تونس: ممنوع من الترشح يعتزم تشكيل حزب لخوض الرئاسيات

TT

تونس: ممنوع من الترشح يعتزم تشكيل حزب لخوض الرئاسيات

يعتزم نبيل القروي، صاحب قناة «نسمة» الخاصة ورئيس جمعية «خليل تونس»، تشكيل حزب سياسي جديد يخوض به منافسات الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التونسية، وذلك بعد تصويت البرلمان ضد ترشح رؤساء المؤسسات الإعلامية ورؤساء الجمعيات الأهلية للانتخابات المقررة نهاية السنة الجارية.
وأكدت مصادر سياسية أن القروي، المتشبث بحقه الدستوري في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، أحاط نفسه خلال الفترة الماضية بعدد من المستشارين السياسيين والمختصين في مجال الاتصالات بهدف ضمان نجاح ملفه في حال التقدم للانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني، خاصة بعد أن بوأته نتائج سبر الآراء المرتبة الأولى، سواء بين الأحزاب السياسية، أو على مستوى نوايا التصويت في حال ترشحه للرئاسة.
ويرى مراقبون أن القروي سيمثل في حال نجاحه في هذه «المغامرة الانتخابية» ظاهرة سياسية لافتة للنظر، لأنها ستكون المرة الأولى التي يمنح فيها المستجوبون في استطلاعات الرأي المرتبة الأولى لمرشح لم يشكل حزبا سياسيا بعد، ولا ينتمي إلى أي عائلة سياسية.
ويأتي اعتزام القروي تشكيل حزب سياسي جديد، بعدما أقر مجلس النواب خلال هذا الأسبوع تعديلات مثيرة للجدل على القانون الانتخابي، يمكن أن تقصي مرشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية المرتقبة في نهاية السنة الحالية. وقد صوت مجلس نواب الشعب (البرلمان) على تعديلات مختلفة، تطرح شروطا جديدة على المرشح، بينها عدم قيامه بتوزيع مساعدة مباشرة لمواطنين، أو استفادته من دعاية سياسية. وهذا النص القانوني الجديد بالذات يحول دون ترشيح القروي، وسيدة الأعمال ألفة التراس رامبورغ، رئيسة جمعية «عيش تونسي».
وفي هذا الشأن، قال المحلل السياسي التونسي جمال العرفاوي لـ«الشرق الأوسط» إن القروي «اعتمد على وسائل الاتصال المباشرة مع العائلات التونسية للتأثير على الشارع التونسي، وهو يعلم علم اليقين أن الملفات الاجتماعية والاقتصادية هي التي تهم التونسيين أكثر من غيرها، بعد سنوات من الغلاء وتراجع مستوى المعيشة». معتبرا أن احتلاله المرتبة الأولى في نوايا التصويت في الانتخابات المقبلة، بشقيها الرئاسي والبرلماني، تترجمه التحركات الاجتماعية التي نفذها منذ أشهر، والاستفادة المباشرة من الاتصال بالمواطنين بعيدا عن لغة السياسية والوعود الانتخابية، التي تنتهي بإعلان نتائج الانتخابات.
وتوقع العرفاوي أن يواصل القروي سلسلة المفاجآت على مستوى نوايا التصويت، موضحا أنه «بات يمثل اليوم منافسا جديا سواء لحركة النهضة، وحتى حركة تحيا تونس، الطامحتين بدورهما للحصول على مراتب متقدمة في انتخابات تونس»، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، أظهر أحدث سبر للآراء في تونس، نشرت نتائجه إثر إقرار التعديل على القانون الانتخابي، أن القروي ما زال يحتل الصدارة في نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة؛ حيث حصل على المرتبة الأولى بنسبة 26.5 في المائة، متقدما على بقية المترشحين، بما في ذلك يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية. فيما احتل قيس سعيد خبير القانون الدستوري، والمرشح بدوره للانتخابات الرئاسية، المرتبة الثانية بنسبة 15.2 في المائة.
وفي السياق ذاته، سجلت قائمات جمعية «عيش تونسي» حضورها في هذا الاستطلاع باحتلالها المرتبة السادسة، وذلك بحصولها على نسبة 5.4 في المائة من نوايا التصويت، على الرغم من عدم تمثيلها رسميا من قبل أحد الأحزاب الناشطة على الساحة السياسية.
من جهة أخرى، أكد الحبيب الزمالي محامي لطفي براهم، وزير الداخلية التونسية السابق، رفض محكمة باريس في العاصمة الفرنسية الدعوى القضائية، التي رفعها براهم ضد الصحافي الفرنسي نيكولا بو، الذي اتهمه في مقال صحافي بالإعداد لانقلاب ضد الرئيس الباجي قائد السبسي.
وكان براهم قد طالب في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بإلزام الصحافي نيكولا بو بدفع مبلغ مالي قدره بـ500 ألف يورو، تعويضا عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق به نتيجة المقال المنشور.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.