برونو بافلوفسكي: الزبون المحلي أولوية «شانيل» وليس السائح العابر

غدا تفتتح الدار صفحة أخرى في سوق الشرق الأوسط

برونو بافلوفسكي (تصوير: فريدريك ديفيد)
برونو بافلوفسكي (تصوير: فريدريك ديفيد)
TT

برونو بافلوفسكي: الزبون المحلي أولوية «شانيل» وليس السائح العابر

برونو بافلوفسكي (تصوير: فريدريك ديفيد)
برونو بافلوفسكي (تصوير: فريدريك ديفيد)

كان اللقاء مع برونو بافلوفسكي، الرئيس التنفيذي لدار «شانيل»، في شارع «ديفو» بباريس قبل يوم واحد من عرض الـ«كروز 2020». أول عرض للمصممة فيرجيني فيار، خليفة الراحل كارل لاغرفيلد.
الكل كان يترقب والكل كان يتوجس أن يكون الفراغ الذي تركه المصمم الذي قاد الدار لنحو ثلاثة عقود كبيراً يصعب ملؤه. لكن الحديث لم يكن عن العرض، ولا عما إذا كان غياب لاغرفيلد سيُخلّف فراغاً أو سيخلق تحولات في تاريخ الدار العريقة. كان بكل بساطة عن الشرق الأوسط، وتحديداً عن محل الدار الرئيسي الجديد في «دبي مول»، الذي انتهت من تجديده وتجميله بعد نحو عام، لتفتتحه، غداً (الجمعة). كان برونو بافلوفسكي، الذي يُشرف على جانب الأزياء والإكسسوارات منذ أكثر من عقدين من الزمن وعايش عدة تغيرات وتحديات، كعادته واقعياً، يفكر في المدى البعيد، مكرراً قوله إن الدار تبني المستقبل «ما نقوم به الآن لا نستعجل ثماره غداً، لأن استراتيجياتنا تعتمد على بناء علاقة وطيدة في أي من الأسواق التي نتوجه إليها».
قال هذا ملمحاً إلى التحديات التي تشهدها صناعة الترف في كل أنحاء العالم، بما في ذلك دبي. السبب طبعاً هو الأزمة الاقتصادية وتراجع السياحة وما شابه من أمور أثَّرت على حركة البيع. يشرح: «نعم، نُدرك أن هناك أزمة اقتصادية عالمية، وبأن هناك زبائن أقل في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما ينعكس على حركة البيع، لكننا لا نفكر في الأمر بهذا الشكل، فقد واجهنا تجارب مماثلة في أسواق أخرى، وكانت بمثابة سحابة صيف عابرة، تجاوزناها مع الوقت... عندما قررنا الوجود في الشرق الأوسط، كانت لنا نظرة طويلة المدى، وكانت النية ربط علاقة وطيدة مع هذه السوق، وهو ما يتطلب الاستثمار في الزبون المحلي أولاً وأخيراً، بتقديم خدمات مفصَّلة على مقاسه. إذا توفر زبون السياحة فهذا رائع، لكنه ليس هدفنا الرئيسي».
بافتتاح محلها الجديد في «دبي مول»، بعد أبوظبي، وقبلهما في سيول وباريس ونيويورك وغيرها من عواصم العالم، تؤكد «شانيل» أن الاستثمار في العقار لا يزال مهمّاً لم تؤثر عليها قوة «الديجيتال»، وهو ما يُثلج الصدر. ففي زمن اكتسح فيه «الديجيتال» ومواقع التسوق الإلكتروني عالم الموضة، لا تزال بيوت أزياء كبيرة تؤمن بالتسوق الواقعي. «إنه تجربة عاطفية تقوم على لمس الأشياء وتجربتها وهذا مهم جدّاً» حسب قول برونو بافلوفسكي، الذي أشرف على كل الافتتاحات والتوسعات التي قامت بها الدار. ويضيف: «لدينا دائماً قناعة بأن ما نُقدمه ليس مجرد مُنتجات يمكن الحصول عليها بضغطة زر ودون إحساس، بل هي حصيلة تجربة فريدة من نوعها نوفرها للزبون بداخل هذه المحلات.
فعندما نطرح جاكيت أو حقيبة يد بسعر يفوق الـ5000 يورو، مثلاً، فمن الواجب علينا أن نُبرر له هذا السعر، وهو ما لا يتأتى سوى في الواقع من خلال الخدمات، ولمس المنتجات عن قرب، إضافة إلى التعرف على تاريخ الدار وقصتها. فالهدف من هذه المحلات، بديكوراتها المميزة أن تعكس روح الدار الفرنسية من جهة، والبيئة المحيطة بها من جهة ثانية».
يكرر بافلوفسكي أنه من المهم أن توجد «شانيل» في المنطقة، قلباً وقالباً، وهذا لا يُلغي أهمية «الديجيتال»، فهو، حسب قوله، «يُتيح الفرصة للوجود والتواصل في الوقت ذاته، كما أنه وسيلة لاستقطاب زبونات جديدات، لكن عندما يتعلق الأمر بعمليات البيع الحقيقية، فإن أولويتنا تتركز على جذب الزبون إلى المحلات لكي يعيش تجربة متكاملة وخاصّة جداً، نعتمد فيها على فريق محلي يفهم متطلبات زبائنه وتطلعاتهم».
