لبنان يدور النفايات الصلبة ويأمل بإيجاد 50 ألف فرصة عمل

بعد أن كانت مشكلة مزمنة ومعقدة.. الحلول صارت ممكنة

مصنع معالجة النفايات الصلبة المنزلية
مصنع معالجة النفايات الصلبة المنزلية
TT

لبنان يدور النفايات الصلبة ويأمل بإيجاد 50 ألف فرصة عمل

مصنع معالجة النفايات الصلبة المنزلية
مصنع معالجة النفايات الصلبة المنزلية

تعد إدارة النفايات الصلبة قضية معقدة في لبنان. ففي وقت طوّر القطاع الخاص بعض الخبرات وأنشأ بعض المحطات لإعادة تدوير النفايات ومعالجتها، بقيت الحكومة اللبنانية «مقصرة» وأحيانا كثيرة غائبة عن مواكبة هذه الجهود على صعيد اكتساب المعرفة والاستفادة منها.
مكبات تحوي نفايات متعددة الأشكال والأنواع موزعة عشوائيا على خريطة لبنان وعلى مدى 10452 كلم مربعا، حيث يجري إنتاج أربعة آلاف طن من النفايات المنزلية يوميا (خمسة آلاف م.م) فيما تفرز بيروت وحدها مثل هذه الكمية ليصل معدل إنتاج الفرد من النفايات بين 500 و750 غراما يوميا.
تتجنب شركة «سيدر إنفيرومنتال» في لبنان اللجوء إلى الطمر للتخلص من النفايات، فهي رائدة منذ عام 1999 في ابتكار طرق لإعادة تدوير النفايات المنزلية الصلبة وإدخال مبدأ «صفر نفايات».
ويقول المهندس زياد أبي شاكر، مدير عام الشركة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في بلدة أبو ميزان في المتن الشمالي: «تشغّل الشركة منشآت إدارة النفايات ومعالجتها في منطقة مقفلة، تعيد فيها تدوير 100 في المائة من النفايات المنزلية الصلبة التي تتلقاها، وتحوّلها إلى منتجات تجارية قابلة للبيع. وقد حققت هدفها بالوصول إلى (صفر نفايات) منذ خمس سنوات، واليوم نعمل مع 80 بلدية في شمال لبنان يقابلها ما يقارب 25 بلدية في جنوبه، وعملنا سيستمر لمدة 25 سنة مقبلة». ويتابع: «يتم فرز نحو 25 في المائة من النفايات بحسب وزنها، وتجمع لبيعها مباشرة كمواد قابلة لإعادة التدوير، مثل المعادن والورق والكرتون والزجاج وبعض أنواع البلاستيك. أما المواد العضوية، التي تشكل ما بين 55 و65 في المائة من إجمالي النفايات، فيتم هضمها في المخامر وتحوّل إلى سماد عضوي. ويُفرز نحو 10 في المائة من المواد، مثل الملابس والأحذية، ويعاد تدويرها أو استخدامها في تطبيقات معينة. ولا يبقى سوى 5 - 10 في المائة من مجموع النفايات، وهي عبارة عن أكياس بلاستيك وعبوات بلاستيك لا مجال لبيعها في سوق التدوير».
واللافت في الشركة التي تعتمد على التمويل الذاتي منذ تأسيسها، هو إنجاز فريق عملها المؤلف من 30 مهندسا وقنيا وعاملا «مركزا لأبحاث وتطوير تقنيات البيئة بالشرق الأوسط»، فيما ينهمك جزء منه بوضع اللمسات الأخيرة على فكرة جديدة عبارة عن «حطبة» مصنعة من بعض مواد النفايات غير الملوثة بهدف منافسة مادة المازوت وبنسبة تصل إلى 80 في المائة. ويكشف المهندس فادي إلياس أحد مهندسي الشركة، عن إنتاج ما يقارب 20 طنا منها، «وهي كمية لا تخولنا النزول بها إلى السوق، لذلك نحن بصدد إنجاز نحو 250 طنا للبدء بالمنافسة».
