تونس: «مكافحة الإرهاب» تبحث عن امتدادات الخلية «الداعشية» المنفذة للهجومين

مخاوف من عناصر أخرى تجهز نفسها لتنفيذ اعتداءات

تونسيون يتجولون أمس في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة قرب موقع التفجير الانتحاري (أ.ف.ب)
تونسيون يتجولون أمس في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة قرب موقع التفجير الانتحاري (أ.ف.ب)
TT

تونس: «مكافحة الإرهاب» تبحث عن امتدادات الخلية «الداعشية» المنفذة للهجومين

تونسيون يتجولون أمس في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة قرب موقع التفجير الانتحاري (أ.ف.ب)
تونسيون يتجولون أمس في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة قرب موقع التفجير الانتحاري (أ.ف.ب)

تعمل أجهزة مكافحة الإرهاب في تونس على ملاحقة فلول الخلية الإرهابية المبايعة لـ«داعش» التي نفذت الهجومين الإرهابيين المتزامنين وسط العاصمة التونسية الخميس الماضي. ويسود اعتقاد قوي لدى أجهزة الأمن والجيش التونسيين بأن العنصرين الإرهابيين التونسيين اللذين نفذا الهجومين الإرهابيين لا يعملان لوحدهما، وقد أكد هذا الاحتمال المرجح أكثر من غيره، حديث تنظيم «داعش» الإرهابي عند تبنيه للعملين الإرهابيين، عن خلية إرهابية في تونس تم تجنيدها وإعدادها لتنفيذ مخططات إرهابية، وهذا ما يؤكد أن عناصر إرهابية أخرى قد تكون تجهز نفسها لتنفيذ أعمال إرهابية أخرى، وهو ما جعل اليقظة والحذر في أعلى درجاتها.
وتسعى المؤسستان الأمنية والعسكرية في تونس، إثر امتصاص الصدمة التي أعادت تنظيم «داعش» الإرهابي إلى الواجهة، إلى إعادة ترتيب الأولويات والاهتمام بمئات العائدين من بؤر التوتر في سوريا وليبيا العراق، وتحديث سجلات الأمن التونسي خاصة بالنسبة للعناصر المشتبه بكونها مساندة وحاضنة للإرهابيين إذ أن الآلاف من الشباب التونسي وفق مصادر أمنية تونسية منعوا خلال السنوات الماضية من الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، وهو ما يعني أنهم باتوا يمثل أرضية مناسبة لتمدد التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش» الإرهابي استعادة تهديدات سابقة ببث الفوضى والخراب في تونس.
يذكر أن السلطات الرسمية التونسية قد أكدت عودة ما لا يقل عن ألف إرهابي إلى تونس قادمين من بؤر التوتر في الخارج، وقدرت عدد الإرهابيين التونسيين الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية بما لا يقل عن ثلاثة آلاف إرهابي، 70 في المائة منهم في سوريا و20 بالمائة في ليبيا المجاورة والبقية منتشرون بعدد من بؤر التوتر الأخرى.
وفي هذا الشأن، أعلنت وحدات الحرس الوطني بحي التضامن (غربي العاصمة التونسية) عن إلقاء القبض على عنصرين متطرفين الأول عمره 25 سنة، قاطن في حي 2 مارس القريب من العاصمة، وهو مطلوب لفائدة المحكمة الابتدائية بتونس، بتهمة الانضمام إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم عليه بالسجن لمدة 20 سنة وله علاقة بمنفذ هجوم العاصمة، حيث تم رصد تدوينة بينهما منذ أشهر.
أما المتهم الثاني فيبلغ من العمر 22 سنة، وهو من سكان منطقة المتلوي من ولاية - محافظة - قفصة (جنوب غربي تونس) وهو مطلوب من قبل المحكمة الابتدائية بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ويعتقد كذلك أنه على علاقة «بخلايا نائمة» وهو ما ستثبته التحريات الأمنية.
وفي منطقة القصرين (وسط غربي تونس)، تمكنت وحدات الحرس الوطني بمنطقة الأمن بمدينة سبيطلة التابعة لولاية - محافظة - القصرين، من إلقاء القبض على عنصر تكفيري هدد إمام مسجد بالقتل مع توعده بقدوم عناصر إرهابية من ليبيا للانتقام منه، وذلك إثر استنكار الإمام في خطبة الجمعة للعمليتين الإرهابيتين اللتين جدّتا يوم الخميس الماضي بالعاصمة التونسية.
وفي نفس السياق، ذكر المصدر الأمني في تصريح إعلامي، أن الوحدات الأمنية حجزت لدى المشتبه به كتبا ذات منحى تكفيري وأن النيابة العامة، أذنت بالاحتفاظ به بتهمة الاشتباه في انتمائه إلى تنظيم إرهابي وجاري التحري معه لمعرفة ما إذا كانت هناك أطراف مساندة له أو على علاقة بخلايا إرهابية أخرى تنشط في تونس.
من جهة أخرى، كانت فرقة الشرطة العدلية بالحمامات(شمال شرقي تونس)، الليلة التي سبقت حدوث الهجومين الإرهابيين، قد أوقفت شابا تونسيا نشر على صفحته بمواقع التواصل تدوينة لمح فيها إلى حصول العمليتين الإرهابيتين اللتين جدّتا بالعاصمة، ودعا إلى الاستعداد لحرب أهلية بعد سماع خبر غير سار. وبالتحري في صفحة «فيسبوك» كان نفس الشاب، نشر سابقا تدوينات تمجد التنظيمات الإرهابية، وهو ما أدى إلى إحالة ملفه إلى الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب بالعاصمة التونسية.
من ناحيته، أعلن محمد زكري المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية أن نحو 60 ألف عسكري تونسي شاركوا في الحرب على الإرهاب، ونفذت المؤسسة العسكرية نحو 1500 عملية عسكرية خلال النصف الأول من السنة الحالية، وقد نجحت حتى نهاية شهر مايو (أيار) الماضي في إبطال مفعول نحو 20 لغما تقليدي الصنع، كما نجحت في القضاء على 106 عناصر إرهابية، وهي ماضية في تضييق الخناق على التنظيمات المتطرفة التي باتت تنفذ أعمالا إرهابية يائسة، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».