن تاريخية أردنية، أكد النائب الأردني البدور أهمية فرض رقابة مسبقة على السياح الإسرائيليين، والموافقة على مسار رحلاتهم السياحية، مشيراً إلى خطورة ظهورهم بمظاهر دينية قد تستفز الأردنيين، وبالتالي فتح باب الاحتمالات على خطورة مستويات الاحتكاك عندها.
وأمام مشهد مقاومة الأردنيين أشكال التطبيع، ارتفعت أصوات نيابية بإقالة وزير الأوقاف عبد الناصر أبو البصل، على تقصيره في مقاومة التصدي للأطماع اليهودية في البلاد.
وإغلاق مقام النبي هارون تزامن مع اتساع حلقات الرفض الشعبي لقصة فيلم كانت جهات إنتاجية أميركية تسعى لتصويره في مدينة البتراء، وتدعي قصة الفيلم بأن اليهود عاشوا في جنوب الأردن، وأن أعداداً كبيرة منهم أقامت في مدينة البتراء التاريخية.
وكادت أحداث فيلم «جابر» وتصوير مشاهده أن تمر لولا إعلان ممثلين أردنيين رفضهم أداء أدوارهم بعد اطلاعهم على السيناريو الكامل للقصة، التي تخلص إلى أن اليهود الذين مكثوا مع النبي موسى 40 عاماً في سيناء، جاءوا واستقروا بأعداد كبيرة في جنوب البلاد، وأن المجتمع اليهودي كان في الأردن قبل أن يكون في إسرائيل.
وتصل أحداث الفيلم إلى خلاصة أن الأرض المقدسة بالنسبة لليهود ليست إسرائيل وفلسطين، بل الأردن؛ ما يفتح الباب أمام الإشارة السياسية للأطماع التوسعية على حساب الأردن.
وتذهب رواية الفيلم التي اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة من السيناريو الموضوع لها، إلى تأييد مزاعم اليهود بحقهم في أراضٍ أردنية، لتتجاوز القصة رواية القرآن والإنجيل خدمة للرواية الإسرائيلية، لاغية فكرة معمودية المسيح في بيت لحم. وتردد المخرج الأردني محيي الدين قندور في الظهور ليدافع عن الفيلم، بعد تأكيده الحصول على الموافقات لبدء تصوير المشاهد المتعلقة بمدينة البتراء، وظل موعد المؤتمر الصحافي معلقاً في كل مرة يتأجل، في حين أن هاتفه بقي خارج استجابة الصحافيين الذين يلاحقونه لمعرفة تبني القصة التي تزعم حق الإسرائيليين في البتراء ومناطق من جنوب الأردن.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.