أثناء تجوالك داخل أحد مصانع الشركة تستوقفك عملية تصنيع ألواح بلاستيكية من خلال إعادة تدوير الأكياس والفناجين وأدوات المائدة البلاستيكية والأقراص المدمجة (CD) وأنابيب معجون الأسنان وعبوات العصير والحليب وغيرها من المهملات البلاستيكية.
ويوضح أبي شاكر: «الهدف أن تحل ألواح الصديقة للبيئة مكان الألواح الخشبية والفولاذية في معظم الاستعمالات الإنشائية، مثل أسيجة الحدائق وأجزاء المنازل الجاهزة. وهي معقمة، وحازت الشركة على جائزة ENERGY GLOBE من النمسا مكافأة لها على ابتكارها هذه التقنية المهمة لإيجاد حل لمعضلة أكياس البلاستيك».
ألواح متعددة الأشكال والأوزان، منها لوح يزن نحو 15 كيلوغراما، وهو يحول دون ذهاب نحو 2500 كيس تسوق بلاستيكي إلى المطمر. فيما تطور الشركة حاليا عملية لصنع ألواح «إيكوبورد» (ألواح صديقة للبيئة) بالاعتماد فقط على الطاقة المتجددة.
في المقابل، فقد شارك أبي شاكر في الكثير من حملات توعية لفرز النفايات، والهادفة إلى تشجيع المواطنين على المشاركة في تحسين إدارة النفايات في البلدات اللبنانية وإدخال مفهوم التنمية المستدامة إلى المجتمع الأهلي عن طريق خلق وعي بيئي واستحداث ثقافة جديدة تحث المواطن على الفرز من المصدر لتطوير مفهوم إدارة النفايات الصلبة.
ويؤكد أبي شاكر أن ثمة «وحدة فرز» في جميع المصانع المنتشرة في شمال وجنوب لبنان، مبديا تمسكه بمبدأ اللامركزية في حال طلب منه المساهمة في حل مشكلة النفايات في لبنان، وفقا لمبدأ «كل قضاء مسؤول عن نفاياته» ونظرا لوجود اتحاد بلديات في كل قضاء، لافتا إلى أن من أهم أهدافه هو بناء أكبر عدد من المصانع في كل لبنان.
وقال إن «مبدأ صفر نفايات (أي إعادة تصنيعها بالكامل) يكلف البيت الواحد 6500 ليرة شهريا، فيما تكلفة تصنيع الطن الواحد لا تتجاوز 60 دولارا أميركيا، وتنخفض تكلفة نقله إذا ما طبقنا مبدأ اللامركزية».
منذ عام 2005 اعتمدت الشركة «تقنية التخمير السريع» لنفايات المسالخ في العاصمة بيروت. حيث كان يلقى في الأنهار، أو يحرق يوميا، نحو ستة أطنان من أحشاء الحيوانات المذبوحة وقرونها وحوافرها وعظامها. بعدها راحت هذه النفايات تخلط في المخامر مع نفايات الأسماك والتبغ وقشور البن التي كانت تطمر أو تحرق عادة.
وبعد ذلك يجري تحويل الخليط إلى كومبوست يعد سمادا عضويا عالي الجودة. ويباع هذا المنتج بالدرجة الأولى إلى المزارعين المرخص لهم، بنصف سعر الأسمدة العضوية المرخصة المستوردة. «كل ذلك بعد أن درسنا بتعمق مجرى النفايات البلدية المحلية عندنا واستطعنا استنباط حلول ملائمة جدا وغير مكلفة» يوضح أبي شاكر. «هذا الابتكار نالت عليه الشركة براءة اختراع عالمية».
ويختم أبي شاكر، مشيرا إلى أن أبرز التحديات تتمثل بأن تقتنع البلديات بدفع «فاتورة المعالجة» للمصنع الكبير في سبيل معالجة النفايات بطريقة بيئية وصحية، وبالتالي خلق وظائف ونشاطات اقتصادية قد تصل إلى 50 ألف فرصة عمل على كافة الأراضي اللبنانية.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.