القصف الإسرائيلي جنوب سوريا «رسالة تحذير» لموسكو وطهران

مقاتلون من «حزب الله» وإيران يتسللون إلى الجولان... وشكاوى في تل أبيب من «عدم تحرّك» الشرطة الروسية

بطارية صواريخ إسرائيلية تمثّل جزءاً من «القبة الحديدية» في جبل الشيخ بالجزء المحتل من هضبة الجولان في مطلع يونيو الحالي (أ.ف.ب)
بطارية صواريخ إسرائيلية تمثّل جزءاً من «القبة الحديدية» في جبل الشيخ بالجزء المحتل من هضبة الجولان في مطلع يونيو الحالي (أ.ف.ب)
TT
20

القصف الإسرائيلي جنوب سوريا «رسالة تحذير» لموسكو وطهران

بطارية صواريخ إسرائيلية تمثّل جزءاً من «القبة الحديدية» في جبل الشيخ بالجزء المحتل من هضبة الجولان في مطلع يونيو الحالي (أ.ف.ب)
بطارية صواريخ إسرائيلية تمثّل جزءاً من «القبة الحديدية» في جبل الشيخ بالجزء المحتل من هضبة الجولان في مطلع يونيو الحالي (أ.ف.ب)

على الرغم من أن السلطات الرسمية في إسرائيل لم تعترف بالقصف الجديد الذي تعرضت له سوريا فجر الأربعاء، سرّبت مصادر أمنية مسؤولة أنباء عن أن الضربة استهدفت موقعاً عسكرياً في قرية تل الحارة في الجانب المحرر من الجولان السوري، بادعاء أنه استخدم «قاعدة استخبارية» ضد إسرائيل. وتم اعتبار هذا القصف «رسالة تحذير» إلى روسيا وليس فقط إلى السوريين والإيرانيين.
وكانت دمشق أعلنت فجر الأربعاء أن دفاعاتها الجوية تصدت لـ«عدوان إسرائيلي» وأسقطت «عدداً من الصواريخ» في جنوب سوريا، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا): «تصدت وسائط الدفاع الجوي في الجيش العربي السوري لعدوان إسرائيلي بالصواريخ على تل الحارة في المنطقة الجنوبية وأسقطت عدداً منها»، مضيفة أن الهجوم وقع نحو الساعة الثانية فجراً (11.00 ت غ) على المنطقة القريبة من مرتفعات الجولان. وأشارت الوكالة إلى أن «الأضرار اقتصرت على الماديات ولا يوجد أي خسائر بشرية». وأضافت أن «العدو الإسرائيلي بعد عدوانه بعدد من الصواريخ بدأ بحرب إلكترونية حيث تتعرض الرادارات للتشويش».
وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن دمشق لا تعلن عادة عن المواقع التي تستهدفها إسرائيل. لكن منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011 قامت الدولة العبرية باستهداف مواقع للجيش السوري وأهداف إيرانية وأخرى لـ«حزب الله» اللبناني.
وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، من جهته، أن الصواريخ استهدفت موقعين تابعين لـ«حزب الله» اللبناني، دون أن توقع ضحايا. وذكر مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن للوكالة الفرنسية أن «المواقع التي قصفت كان يوجد فيها (حزب الله) اللبناني». وأضاف «المرصد» أن الصواريخ أصابت تل الحارة الاستراتيجي الواقع في محافظة درعا الجنوبية حيث نصب «حزب الله» رادارات ولديه نظام بطاريات دفاع جوي، بحسب «المرصد».
كما استهدف القصف ثكنات للمقاتلين اللبنانيين في بلدة القنيطرة المهجورة على الجانب الخاضع لسيطرة الدولة السورية في المنطقة المنزوعة السلاح بين البلدين في الجولان. ومدينة القنيطرة في حال من الخراب إلى حد كبير منذ أكثر من أربعة عقود بعد أن تم تدميرها من قبل القوات الإسرائيلية قبل انسحابها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1974.
