عاد ملف فساد منح قطر حق استضافة مونديال 2022، ليطل من جديد بتوقيف الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني احتياطيا أمس في إطار تحقيق حول تلقيه رشى لدعم الإمارة الخليجية.
كما استمع محققو مكتب مكافحة الفساد التابع للشرطة القضائية في باريس إلى كلود غيان، الأمين العام لقصر الإليزيه في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، بصفة شاهد حر، بعد أن ورد اسم الأخير في ملف الاتهامات. وكانت النيابة العامة المالية فتحت في 2016 تحقيقا أوليا حول «فساد خاص» و«تآمر جنائي» و«استغلال نفوذ وإخفاء استغلال نفوذ» حول منح روسيا وقطر حق استضافة مونديالي 2018 و2022.
وتعرض بلاتيني، 63 عاما، الذي ترأس الاتحاد القاري بين 2007 و2015، للإيقاف عن ممارسة أي نشاط كروي لثمانية أعوام في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2015، قلصتها محكمة التحكيم الرياضي إلى أربع سنوات في العام التالي، لقبوله دفعة مشبوهة عام 2011 بقيمة 1.8 مليون يورو عن عمل استشاري قام به للرئيس السابق للاتحاد الدولي السويسري جوزيف بلاتر عام 2002، لم يكن مرتبطا بعقد مكتوب.
كما أوقف بلاتر الذي أجبر على ترك منصبه في يونيو (حزيران) 2015، إثر تحقيق قضائي أميركي حول فساد هز كيان المنظمة الدولية التي تتخذ من زيوريخ مقرا لها، لثمانية أعوام خفضت بعدها إلى ستة.
وأدت الفضيحة إلى انتخاب السويسري جاني إنفانتينو رئيسا للمنظمة الدولية في فبراير (شباط) 2016، بعد شغله منصب الأمين العام للاتحاد الأوروبي في عهد بلاتيني الحاصل على جائزة الكرة الذهبية ثلاث مرات والموقوف حتى أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وكان بلاتر، كرر في مارس (آذار) الماضي تأكيده أن منح قطر تنظيم مونديال 2022 تم بعد تدخل من جانب ساركوزي لدى بلاتيني. وقال: «تم انتخاب قطر لتنظيم مونديال 2022 بعد تدخل سياسي من جانب رئيس فرنسا نيكولا ساركوزي الذي طلب من ميشال بلاتيني أن يصوت مع المقربين منه لصالح قطر».
وأردف قائلا: «هذه الأصوات الأربعة رجحت كفة قطر في مواجهة الولايات المتحدة. وأدى هذا الموقف إلى هجوم من جانب الخاسرين على الفيفا وعلى شخصي أنا: إنجلترا الخاسرة أمام روسيا لتنظيم مونديال 2018، والولايات المتحدة أمام قطر». وألقى بلاتر باللوم على بلاتيني لعرقلة اتفاق يمنح الولايات المتحدة حق استضافة مونديال 2022، ونقل في مقابلة مع «فاينانشيال تايمز» في 2015 عن بلاتيني قوله عشية التصويت: «لم أعد معك في الصورة لأن رئيس الدولة أبلغني بأخذ وضع فرنسا في عين الاعتبار».
وفي مارس الماضي أيضا، أوردت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أن الاتحاد الدولي وقع عقدا سريا مع شبكة الجزيرة القطرية، قبل ثلاثة أيام من التصويت على نهائيات 2022، تضمن دفع 100 مليون دولار في حساب معين لفيفا إذا فازت قطر باستضافة المونديال.
وخضع ملفا مونديالي 2018 و2022 لتحقيق داخلي في فيفا عبر المحقق الأميركي «غارسيا» الذي أكد أن الحملتين لم توفيا بالمعايير.
وتحدثت مجلة «فرنس فوتبول» عام 2013 في تحقيق من 15 صفحة بعنوان «قطر غيت» عن «اجتماع سري» في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 بين ساركوزي والشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي عهد قطر آنذاك وبلاتيني وسيباستيان بازان، ممثل «كولوني كابيتال» المالكة حينها لباريس سان جيرمان الذي كان يمر بأزمة مالية صعبة.
وادعت المجلة أن ساركوزي أقنع بلاتيني بالتصويت لمصلحة قطر لأسباب «جيوسياسية»: «خلال هذا الاجتماع تمت مناقشة مسألة شراء باريس سان جيرمان من القطريين (تم ذلك فعليا في يونيو 2011)، من خلال رفع حصتهم ضمن مجموعة لاغاردير، وإنشاء قناة رياضية (بي إن سبورتس) لمنافسة قناة كنال بلوس - التي كان ساركوزي يرغب في إضعافها -، كل ذلك كان مقابل وعد: عدم منح بلاتيني (رئيس الاتحاد الأوروبي) صوته إلى الولايات المتحدة الأميركية، كما كان ينوي، ولكن إلى دولة قطر».
في 2014 نفى بلاتيني ما يقال عن اجتماعه بساركوزي على طاولة العشاء للاتفاق على دعم ملف قطر، لكنه أكد أن تمنيات الرئيس الفرنسي حينها كانت واضحة في العشاء «تلقيت اتصالا من رئيس الجمهورية الفرنسية التي هي بلدي كما يعلم الجميع. عندما وصلت فوجئت بوجود أمير قطر ورئيس وزرائها. لم يعلمني أحد بأنهما سيوجدان هناك».
وواصل: «تناولنا العشاء معا لكن كما أشرت سابقا لم يعلمني أحد بأن القطريين سيوجدون هناك وأشدد على أن الرئيس ساركوزي لم يطلب مني التصويت لقطر لكي تستضيف مونديال 2022، إن كان قبل، أو خلال، أو بعد ذلك الاجتماع».
لكن بلاتيني أقر بأنه كان يعلم ما يريده ساركوزي من ذلك الاجتماع، وقال: «أدركت من تلقاء نفسي أن ساركوزي كان مهتما بأن تحصل قطر على استضافة كأس العالم. لكنه لم يتقدم بأي طلب مني».
وكان بلاتيني الذي يعمل ابنه محاميا في قطر قد أكد عام 2014 لصحيفة «بيلد إم سونتاغ» الألمانية أن علاقات ابنه المهنية مع الدولة الخليجية لا تشكل عائقا وقال: «اختير ابني للعمل من قبل القطريين ليس لأنه نجلي وإنما لأنه محام جيد».
ولم يخف بلاتيني أنه صوت لقطر في ملف مونديال 2022 بغية انفتاح كرة القدم أمام دول جديدة، مذكرا بأنه «العضو الوحيد في اللجنة التنفيذية (السابقة للفيفا) الذي كشف عن تصويته، وهذا دليل على شفافيتي التامة، ولا أحد يملي علي ما يجب القيام به».
ومع فتح باب التحقيقات مجددا أصبح الفيفا في مرمى النيران حيث عليه تنظيف ساحته قبل موعد انطلاق المونديال، واتخاذ الكونغرس العام قرارات مهمة بسحب البطولة من قطر إذا كان حصولها على الاستضافة تم وفق حملة رشى وفساد مالي. ووفقا للقانون الفرنسي، فإن المشتبه فيه يمكن استجوابه لمدة تصل إلى 48 ساعة.
بلاتيني يخضع لتحقيقات جديدة في ملف فساد مونديال قطر
ساركوزي في دائرة اتهامات القضاء الفرنسي باستغلال النفوذ لدعم الدوحة
بلاتيني يخضع لتحقيقات جديدة في ملف فساد مونديال قطر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة