ليبيون يطلقون هيئة سياسية لـ«تأسيس دولة مدنية»

طالبوا بتوزيع عادل للثروة وإنشاء مؤسسة عسكرية محترفة

TT

ليبيون يطلقون هيئة سياسية لـ«تأسيس دولة مدنية»

طالب عدد من السياسيين الليبيين بـ«توزيع عادل للثروة، وإنشاء مؤسسة عسكرية محترفة تواكب التطورات التقنية الحديثة، «يكون ولاؤها لله ثم الوطن»، مشيرين إلى ضرورة «الحفاظ على النسيج الاجتماعي في برقة خاصة، وليبيا عامة، وتوحيد جهود أبناء الوطن من أجل المشاركة الفعالة في حوار مجتمعي واسع، لا يقصي أحداً».
جاء ذلك خلال إعلان مجموعة من السياسيين، تقدمهم عبد الحميد الكزة، أحد أبرز مشايخ قبيلة العواقير في بنغازي، أمس عن تأسيس ما سموه بـ«الهيئة البرقاوية» من العاصمة طرابلس، لافتين إلى أن الهيئة «سياسية اجتماعية تدعو إلى تأسيس دولة مدنية، يتساوى الليبيون فيها في الحقوق والواجبات، وتقف ضد المؤامرات التي تهدف إلى تدمير النسيج الاجتماعي، وبث الفتنة والفرقة بين أبناء الأمة الليبية».
وتلا الكزة بيان الهيئة، الذي جاء فيه: «في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة الليبية، ونحن نترحم على أرواح من قضوا في هذه الحقبة من تاريخ بلادنا العزيز، نعلن من طرابلس (أيقونة الغرب الليبي) عن ميلاد (الهيئة البرقاوية) لتعيد لنا تاريخ تأسيس الدولة المدنية، حين قام الآباء والأجداد في ظروف صعبة ومتغيرات دولية خطيرة بتأسيس دولة ليبيا انطلاقاً من إقليم برقة»، لافتين إلى أن الهيئة تؤمن بأن ليبيا دولة مدنية لا مركزية، مبنية على الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وأشار الكزة إلى أنهم يؤمنون «بالتنمية المستدامة، وفتح الأبواب أمام الاستثمار والمشاريع التنموية، وتحقيق النهضة الاقتصادية والاجتماعية والقضاء على الفقر، بحيث تكون ثروة ليبيا لكل الليبيين، وأن تعمل الدولة بكل جد على عودة النازحين والمهجّرين في الداخل والخارج». مبرزاً أن «الهيئة البرقاوية» ركيزتها الأساسية «الهوية الليبية التي تجمع الكل تحت مظلة واحدة، وتؤمن بالحريات والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، والتداول السلمي للسلطة، وتحترم مدنية الدولة التي تحافظ على التقاليد والقيم الليبية، مستنيرة بدينها الإسلامي الوسطي، الذي ينبذ التطرف والإرهاب بكل صوره وأشكاله».
ولفتت الهيئة إلى ضرورة «توحيد جهود أبناء الوطن من أجل المشاركة الفعالة في حوار مجتمعي واسع، لا يقصي أحداً ويؤدي لمصالحة شاملة وتعايش سلمي بين الجميع».
ومنذ اندلاع معركة طرابلس، أعلنت الهيئة التأسيسية البرقاوية موقفها من الحرب، وقد قال الكزة في تصريحات تلفزيونية وقتها إن «مائة شيخ من برقة يرفضون الحرب على طرابلس كانوا ينوون الحضور للعاصمة، لكنهم امتنعوا خوفاً من المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، وهو الأمر الذي استقبل بانتقادات واسعة من قبل المواليين للجيش، مشيرين إلى أن الكزة والذين معه في الهيئة لا يمثلون مواطني بنغازي (برقة).
في شأن آخر، أعلنت منظومة الحساونة (سهل الجفارة بالنهر الصناعي الليبي)، أمس عن انقطاع المياه عن مدينة طرابلس، وكل المدن التي مصدر مياهها عبر المسار الأوسط للمنظومة، وأرجعت ذلك إلى اعتداء على غرفة رقم 455، لم تكشف عن طبيعته.
وقالت المنظومة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس إن «الاعتداء تسبب في وقوع تسريب كبير للمياه، الأمر الذي استدعى وقف تدفق المياه إلى حين تنفيذ أعمال الصيانة»، مبرزة أنها «زادت من معدل تدفق المياه عبر المسار الشرقي كخيار بديل لتغذية مدينة طرابلس بالمياه، مع استمرار تغذية مدن المنطقة الوسطى».
وانتهت منظومة الحساونة (سهل الجفارة) إلى أنه نظراً «لكثرة التوصيلات غير القانونية لغرض الشرب والزراعة على طول مسار أنابيب نقل المياه، فإن هذا العطل يحتاج من يوم إلى يومين على أقل تقدير حتى تعود المياه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».