وفي تل أبيب، قالت مصادر أمنية إن تل الحارة يعتبر أعلى نقطة في منطقة الجولان، وتتيح الرصد البصري والإلكتروني للتحركات على الجانب الآخر من الحدود، الذي تحتله إسرائيل منذ سنة 1967، وإنه قاعدة عسكرية مغلقة، منذ عشرات السنوات وهو كقاعدة استخبارية للجيش السوري، لكن جهات أخرى تستخدمه اليوم إلى جانب السوريين، أكان ذلك من إيران وميليشياتها أو من روسيا.
ولفتت إلى أن «جبهة النصرة» كانت قد سيطرت على هذه القرية لفترة معينة خلال النزاع السوري، واستولى عناصرها على وثائق لعناصر الاستخبارات الروسية والإيرانية الذين كانوا يراقبون مواقع المعارضة في منطقتي درعا والجولان. لكن الجيش السوري عاد وسيطر على المنطقة، نهاية العام الماضي. وفي إطار التنسيق الأمني المثابر بين إسرائيل وروسيا حول سوريا، اتفقت روسيا مع قوات النظام بألا يسمح لأحد سوى الجيش السوري بالوجود في المنطقة، وأبلغ الروس الإسرائيليين بأنه تم إبعاد القوات الإيرانية والقوى الموالية لها إلى شرق طريق دمشق - درعا، الذي يمر قرب تل الحارة، إلى مسافة 80 كيلومتراً بعيدا عن الحدود مع إسرائيل. وأكدت المصادر الإسرائيلية أن النظام السوري التزم بالاتفاق بشكل عام، لكن لوحظ في الأسابيع الأخيرة أن عناصر أخرى وخاصة من «حزب الله» اللبناني، وكذلك قوات إيرانية أو موالية لها، بدأت تصل إلى الموقع. وبحسب هذه التقديرات الإسرائيلية، فإن الهدف من هذا التحرك هو جمع معلومات استخبارية تتيح لهم «التسلل» مستقبلا إلى داخل إسرائيل، ومهاجمة بلدات إسرائيلية ومواقع عسكرية، أو لتوجيه الصواريخ والمدفعية، ومتابعة تحركات الجيش الإسرائيلي وطائراته الحربية. وأضافت أن تل الحارة عاد ليكون قاعدة استخبارية لمهاجمة إسرائيل ضمن «قيادة الجنوب» في «حزب الله»، وكذلك ضمن «الجبهة السورية» التي يحاول إقامتها قائد «فيلق القدس»، قاسم سليماني.
وأكدت المصادر المذكورة أن إسرائيل توجهت إلى روسيا بهذا الخصوص ولكن الوضع لم يتغير. ولذلك فإن الهجوم كان مسألة وقت. وهو يعتبر أولاً إشارة للروس أن عليهم أن يعملوا على احترام التفاهمات، وإلا فإن إسرائيل ستهتم بذلك بنفسها. وأشارت المصادر ذاتها إلى أنه تنتشر في المنطقة الشرقية من الجولان السوري، اليوم، عناصر من الشرطة العسكرية الروسية، تستطيع أن تستوضح وتعرف بسهولة الحقائق حول ما يجري في تل الحارة. ورأت أن مصلحة روسيا أن تعرف وتمنع هذا النشاط، وليس فقط في إطار تنافس موسكو المتصاعد مع إيران، بل أيضا في إطار إنجاح الجهود للتسوية السياسية والإصلاح الاقتصادي في سوريا.



ميزانية حوثية لكبار القادة وعائلاتهم لتعزيز طرق التخفي والحماية

القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
TT
20

ميزانية حوثية لكبار القادة وعائلاتهم لتعزيز طرق التخفي والحماية

القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)
القيادي محمد علي الحوثي في اجتماع سابق مع كيان استحدثه للسيطرة على العقارات (إكس)

أفادت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء بأن الجماعة الحوثية خصصت ميزانية مالية ضخمة من موارد المؤسسات الحكومية المختطفة، على هيئة نفقات يومية لكبار القادة وأُسرهم، وذلك منذ انتقالهم من صنعاء إلى وجهات غير معلومة ضمن إجراءات احترازية لتجنب الاستهداف المباشر من المقاتلات الأميركية.

