مولر يتمسك بتقريره ويرفض تبرئة ترمب أو إدانته

الديمقراطيون فشلوا في الحصول على ما يعزز دعوتهم لإقالة الرئيس

مولر لدى إدلائه بشهادة أمام النواب أمس (أ.ف.ب)
مولر لدى إدلائه بشهادة أمام النواب أمس (أ.ف.ب)
TT

مولر يتمسك بتقريره ويرفض تبرئة ترمب أو إدانته

مولر لدى إدلائه بشهادة أمام النواب أمس (أ.ف.ب)
مولر لدى إدلائه بشهادة أمام النواب أمس (أ.ف.ب)

بعد أكثر من ثلاثة أشهر على إصدار تقريره حول ملف التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، وقبل يومين على بدء مجلس النواب عطلته السنوية لمدة ستة أسابيع، مَثُل المحقق الخاص روبرت مولر للمرة الأولى أمام لجنتي القضاء والاستخبارات في مجلس النواب. مولر أجاب عن أسئلة النواب حول تحقيقاته في هذا الملف، حيث يسعى الديمقراطيون منهم لمعرفة ما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد تعاون هو أو حملته الانتخابية مع الجهود الروسية أو حاول عرقلة العدالة.
وبخلاف آمال الديمقراطيين الكبيرة التي انعقدت على شهادته، بدا واضحا أن ما قد تؤديه لن يتعدى إبقاء قضية التدخل الروسي مسألة حية في معركتهم السياسية مع ترمب حتى انتخابات عام 2020.
ووصف البيت الأبيض جلسة الاستماع بأنها «قمة الإحراج» للديمقراطيين. وقالت المسؤولة الإعلامية في البيت الأبيض، سيتفاني غريشام، إن «الساعات الثلاث الأخيرة تشكل قمة الإحراج للديمقراطيين»، وذلك بعد انتهاء جلسة الاستماع الأولى وقبيل بدء الجلسة الثانية والأخيرة، مضيفة: «توقعوا مزيداً من ذلك في النصف الثاني».
لم يقل مولر أي شيء يتجاوز ما كتبه في تقريره الذي نشر في أبريل (نيسان) الماضي، وكرر ما سبق أن صرح به، من أن تقريره هو «شهادته»، وبالتالي لم يعلق عليه. وكانت وزارة العدل بشخص وزيرها ويليام بار قد استبقت شهادة مولر أمام مجلس النواب، بالطلب منه يوم الاثنين بالالتزام بما ورد في تقريره، على الرغم من أن القانون لا يلزمه بذلك. لكن مولر أكد في بداية شهادته أنه سيلتزم بما طلبه بار، وأن إجاباته لن تتجاوز ما جاء في تقريره.
حافظ مولر على أسلوبه وحرصه على سمعته الجيدة بعدم البوح بما من شأنه أن يعيد إشعال النار، ممتنعا عن كشف أي شيء جديد. ومَثُل مولر بصحبة مساعده المقرب آرون زيبلي، الذي شغل منصب كبير موظفيه السابقين حين كان مديرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»، ولعب دورا بارزا في التحقيقات التي قام بها مولر في هذا الملف أيضا.
ترمب، الذي أعلن بداية أنه لن يتابع جلسات الاستماع مع مولر عاد وأكد أنه قد يتابعها جزئيا. وفي ساعات المساء الأخيرة من ليلة الثلاثاء، نشر ترمب عدة تغريدات منتقدا حضور زيبلي، قائلا: «إذن، الآن طلب روبرت مولر من مساعده الذي هو ضد ترمب الجلوس بجانبه والمساعدة في تقديم الإجابات. لماذا كل هذا؟ هذا محاميه (خادم في الطابق السفلي) الذي أطلق سراحه في قضية الكاذبة هيلاري. هذا لا ينبغي السماح به. هذا تزوير في صيد الساحرات».
مولر كرر ما قاله حرفيا في تقريره وفي مؤتمره الصحافي السابق، عندما قال إنه لا يستطيع تبرئة الرئيس أو إدانته بتهمة التواطؤ أو عرقلة العدالة، وإن القانون يمنع توجيه الاتهام إلى رئيس في سدة الحكم، وإن الكونغرس وحده يمكنه ملاحقته. لكنه أكد أنه يمكن مقاضاة ترمب في ملف محاولته عرقلة العدالة عندما تنتهي رئاسته.
وعندما سُئل عما إذا كان ما يقوله ترمب ويكرره عن عدم وجود تدخل روسي أو عرقلة للعدالة هو ادّعاء صحيح، نفى ذلك. وأضاف أن تقريره لم يُبرّأ ترمب، وأن الرئيس هو من استفاد من التدخل الروسي.
كان لافتا توتر الأعضاء الجمهوريين الذين لم يتوانوا عن مهاجمة مولر شخصيا أو مساعديه، واعتبروا أن تقريره في الأصل يتعارض مع مبادئ وقوانين وزارة العدل، وأن التحقيق من أساسه قام على ادّعاءات لم يجر الثبت منها، ولم يُلاحق مطلقوها.
وتبارى الجمهوريون والديمقراطيون في استعراض مهاراتهم الخطابية لإظهار صحة وجهة نظرهم، سواء في الدفاع عن ترمب أو في الهجوم عليه. لكن سيكون من الصعب على الديمقراطيين استخدام ما أدلى به مولر لتوظيفه في مقاضاة ترمب أو الدعوة إلى إقالته، وهو ما لا يلقى سوى تأييد 21 في المائة من الأميركيين، بحسب آخر استطلاعات.
