إلقاء القبض على قبطانة سفينة إنقاذ المهاجرين بعد رسوّها عنوة في ميناء إيطالي

تحدّت القبطانة السلطات الإيطالية لإنزال المهاجرين المرهقين بعد أكثر من أسبوعين على متن سفينة مُنعت من الرسوّ في الموانئ الإيطالية (أ.ف.ب)
تحدّت القبطانة السلطات الإيطالية لإنزال المهاجرين المرهقين بعد أكثر من أسبوعين على متن سفينة مُنعت من الرسوّ في الموانئ الإيطالية (أ.ف.ب)
TT

إلقاء القبض على قبطانة سفينة إنقاذ المهاجرين بعد رسوّها عنوة في ميناء إيطالي

تحدّت القبطانة السلطات الإيطالية لإنزال المهاجرين المرهقين بعد أكثر من أسبوعين على متن سفينة مُنعت من الرسوّ في الموانئ الإيطالية (أ.ف.ب)
تحدّت القبطانة السلطات الإيطالية لإنزال المهاجرين المرهقين بعد أكثر من أسبوعين على متن سفينة مُنعت من الرسوّ في الموانئ الإيطالية (أ.ف.ب)

في مشهد يختصر وحده أزمة المهاجرين التي تعيش الحياة السياسية الإيطالية على وقعها منذ سنوات، انتهى فجر أمس (السبت)، في ميناء جزيرة لامبيدوسا الفصل الأول من المواجهة بين «قبطانة» سفينة الإنقاذ «سي ووتش3» ووزير الداخلية الإيطالي ماتّيو سالفيني الذي يلقبّه أنصاره بالقبطان، والذي يغرف منذ سنوات من مأساة الهجرة ليزيد من شعبيته إلى أن أصبح الزعيم السياسي الأول في إيطاليا بلا منازع.
وقد انتهى هذا الفصل الأول عندما ألقت الشرطة الإيطالية القبض على قائدة سفينة الإنقاذ الألمانية كارولا راكيتيه، بعد أن فاجأت الجميع بقرارها الدخول بالسفينة حتى رصيف الميناء التجاري في الثانية فجراً، متجاهلةً أوامر السلطات الإيطالية ومتحدية زوارق خفر السواحل الذين حاولوا اعتراضها ومنعها من مغادرة المنطقة التي كانت راسية فيها منذ يوم الخميس الماضي داخل المياه الإقليمية الإيطالية.
وكان مئات الأشخاص يصفّقون ويهتفون تأييداً لقائدة السفينة التي تحوّلت إلى رمز للمعترضين على سياسة الهجرة التي ينهجها وزير الداخلية الإيطالي وزعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف ماتّيو سالفيني، فيما كانت مجموعة أخرى تطلق هتافات مضادة وتطالب باعتقالها. وبعد إلقاء القبض عليها، اقتيدت راكيتيه مكبّلة الأيدي إلى مخفر للشرطة حيث وجّهت إليها تهمة «التمرّد والعنف ضد سفينة حربية»، الأمر الذي قد يعرّضها لعقوبة السجن من ثلاث إلى عشر سنوات.
وكانت سفينة الإنقاذ التي ترفع علم هولندا وتملكها منظمة غير حكومية ألمانية قد دخلت المياه الإقليمية الإيطالية مساء الخميس الماضي وألقت مرساتها بانتظار السماح لها بإنزال المهاجرين الموجودين على متنها منذ 12 الشهر الجاري. لكنّ الوضع الصحي للمهاجرين بدأ يتدهور في الأيام الأخيرة وتمّ إخلاء اثنين منهم في حالة خطرة مساء الجمعة الماضي، مما دفع بقائدة السفينة إلى إعلان «حالة الضرورة» التي تجاهلتها السلطات الإيطالية، ثم إلى اتخاذ القرار بالتوجّه إلى رصيف الميناء. وكانت النيابة العامة الإيطالية، تجاوباً مع طلب وزير الداخلية، قد وجهت تهمة الاتجار غير المشروع بالأشخاص إلى قائدة السفينة التي قالت: «أنا على يقين من أن العدالة الإيطالية سوف تقرر أن قانون البحار وحقوق الأشخاص أهمّ من الأمن وحقوق إيطاليا في مياهها الإقليمية». وإلى هذه التهمة أُضيفت الآن تهمة التمرّد على أوامر سفينة حربية ومحاولة إغراق زوارق خفر السواحل عند الدخول بالسفينة عنوة إلى رصيف الميناء. ولدى دخولها إلى الميناء التجاري كان على متن سفينة الإنقاذ خمسة برلمانيين من المعارضة صعدوا إليها منذ يومين لتفقد المهاجرين، وقد صرّح أحدهم قائلاً: «أخيراً انتهت هذه الملحمة، على أمل أن تنتهي قريباً ملحمة القبطانة. لقد شاهدتم كم كان من السهل إنزال المهاجرين... لا أفهم كيف وصلنا إلى هذا الوضع». أما وزير الداخلية فقد وصف تصرّف قائدة السفينة بأنه «إجرامي عرّض حياة خفر السواحل للخطر وانتهك القوانين المرعيّة»، وأعرب عن استغرابه أن يحصل ذلك بوجود برلمانيين على متن السفينة، بينهم وزير سابق للمواصلات.
كانت إيطاليا قد أصرّت على رفض السماح بإنزال المهاجرين في موانئها إلى أن تتعهد دول أوروبية أخرى باستقبالهم، لكن الاتفاق الذي توصلت إليه المفوضية الأوروبية مع فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وفنلندا والبرتغال لتوزيع المهاجرين عليهم جاء متأخراً بعد أن كانت قائدة السفينة قد اتخذت قرارها بالدخول إلى الميناء.

