عندما يجبر اللاجئون السوريون على تدمير منازلهم في لبنان

5000 عائلة بلا مأوى

لاجئون سوريون يهدمون بيوتهم في مخيم عرسال شرق لبنان بأوامر من الجيش (أ.ف.ب)
لاجئون سوريون يهدمون بيوتهم في مخيم عرسال شرق لبنان بأوامر من الجيش (أ.ف.ب)
TT

عندما يجبر اللاجئون السوريون على تدمير منازلهم في لبنان

لاجئون سوريون يهدمون بيوتهم في مخيم عرسال شرق لبنان بأوامر من الجيش (أ.ف.ب)
لاجئون سوريون يهدمون بيوتهم في مخيم عرسال شرق لبنان بأوامر من الجيش (أ.ف.ب)

يُجبر اللاجئون السوريون في لبنان على هدم منازلهم في مواجهة حملة جديدة من جانب السلطات اللبنانية للضغط على اللاجئين للعودة إلى بلادهم، بحسب تحقيق نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس.
كانت التجمعات غير الرسمية في بلدة عرسال الحدودية التي تأوي 55.000 لاجئ، مسرحاً لنشاط محموم تحت شمس الصيف الحارقة الجمعة الماضي، حيث قام الشباب بتفكيك المنازل المؤقتة مستخدمين الكسارات والمطارق والحفارات، لتتغطى الأرض بعدها بالأنقاض والغبار.
واشتكت سميرة رعد التي تبلغ من العمر 84 عاماً بحسرة واضحة: «لا يوجد مكان آخر نعيش فيه ولا يوجد من يساعدنا»، بينما تقيم برفقة ابنتيها المعاقتين في مسجد مؤقت بالقرب من منزلهم القديم. وقرر المسؤولون المحليون تنفيذ مرسوم عسكري يطالب بهدم المباني الخرسانية التي يزيد ارتفاعها على متر واحد قبل الموعد النهائي المحدد في 1 يوليو (تموز). وخوفاً من أن يأتي الجيش بالجرافات ويسوي المخيمات بالأرض، قررت العائلات القيام بالعمل بنفسها لإنقاذ ما بحوزتهم من أثاث متواضع.
وقالت «الغارديان»، إن منظمة المساعدات البريطانية «إدنبرا ديريكت أيد» وكذلك مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على الأرض، تعملان على بناء ونقل الأسر إلى ملاجئ جديدة من الخشب والقماش المشمع، لكن الوقت بدأ ينفد قبل الموعد النهائي المحدد اليوم الاثنين، وقد تسببت عمليات الإخلاء في زيادة المتطلبات المالية للمنظمتين.
وقال محمد القاسم البالغ من العمر 47 عاماً، للصحيفة، وهو أب لخمسة أطفال فقد ساقه نتيجة قصف صاروخي في سوريا: «بكيت عندما وصلنا أمر هدم منزلنا». أضاف: «كانت الجدران تحمينا من عواصف الشتاء القارص... لقد انتهى أمر منزلنا وأطعنا تعليمات الجيش. ترى بماذا سيأمروننا في المرة القادمة؟ لا نعلم».يستضيف لبنان حالياً نحو 1.5 مليون سوري منذ اندلاع الحرب في الجوار عام 2011، ولم تسمح الحكومة اللبنانية بإنشاء مخيمات رسمية للاجئين وحظرت بناء «مساكن خرسانية دائمة»، خشية أن يستقر الوافدون الجدد، مثلما فعل الفلسطينيون من قبل.
وفق منظمة «سيف تشيلدرن»، إنقاذ الطفولة، فقد تسببت عمليات الهدم التي أمر بها الجيش في عرسال في تشريد 5000 أسرة وما لا يقل عن 15000 طفل وجعلتهم بلا مأوى، وأجبرتهم على النوم في العراء أو في خيام مكتظة.
تصاعد الخطاب العدائي وتطور إلى حوادث عنف، مثل الهجوم المتعمد على تجمع لاجئين سوريين بالقرب من بلدة دير القمر الشهر الجاري الذي أدى إلى نزوح 400 شخص.
بعد 8 سنوات من النفي والعيش في ظروف بائسة، عبر الكثير من السوريين عن رغبتهم في العودة إلى ديارهم. غير أن وكالات الإغاثة وجماعات حقوق الإنسان، تقول إنه من دون حل سياسي للحرب أو ضمانات لسلامة العائدين، فإن البلاد لا تزال مكانا بالغ الخطورة وغير آمنة لأي برنامج عودة واسع النطاق. ووفق تقرير «الغارديان»، فقد أدت زيارة قام بها الجيش لتفقد أعمال الهدم في عرسال يوم الجمعة إلى توترات في المخيم.
وقالت ماجي توكي، مديرة المشروعات الخارجية بمنظمة «أدنبرا دايركت إيد»، للصحيفة، فيما كانت تقف في الموقع: «نحن نقاتل وسنلتزم بالموعد النهائي لكن مستقبل اللاجئين السوريين في لبنان قاتم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.