المحكمة الاتحادية العراقية تحسم الجدل حول مفهوم المعارضة

بعد جدل بين عبد المهدي والحكيم

TT

المحكمة الاتحادية العراقية تحسم الجدل حول مفهوم المعارضة

عد تيار الحكمة المعارض الذي يتزعمه عمار الحكيم القرار الذي أصدرته المحكمة الاتحادية بشأن مفهوم المعارضة وفق الدستور العراقي بأنه انتصار لما أقدم عليه التيار عند خروجه إلى المعارضة، وذلك طبقاً لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» الدكتور صلاح العرباوي عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة.
وكانت المحكمة الاتحادية أصدرت أمس حكماً بخصوص مفهوم كتلة المعارضة البرلمانية. وقال المتحدث الرسمي للمحكمة إياس الساموك، في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «المحكمة الاتحادية العليا عقدت جلستها برئاسة القاضي مدحت المحمود وحضور القضاة الأعضاء كافة ونظرت طلباً من مجلس النواب بخصوص مفهوم المعارضة السياسية ومدى ارتباطه بأحكام المادة 76 من الدستور»، مبيناً أن «الطلب تضمن السؤال عن مدى سريان مفهوم المخالفة في المادة (76) من الدستور ليفهم منه الحق للكتلة أو الكتل التي لا تنظم إلى الكتلة النيابية الأكثر عدداً أو تنسحب منها لتمثل كتلة المعارضة البرلمانية».
وأوضح الساموك أن المحكمة الاتحادية العليا أوضحت أن «من بقي من النواب فهو على وفق النظام النيابي الديمقراطي الذي تبناه العراق بموجب نص المادة 1 من الدستور لعام 2005 ولم ينضموا إلى الكتلة النيابية الأكثر عدداً التي شكل مرشحها مجلس الوزراء فلهم الخيار إما أن يشكلوا كتلة معارضة وفق منهاج معين وتشعر رئاسة مجلس النواب بأسماء نوابها ومنهاجها، أو البقاء فرادى يعارضون ما يريدون معارضته من عمل السلطة التنفيذية أو يؤيدونه حسب قناعاتهم»، منوهاً بأن «المحكمة الاتحادية العليا ذكرت أن لكتلة المعارضة التي تشكلت وفق خياراتها ووفق منهاجها جميع الضمانات الدستورية التي كفلها الدستور وقانون مجلس النواب بممارسة الاختصاصات والصلاحيات باعتبارهم يمثلون الشعب العراقي بأكمله إضافة للحصانة التي يتمتع بها عما يدلي به النائب من آراء في أثناء دورة الانعقاد».
واختتم الساموك بيانه بالقول إن «المحكمة الاتحادية العليا وجدت أن لأعضاء كتلة المعارضة كما لأعضاء الكتلة النيابية الأكثر عدداً التحول إلى أي من الكتل خلال الدورة الانتخابية حسب قناعاتهم وضماناً لحرية الرأي والخصوصية».
وفي هذا السياق، يقول الدكتور صلاح العرباوي عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الأمر مهم جداً في هذه المرحلة كونه خطوة تأسيسية صحيحة تخطوها المحكمة مرة أخرى»، مبيناً أنه «بعد تسجيل الكتلة في البرلمان بوصفها كتلة معارضة صدر قرار مجلس القضاء الأعلى الداعم للمعارضة، واليوم يأتي قرار المحكمة الاتحادية بهذا الصدد ليقطع الطريق على من يقول إن تأسيس معارضة أمر غير ممكن دستورياً وقانونياً وإن التوافقية لا تسمح بولادة معارضة حقيقية».
من جهته، فإن الخبير القانوني طارق حرب يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «أصل المعارضة لا يكمن في المادة 76 من الدستور بل بالمادة 38 منه، التي تتعلق بحرية الرأي والتعبير». وأضاف حرب أنه «وفقاً لهذه المادة فقد أكون معارضاً أو لست معارضاً وقد لا أكون مع هذا ولا مع ذاك». وحول الجدل المثار بشأن المادة 76 من الدستور ومفهوم المعارضة، يقول حرب إن «المادة 76 تتعلق بتشكيل الحكومة لا تأسيس المعارضة، بينما أنا هنا بصدد المعارضة من عدمه الذي تكون المادة 38 هي الفيصل فيه».
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي تبادل مؤخراً الرسائل مع زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم على خلفية انتقال الأخير للمعارضة وتنظيمه مظاهرات وصفت بالمليونية. عبد المهدي وقبيل المظاهرات بيومين بدا متشككاً بدوافع المعارضة في ضوء نظام توافقي مثل النظام العراقي الذي تشكل بعد عام 2003، معرباً عن خشيته من أن يتحول مفهوم المعارضة والموالاة إلى حالة شبيهة بالنموذج اللبناني عبر ما يعرف هناك بـ«الثلث المعطل». وفيما حذر عبد المهدي من انهيار الأمن في حال خرجت المظاهرات عن السيطرة، فإنه رأى أن البديل عن الموالاة والمعارضة هي صيغة الأغلبية السياسية التي تحكم والأقلية التي تجلس على مقاعد المعارضة.
الحكيم من جانبه عد في رسالة جوابية إلى عبد المهدي أن المعارضة حاجة ضرورية في النظام السياسي، وليست مصدر إزعاج للسلطة، مبيناً أن من بين الأسباب التي أدت إلى خروج تياره إلى المعارضة الانفراد في القرار السياسي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.