- كارولا راكيتيه في سطور
> كارولا راكيتيه هي اليوم العدو رقم واحد بالنسبة إلى وزير الداخلية الإيطالي الذي تقول عنه: «عليه أن ينتظر طويلاً في الطابور لكي يلفت انتباهي. منذ فترة طويلة لم أعد أقرأ تصريحاته أو أكترث لتعليقاته». ومنذ أن أصبحت الوجه الأبرز للحركة المناهضة لسياسة الهجرة التي ينهجها وزير الداخلية الإيطالي، والتي سممت علاقات روما بمعظم شركائها في الاتحاد الأوروبي، يسعى أنصار زعيم الرابطة إلى النيل من سمعتها ومصداقيتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واتهامها بأنها «طفلة مدلّلة وتعمل لخدمة أهداف سياسية بالتواطؤ مع منظمات الاتجار بالمهاجرين». راكيتيه (31 عاماً) وُلدت في عائلة ألمانية ميسورة وهي مجازة في العلوم البحرية ومتخصصة في العلوم التطبيقية لحماية البيئة، وحائزة على درجة ماجستير في علم الطيور البحرية. درست في ثلاث جامعات ألمانية وبريطانية، تتحدث خمس لغات، وتقول: «شهدتُ النور في بلد غني وأحمل جواز سفر يفتح أمامي حدوداً كثيرة، لكن أرى من واجبي الأخلاقي أن أساعد أولئك الذين لا يملكون نفس الفرص التي جاءتني مع الولادة». بعد أن أنهت دراساتها الجامعية التحقت ببعثة علمية ألمانية على متن كاسحة جليد في القطب المتجمد الشمالي، ثم عملت كمساعدة قبطان على متن إحدى السفن التابعة لمنظمة «غرين بيس» قبل أن تنضمّ إلى منظمة «سي ووتش» حيث تولّت تنسيق مهام الاستطلاع الجوي لتحديد مواقع زوارق المهاجرين التائهة في المتوسط لمساعدتها، ثم أصبحت قائدة للسفينة التي تحتجزها اليوم السلطات الإيطالية في ميناء لامبيدوسا على مرمى حجر من السواحل الأفريقية.


مقالات ذات صلة

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة خلال محاولتهم اقتحام معبر سبتة الحدودي مع إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تشيد بتعاون المغرب في تدبير تدفقات الهجرة

أشادت كاتبة الدولة الإسبانية للهجرة، بيلار كانسيلا رودريغيز بـ«التعاون الوثيق» مع المغرب في مجال تدبير تدفقات الهجرة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي مهاجرون يعبرون بحر المانش (القنال الإنجليزي) على متن قارب (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 00:32

العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقاً أمنياً لاستهداف عصابات تهريب البشر

قالت بريطانيا، الخميس، إنها وقعت اتفاقاً أمنياً مع العراق لاستهداف عصابات تهريب البشر، وتعزيز التعاون على الحدود.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».