تقرير أميركي: السبيعي ممول «القاعدة» يستغل أمواله عبر بنك في الدوحة

ثغرات في العقوبات الدولية على الإرهاب... ومتطرف قطري أكبر المستفيدين

TT

تقرير أميركي: السبيعي ممول «القاعدة» يستغل أمواله عبر بنك في الدوحة

تمكن أفراد مدرجون على قائمة الأمم المتحدة السوداء لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيين من استخدام حساباتهم المصرفية، وحصل ممول كبير للإرهاب على 120 ألف دولار سنوياً من أجل «احتياجات أساسية»، وذلك حسب تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أمس.
وزعم التقرير أن ثغرات في الإجراءات الخاصة بالعقوبات، التي يفرضها مجلس الأمن، قد سمحت لإرهابين تابعين لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، ومؤيديهم بالوصول إلى حساباتهم المصرفية واستخدامها رغم تجميدها من جانب الأمم المتحدة، وذلك بحسب وثائق قامت صحيفة «وول ستريت جورنال» بمراجعتها، وكذلك بحسب أفراد مطلعين على الأمر. من بين الذين وصلوا إلى تلك الأموال، خليفة السبيعي، أحد الممولين القطريين والذي تعدّه الولايات المتحدة الأميركية واحداً من أكبر ممولي قيادات تنظيم «القاعدة»، وخالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وكان قد تمّ إدراج السبيعي على القائمة السوداء للأمم المتحدة للإرهاب عام 2008، لكنها سمحت له منذ ذلك الحين بالحصول على حد أقصى من المال قدره 10 آلاف دولار شهرياً من حساباته المصرفية المجمدة، تلبية لاحتياجاته الأساسية بحسب ما جاء في التقرير. ولم يرد السبيعي على الطلب بالتعليق على الأمر.
وتوضح سجلات الأمم المتحدة سماح مجلس الأمن لأفراد مدرجين على القائمة السوداء باستخدام حساباتهم المصرفية المجمدة؛ حيث تمت الموافقة على 71 من إجمالي 72 طلباً تم تقديمها خلال الفترة ما بين 2008 و2018.
مع ذلك، من المرجح ألا يكون هذا الرقم دقيقاً في التعبير عن عدد المرات التي تمكن خلالها المدرجون على القائمة السوداء من استخدام حساباتهم المصرفية، بحسب التقرير.
وقد وضع مجلس الأمن أكثر من 250 اسما لأفراد في «القاعدة» و«داعش» أو لمؤيدين لهم، مما يشير إلى سماح دول أولئك الأشخاص لهم بالدخول على حساباتهم دون تصريح أو إذن مسبق من مجلس الأمن.
وليس من المفترض أن يحصل أولئك المدرجون على تلك القائمة السوداء على أي مال لضمان عدم دعمهم أي هجمات إرهابية. ولا يتم السماح لهم بالحصول على مبالغ مالية ضئيلة لتلبية احتياجاتهم الأساسية من مأكل ومسكن وغيرها إلا بطلب مقدم إلى الأمم المتحدة. لكن، يقول بعض المسؤولين في الأمم المتحدة إن بعض الدول الأعضاء لا تراقب أولئك الإرهابيين الذين يعيشون داخل حدودها جيداً، ولا تحرص على منعهم من الحصول على مبالغ مالية كبيرة. كذلك يوضح المسؤولون، الذين نقلت آراءهم الصحيفة ذاتها، أن الإجراءات الخاصة بالإعفاءات والاستثناءات غير محكمة وتفتقر إلى الرقابة والإشراف، حيث يتم منح تلك الإعفاءات فعلياً إلى أي شخص يطلبها حتى لو كانت المبالغ المالية المطلوبة كبيرة بشكل مبالغ فيه وغير مبررة إطلاقاً، إلى جانب عدم وجود أي عمليات تدقيق خاصة بالإنفاق.
من المشكلات الأخرى فيما يتعلق بمنع الحصول على الأموال المجمدة، هي إمكانية رفض الطلب المقدم من سلطات بلدان أولئك الأشخاص فقط من خلال تصويت بالإجماع، مما يعني ضرورة رفض جميع أعضاء مجلس الأمن، البالغ عددهم 15 عضواً؛ «وهو أمر من الصعب حدوثه في مجلس الأمن»، على حد قول أحد الأشخاص.
وأضاف التقرير أنه تتجلى بعض الإشكاليات الخاصة بتلك الإجراءات في برامج أخرى خاصة بالعقوبات، كما يوضح أولئك المسؤولون الذين يدفعون حالياً باتجاه عملية إصلاح شاملة لتلك القواعد. من بين تلك الإشكاليات سرية الإجراءات، التي يتخذها مجلس الأمن فيما يتعلق بالأموال المجمدة، حيث لا يتم الكشف عن هوية الشخص المفروضة عليه العقوبة، أو قيمة المبالغ المالية علناً. مع ذلك، ظهرت حالة السبيعي، المسؤول السابق في «مصرف قطر المركزي»، والذي تزعم الأمم المتحدة علناً أنه ظل يمول الأنشطة الإرهابية على الأقل حتى عام 2013، من خلال عمليات إفصاح عدة، حيث ظهر حساب مصرفي للسبيعي في سجلات ضمن قاعدة بيانات تم تسريبها من «بنك قطر الوطني» بحسب ما جاء في تحليل لقاعدة البيانات قامت صحيفة «وول ستريت» بمراجعته. وكان البنك قد أقرّ باختراق أنظمته بالفعل من جانب قراصنة مجهولين عام 2016.
وعندما سألت «وول ستريت جورنال» البنك ومتحدثاً باسم السفارة القطرية في واشنطن عن سبب امتلاك داعم للإرهاب مدرج على القوائم السوداء حساباً مصرفياً نشطاً، رفضا التعليق على حالة السبيعي بدافع السرية. مع ذلك، قال مسؤولون قطريون في الدوحة إن أمواله مصرح بها من جانب الأمم المتحدة، وأكدوا استمرار نشاط حساباته المصرفية المتعددة حتى بعد صدور قرار تجميدها عام 2008، وفق ما جاء بالتقرير.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.