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن مكتب زعيم الجماعة الحوثية أصدر في أواخر مارس (آذار) الماضي توجيهات إلى وزارة المالية في الحكومة غير المعترف بها، وهيئتي «الزكاة» و«الأوقاف» المستحدثتين، إلى جانب مؤسسات مالية أخرى تُدير أموال الجماعة المنهوبة، بتخصيص مليارات الريالات اليمنية لصالح قادة الصفين الأول والثاني ولأسرهم، لتغطية نفقات فترة اختفائهم عن الأنظار. (الدولار بنحو 535 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة).

ووفق المصادر ذاتها، فقد شددت التوجيهات على أن يُقتطع جزء من هذه الميزانية من التبرعات الشعبية التي جمعتها الجماعة سابقاً في مناطق سيطرتها تحت لافتة دعم القضية الفلسطينية.

وفي وقت تستمر فيه الجماعة في رفضها صرف رواتب الموظفين الحكوميين منذ سنوات، اتهمت مصادر عاملة في وزارة مالية الانقلاب تورط ثلاث قيادات حوثية بارزة هم: محمد علي الحوثي، ومهدي المشاط، وأحمد حامد، في الاستحواذ على النصيب الأكبر من تلك المبالغ المخصصة لكبار القادة.

ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)
ضربات أميركية دمّرت ميناء رأس عيسى اليمني الخاضع للحوثيين (رويترز)

وأكدت المصادر أن القيادي محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، ومهدي المشاط، رئيس مجلس حكمها الانقلابي ومدير مكتبه أحمد حامد، حصلوا على الجزء الأكبر من تلك النفقات، رغم الأوضاع الإنسانية المتدهورة في البلاد.

نهب للموارد

في ظل هذا النهب المنظم للموارد، يعيش أكثر من ثلثي السكان في مناطق سيطرة الحوثيين على حافة الفقر والمجاعة، بينما تستمر الجماعة في التوسع في مشروعها المالي الخاص عبر استغلال الموارد العامة وتوظيفها لصالح القادة وأُسرهم.

كان ناشطون موالون للحوثيين قد كشفوا عن أن مصروفات أحد قادة الجماعة من الصف الرابع بلغت خلال عام واحد فقط أكثر من ملياري ريال يمني، وهو ما يعكس حجم الفساد المالي في صفوف الجماعة حتى في المستويات الدنيا من القيادة.

وتزامناً مع الإنفاق السخيّ على القيادات، كثّفت الجماعة من فرض الإتاوات والجبايات غير القانونية على المواطنين والتجار في مختلف المناطق الخاضعة لها، لتعويض النفقات المتزايدة للقادة المختفين عن الأنظار.

ومنذ بدء الغارات الأمريكية ضد الحوثيين في 15 مارس الماضي، نفَّذت قيادات حوثية عمليات نهب واسعة شملت مؤسسات حكومية ومقرات رسمية في صنعاء ومدناً أخرى، كما باعت أراضي وعقارات تعود ملكيتها إلى الدولة أو صودرت سابقاً من مواطنين.

تلاعُب بالمساعدات

في موازاة ذلك، اتهمت مصادر حقوقية الجماعة الحوثية بمحاولة وقف صرف المساعدات النقدية التي تقدمها منظمات أممية ودولية ضمن المرحلة الـ19 المخصصة للحالات الفقيرة في صنعاء وريفها، ومحافظات إب، وعمران، وذمار، وريمة، والحديدة.

نازح يحمل مساعدات غذائية على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)
نازح يحمل مساعدات غذائية على أطراف صنعاء (إ.ب.أ)

وتستمر الجماعة الحوثية في وضع العراقيل أمام صرف هذه المساعدات، مما تسبب في حرمان مئات الأسر المستحقة في مديريات صنعاء مثل معين وبني الحارث وصنعاء القديمة وبني مطر وأرحب، إضافة إلى مناطق ريفية أخرى.

واشتكى عدد من المستفيدين في صنعاء ومحافظات أخرى لـ«الشرق الأوسط» من ممارسات حوثية تهدف إلى عرقلة عملية صرف المساعدات في بعض مراكز التوزيع، مما فاقم من معاناتهم في ظل أوضاع معيشية متدهورة.