ويشير إلى أنه على الرغم من أن «شانيل» فرنسية الجنسية، فإنها عالمية النظرة تتعامل مع زبائن من اليابان والصين والبرازيل، وهذا يعني أن الثقافات تختلف كذلك التوقعات «فنحن نُوفر نفس التشكيلة التي نعرضها على منصات عروض الأزياء في كل مكان... طريقة تقديمها، أو بالأحرى عرضها في كل بلد، هي التي تختلف. فالشكل الذي يناسب اليابان قد لا يناسب الولايات المتحدة مثلاً. وهذا جُزء من التحدي الذي نواجهه: أن نفهم الآخر ونحترمه بالتعامل معه بلغته». وبالفعل لم تتأخر «شانيل» عن الركب. فهي أكثر من يحترم ماضيها وتغرف منه، لكن دائماً بنظرة مستقبلية مواكبة لنبض العصر. وهذا مكمن نجاحها وسحرها. فدخولها مجال «الديجيتال» لا يجعلها تعتمد عليه كليّاً، فهو بمثابة «فاتح للشهية» لا يُشبع إلا بعد دخول «البوتيك» حيث يتوفر الطبق الدسم والغني. «دخولنا عالم (الديجيتال) قرار استراتيجي ندعو فيه الكل بمعاينة كل ما نطرحه على شبكات الإنترنت، لكننا بالنهاية نريده أن يأتي إلى (البوتيك). فهنا فقط سيعيش التجربة ويشعر بروح الدار».
محلها في «دبي مول»، الذي ستفتتحه، غداً (الجمعة)، ستكشف فيه الدار عن تغييرات كبيرة استغرقت أكثر من عام. مدة لا يراها بافلوفسكي طويلة، ما دامت النتيجة مُرضِية وبحجم توقعات زبائن المنطقة. لضمان النتيجة تم تجنيد المهندس الشهير بيتر مارينو لهذه المهمة كونه يعرف ثقافة الدار جيداً. صحيح أنه يتمتع بأسلوبه الخاص والمميز، إلا أنه «يلبس طربوش (شانيل) ويتقيد بالنص المكتوب فيها دائماً».
ويعلق بافلوفسكي على أهمية الديكورات وعلى دور بيتر مارينو قائلاً إن هذا الأخير «قدَّم أفضل ما لديه كلما كانت التحديات كبيرة أمامه».
و«الفضل في هذا يعود إلى ما يتمتع به من إحساس فني قوي بالأحجام والمواد وغيرها». لكن الأهم في هذه العملية أن مارينو يُدرك تماماً أن هذه الديكورات مجرد «كومبارس» ينصبّ دوره على تلميع المنتجات، لأنها هي البطل الرئيسي. ما يُحسب له أيضاً، بنظر بافلوفسكي، أنه من المصممين القلائل الذين لا يحاولون إبراز أنفسهم أو أسلوبهم على حساب الماركة التي يعملون معها، ويُفهم أيضاً أن الديكورات يجب أن تتماهى مع البيئة المحيطة من دون أن تُلغي روح الدار، مشيراً إلى أنه كما الموضة تتغير في كل موسم «كذلك الديكورات وطُرق عرض المنتجات. فما قمنا به منذ 15 سنة تقريباً يختلف عما نقوم به الآن». أما اللافت في المعروضات التي ستستمتع بها زبونة الشرق الأوسط منذ الغد أنها من عرضها الخاص بـ«مييته داغ». أشرف عليها الراحل كارل لاغرفيلد، واستوحيت تصاميمها من مصر القديمة، بدءاً من الأزياء إلى الإكسسوارات الغنية بالتفاصيل وألوان الذهب.
يتكون «البوتيك» الجديد «من طابقين. الأرضي على مساحة 485 متراً ويشمل كل أنواع الإكسسوارات، من حقائب يد وأحذية ونظارات شمسية وجواهر موضة وجواهر رفيعة وساعات مربع، والطابق الأول على مساحة 228 متراً مربعاً يحتضن الأزياء الجاهزة وصالونين لاستقبال الشخصيات المهمة. ولأن سوق الشرق الأوسط مهمة بالنسبة للدار، كان مهمّاً أن يضُخ بيتر مارينو في (البوتيك) جُرعة طاقة قوية يشعر بها الزبون بمجرد أن يدخله، بحيث سيلمس فيه زبون المنطقة نكهة مختلفة عما أنجزه في سيول ونيويورك وباريس وغيرها من العواصم الأخرى رغم أنها تبقى دائماً تحت مظلة (شانيل). فالمنتجات هي نفسها في كل مكان، بعض التفاصيل في الديكور من خامات وتحف فنية وغيرها، هي التي تختلف بعض الشيء إلى جانب نوع الخدمات، التي تريدها الدار أن تستوعب الكل، وتُشعر كل زبون بأنه مهم.
وهذا تحديداً ما لا يتوفر في جانب (الديجيتال)، الذي رغم أهميته، يبقى مُجرد أداة تسويق عصرية لا بدَّ منها حالياً، ولو لـ(جر رِجل) الزبون إلى المحلات»، حيث «تتم عمليات البيع الحقيقية والتجربة الممتعة»، حسب قول بافلوفسكي.
المؤكد أنه لا يستصعب الأمر ويراه تحصيل حاصل لأنه «عندما تكون لديك طاقة إبداعية هائلة يُصبح التسويق عملية سهلة جدّاً». والمقصود هنا ليس الإبداع في مجال الأزياء والإكسسوارات والجواهر فحسب بل أيضاً في تلك القدرة المذهلة على نسج قصص وحكايات تُلهب الخيال، سواء من خلال عروض الأزياء الضخمة التي تنظمها منذ سنوات أو الصور التي تتداولها على مواقع التواصل وتؤجج الرغبة فيها. لكن يبقى الفضل في كل هذا إلى قدرتها على تحقيق المعادلة الصعبة بين توفير الترف بشكل «ديمقراطي» بعيد عن النخبوية والإبقاء على الحلم حياً.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.