وركز الأعضاء الديمقراطيون في اللجنة القضائية على محاولة كشف ما يقف وراء قضايا يعتبرونها أساسية، لمعرفة ما إذا حاول ترمب السيطرة على تحقيقات مولر بطرق تنطوي على محاولة عرقلة العدالة: هل طلب ترمب من مستشاره في البيت الأبيض دون ماكغان في 17 يونيو (حزيران) 2017 الاتصال بنائب المدعي العام رود روزنشتاين لإقالة السيد مولر، وهو الطلب الذي شعر ماكغان بأنه غير مناسب؟ لماذا طلب السيد ترمب من السيد ماكغان في أوائل عام 2018 أن ينكر أنه قد أمر بإقالة المحقق مولر، بعد أن كشفت تقارير صحافية هذا الأمر؟ هل طلب ترمب من مدير حملته كوري لوانداوسكي، الذي لم يشغل أي منصب حكومي، في 19 يونيو 2017، أن يسلم رسالة إلى وزير العدل جيف سيشنز يطلب فيها منه قصر التحقيق على التركيز فقط على الانتخابات المقبلة وإلقاء خطاب يدافع فيه عن ترمب؟ هل قام ترمب بمتابعة السيد لوانداوسكي في 19 يوليو (تموز) 2017، لسؤاله عما إذا كان قد سلم الرسالة إلى الوزير سيشنز، وطلب منه أن يبلغه بأنه سيتم فصله إذا لم يجتمع بلوانداوسكي؟ هل أدلى ترمب بتصريحات علنية في صيف 2018 حول رئيس حملته السابق بول مانافورت، الذي أدين في نهاية المطاف بالاحتيال الضريبي، وعما إذا كان ترمب قد أثار إمكانية العفو عنه بعدما اقترح على مانافورت ألا يتعاون مع المدعين العامين؟
في المقابل، وجّه الجمهوريون انتقادات لمولر حول الفريق الذي عمل معه والأصول التي انطلق منها التحقيق.
وكانت وزارة العدل قد أجرت مراجعتين للخطوات التي اتخذها المدعون العامون والوكلاء في وقت مبكر من التحقيق الذي قام به مولر، استجابة لانتقادات من أنصار الرئيس، بأن بعض القرارات كانت دوافعها سياسية. فقد ضم فريق المحققين كثيرا من الذين تبرعوا للمرشحين الديمقراطيين، وكشفت تحقيقات أن الموظف في مكتب التحقيقات الفيدرالي بيت سترزوك ومحامية مكتب التحقيقات الفيدرالي ليزا بيج، تبادلا مئات الرسائل النصية التي تنتقد ترمب.
كرر جيم جوردان، النائب الجمهوري من ولاية أوهايو وأحد أكثر المدافعين عن ترمب، انتقاد التحقيق الذي قام به مكتب التحقيقات الفيدرالي ومولر، خصوصا أنه على دراية جيدة بتفاصيل المراحل الأولى من التحقيق.
كما جادل دوغ كولينز، كبير الجمهوريين في اللجة القضائية، بأن جلسة الاستماع مضيعة للوقت، وكرر ما جاء في تقرير مولر من تبرئة للرئيس، وركز هجومه على كيفية انطلاق التحقيق، منتقدا مساعدي مولر.
ودافع مولر عن مساعديه، لكنه التزم بشدة بمضمون تقريره كي لا يُتّهم بالانحياز السياسي ضد الرئيس. وردا على سؤال حول الأسباب التي منعته من توجيه اتهامات لبعض الشهود الذين تبين أن شهاداتهم أو إفاداتهم كانت وراء فتح التحقيق، قال مولر إن الأمر ليس من صلاحياته ولم يطلب منه ذلك، وإن الأمر من صلاحية وزارة العدل التي قامت بذلك، لكنّها لم توجه أي اتهامات لهؤلاء. مولر أشار إلى أنه قبل إصدار وزير العدل ويليام بار التقرير الكامل المنقح، وجه كتابا يعترض فيه على ملخصه الأوّلي الذي جاء من أربع صفحات حول استنتاجاته عن التقرير. وقال إنه فشل في تقديم مضمون كامل عن عمل فريق التحقيق. وفي هذا السياق، حاول الديمقراطيون الضغط على مولر للحديث عن علاقته بوزير العدل بار.
ومع عدم تقديم مولر أي شيء جديد، تحوّلت الجلسة إلى استعراض لمهارات المشرعين. فرئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب، جيرالد نادلر، حاذر طرح الأسئلة المتعلقة بإقالة ترمب، رغم قوله سابقا إن التقرير قدم «أدلة جوهرية» على أن ترمب ارتكب جرائم، لكنه أحجم عن الدعوة لإقالته بعدما رأى مدى صعوبة ذلك.
وحتى النائب الديمقراطي من كاليفورنيا، تيد ليو، الذي يحظى بأكثر من مليون متابعة على «تويتر»، لم تقنع أسئلته المشرعين بالدعوة إلى إقالة الرئيس.
في المقابل، أظهر الجمهوريون تمسكهم بخط الدفاع المتشدد عن الرئيس ترمب، وبأن العملية كلها ليست أكثر من عملية «مطاردة الساحرات»، متهمين تقرير مولر بأنه قام على ادّعاءات وتقارير صحافية وعلى تسريبات لم يجر التأكد من صحتها.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.