بغداد وأربيل تستأنفان لقاءات بناء الثقة وسط خلافات برلمانية وسياسية

TT

بغداد وأربيل تستأنفان لقاءات بناء الثقة وسط خلافات برلمانية وسياسية

بدأ في أربيل عاصمة إقليم كردستان أمس الخميس، اجتماع رفيع المستوى يمثل الحكومة الاتحادية في بغداد مع حكومة الإقليم، بهدف الاستمرار في عقد اللقاءات الخاصة بمد جسور الثقة بين الطرفين. وكان وفد حكومي رفيع المستوى برئاسة فالح الفياض مستشار الأمن الوطني العراقي ويضم في عضويته وزيري النفط ثامر الغضبان والمالية فؤاد حسين وأبو جهاد الهاشمي، مدير مكتب رئيس الوزراء وصل مساء أول من أمس الأربعاء إلى أربيل.
ويستكمل الوفد المفاوضات التي أجراها مؤخرا في بغداد رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني وقبله رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني. وتتهم بغداد أربيل بعدم تسديد كلفة تصدير نحو 250 ألف برميل يوميا من نفط الإقليم، بالإضافة إلى قضايا أخرى عديدة من بينها السيطرة على المطارات والمنافذ الحدودية برغم إنها تابعة للسلطات الاتحادية.
وتتهم أربيل بغداد بمخالفة الدستور وذلك لجهة عدم التحرك باتجاه تطبيق المادة 140 منه الخاصة بمحافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها وعدم تسديد مستحقات الإقليم بموجب الموازنة وعدم تشريع قانون النفط والغاز. وفي هذا السياق رأى شوان محمد طه القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بشأن طبيعة العلاقة بين المركز والإقليم والمباحثات المستمرة بين الطرفين للوصول إلى حل أن «هناك توجها عاما لدى الطرفين لحل المشاكل العالقة بينهما نظرا لوجود نوايا حسنة مشتركة»، مبيناً أن «هناك جملة من المواضيع منها ملفات النفط والموازنة والمناطق المتنازع عليها وملف المنافذ الحدودية».
وأضاف أن «من الواضح أن هناك إرادة لحل المشاكل العالقة بشكل جدي». وأوضح طه أنه «بات من الواضح أن ليس بمقدور أي طرف أن ينهي كل شيء دون اللجوء إلى اللجان الفنية والإدارية على أن يكون الفيصل في كل شيء عند حصول نزاع هو الدستور».
وفي بغداد أعلن عضو البرلمان العراقي يوسف الكلابي تعليق عضويته داخل البرلمان احتجاجا على ما اعتبره تسويفا بشأن طلب استجواب وزراء في الحكومة الاتحادية بسبب نفط كردستان. وفي مؤتمر صحافي عقده الكلابي أمس الخميس في مبنى البرلمان العراقي، قال: «إنني تصديت لهذا العمل لأكون صوت المستضعفين من الشعب العراقي، دون تمييز بين واحد وآخر على أساس دين أو مذهب أو عرق أو قومية، بل إن كل العراق بيتي وكل شعبه أهلي».
وأضاف: «عندما طالبت بالمساواة بين الشعب والكشف عن أموال النفط في الإقليم، لم أستهدف الشعب العراقي الكردي بل من يسرق الأموال في كردستان، وعندما طالبت باستضافة الوزراء من أصحاب الشأن لم أقصد إلا أن يعرف الشعب ما له وما عليه، لذلك أن عملية إذابة المطلب وتسويفه تحت مسمى بدء المفاوضات وذهاب الوزراء إلى الإقليم وكأنما نحن نتفاوض مع دولة أخرى لا مع محافظات عراقية من المفترض لها أن تلتزم بالقانون والدستور كما تلتزم البصرة وبغداد والنجف ونينوى والأنبار وباقي المحافظات». وتابع: «إني إذ أستغرب عدم احترام الوزراء المستضافين لمجلس النواب فهذا يعني عدم احترام للشعب أو على الأقل استصغار للصوت الوطني والتقليل من شأنه». واعتبر أن «ملف عدم تسليم النفط وواردات المنافذ الحدودية وباقي الموارد هو من أهم الملفات وكذلك التوزيع غير العادل للأموال بين المحافظات».
واختتم الكلابي قائلا: «عليه، قررت تعليق عضويتي في مجلس النواب اعتبارا من هذا اليوم 25 يوليو (تموز)، ولغاية 1 أغسطس 2019. (نهاية الفصل التشريعي للبرلمان)». لكن الخبير القانوني طارق حرب يرى أن «الدستور والقوانين العراقية لا تعرف شيئا اسمه تعليق عضوية النائب في البرلمان وإنما لعضو البرلمان الاستقالة، علما بأن مدة تعليق النائب لعضويته في البرلمان تدخل تحت باب غياب العضو عن حضور جلسات البرلمان بما يترتب على هذا التعليق والغياب من آثار أهمها عقوبة الغرامة وجواز إنهاء العضوية».
في السياق نفسه عد النائب عن دولة القانون منصور البعيجي أن «إصرار وزير المالية حسين فؤاد بإرسال الأموال إلى إقليم كردستان، مخالفة قانونية صريحة بسبب عدم إرسال الإقليم النفط والواردات الأخرى إلى الحكومة الاتحادية».
وقال البعيجي في بيان أمس بأن «مجلس النواب صوت على موازنة العام الحالي التي نصت على أن يتم إرسال ٢٥٠ ألف برميل يوميا من النفط إلى الحكومة الاتحادية حتى يتم إرسال حصة الإقليم من الموازنة. ولكن حكومة كردستان لم ترسل برميل نفط واحدا ووزير المالية يرسل الأموال للإقليم». وأضاف أن «وزير المالية يتصرف بطريقة قومية وهو يعمل لإقليم كردستان وليس للعراق باعتباره وزيرا بالحكومة الاتحادية وهذا الأمر واضح للجميع من خلال إصراره على إرسال الأموال رغم عدم التزام حكومة كردستان بإرسال النفط والواردات الأخرى كما نصت عليه الموازنة الاتحادية لهذا العام».
وأكد البعيجي: «إننا في مجلس النواب لسنا ضد شعبنا في إقليم كردستان ولا نرغب في قطع رواتبهم ولكن حكومة الإقليم هي من تعمل على ذلك من خلال تصدير نفط الإقليم بعيدا عن الحكومة الاتحادية وتذهب الأموال إلى المنتفعين بحكومة الإقليم». وشدد على أنه «لا يمكن أن نسمح بنهب ثروات محافظتنا بالجنوب من خلال إرسالها إلى الإقليم والأخير لم يسلم وارداته، لذلك على رئيس الوزراء أن يتدخل بصورة مباشرة ويحافظ على ثروات البلاد».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.