جولة جيفري الأوروبية المتوسطية {لتأكيد أولويات واشنطن} في سوريا

TT

جولة جيفري الأوروبية المتوسطية {لتأكيد أولويات واشنطن} في سوريا

يواصل المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والتحالف الدولي ضد «داعش» جيمس جيفري جولته الأوروبية المتوسطية. وانضم في بروكسل أمس إلى وزير الدفاع بالوكالة مارك إسبر للمشاركة في اجتماع وزراء دفاع «المجموعة المصغرة لوزراء دفاع التحالف الدولي».
كما يعقد جيفري برفقة نائبه ويليام روبوك اجتماعات منفصلة مع كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي لمناقشة الوضع في سوريا والعراق، بما في ذلك الحاجة إلى مساعدة إضافية لتحقيق الاستقرار.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارلو كروس دوران، إن جولة السفير جيفري هي لتأكيد أولويات الولايات المتحدة في سوريا مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ومعالجة كثير من القضايا المرتبطة بإنهاء الصراع في أسرع وقت ممكن. وأضاف دوران في رسالة عبر البريد الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط»، أن الولايات المتحدة ستبقى منخرطة مع الأمم المتحدة والأطراف الأخرى، بما في ذلك روسيا، لتشجيع جميع الجهود الممكنة لدفع المسار السياسي في سوريا على النحو المطلوب في قرار مجلس الأمن رقم «2254».
ويسود الجمود مسارات الأزمة السورية، فيما تتراوح المعارك العسكرية الدائرة في محافظة إدلب السورية، ويسود الغموض مصير اتفاق خفض التصعيد الذي ترعاه روسيا وتركيا وإيران، بعد بدء النظام السوري وروسيا هجوماً واسعاً على إدلب منذ أكثر من شهر ونصف.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية إن واشنطن مستمرة في دعوة جميع الأطراف، بما في ذلك روسيا ونظام الأسد، إلى الوفاء بالتزاماتها لإنهاء العنف في إدلب وتجنب أي هجوم عسكري واسع والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لمواجهة الكارثة الإنسانية.
وتتواصل المفاوضات التي تجريها واشنطن مع عدد من الدول الأوروبية والعربية وتركيا لإقامة المنطقة الآمنة على الحدود التركية - السورية، وحل الخلاف التركي مع الأكراد، وبدء عمليات الإعمار في مناطق شمال شرقي سوريا التي تحررت من «داعش». وقال دوران إن واشنطن تحث شركاءها وحلفاءها على عدم تقديم المساعدات لإعادة الإعمار إلى الحكومة السورية، في ظل غياب تقدم حقيقي نحو تسوية سياسية للنزاع تماشياً مع القرار «2254».
وأضاف أنه «رغم ذلك، ومن أجل ضمان هزيمة دائمة لـ(داعش)، نعمل مع الحلفاء والشركاء في التحالف الدولي للحصول على مساهمات للمساعدة في أنشطة تحقيق الاستقرار في شمال شرقي سوريا». وعدّ أن «استقرار هذه المنطقة يتطلب مساهمات مالية تتجاوز ما يمكن أن تقدمه دولة واحدة، والحفاظ على تلك المساعدات يساهم في استقرار شمال شرقي سوريا في المستقبل المنظور».
ورفض التعليق على الأنباء التي تحدثت عن زيارات بعض المسؤولين العرب للبحث في تقديم المساعدات للمناطق التي تحررت من «داعش»، قائلاً إن الأمر يعود إلى تلك الدول للإعلان عن أنشطتها.
وحول المنطقة الآمنة؛ قال دوران إن واشنطن تجري مناقشات إيجابية ومثمرة مع أنقرة بشأن إنشاء تلك المنطقة، لضمان استقرارها وأمنها، ومعالجة المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا.
وأكد أن الاجتماع الثلاثي الذي ضم مسؤولي الأمن القومي لكل من روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة، ناقش قضايا الأمن الإقليمي والتنسيق في الوقت المناسب والطرق التي يمكن أن يعملوا من خلالها للتوصل إلى حلول سلمية للنزاعات في الشرق الأوسط.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.