كتاب جديد يكشف تقاعس مسؤول الـ«سي آي إيه» عن إنقاذ السفير الأميركي لدى ليبيا

5 من الكوماندوز شاركوا في كتابة «13 ساعة».. وقائد قاعدة الاستخبارات أمر جنوده بعدم التدخل لمدة 20 دقيقة

الهجوم الإرهابي على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي عام 2012 (نيويورك تايمز)
الهجوم الإرهابي على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي عام 2012 (نيويورك تايمز)
TT

كتاب جديد يكشف تقاعس مسؤول الـ«سي آي إيه» عن إنقاذ السفير الأميركي لدى ليبيا

الهجوم الإرهابي على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي عام 2012 (نيويورك تايمز)
الهجوم الإرهابي على مقر البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي عام 2012 (نيويورك تايمز)

قال 5 عناصر من قوات الكوماندوز المعنية بحراسة قاعدة وكالة الاستخبارات الأميركية في بنغازي بليبيا، في سبتمبر (أيلول) 2012، إن قائد قاعدة الاستخبارات الأميركية منعهم من التدخل في الوقت المناسب لإنقاذ حياة السفير جيه كريستوفر ستيفنز وتقني أميركي أثناء الهجوم على مقر البعثة الدبلوماسية هناك.
وفي كتاب جديد، من المقرر إصداره الأسبوع المقبل، حصلت عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، قالت قوات الكوماندوز إنهم حاولوا كثيرا التقدم نحو السفارة، إلا أن قائد قاعدة الاستخبارات أمرهم بالانتظار في مركباتهم - وهم مسلحون بالكامل - لمدة 20 دقيقة، أثناء وقوع الهجوم على مقر البعثة الدبلوماسية، على بعد أقل من ميل واحد.
وذكرت قوات الكوماندوز في الكتاب أنهم سمعوا مسؤولا بالأمن الدبلوماسي يصرخ عبر الهاتف، قائلا: «إذا لم تأتوا إلى هنا. فسنموت». وبعد سماعهم هذا النداء، تركوا قاعدتهم، في تحد لأمر القائد الموجه لهم باستمرار بـ«التمهل».
يشكل الكتاب، الذي يحمل عنوان «13 ساعة»، أول رواية علنية تقص أحداث هذه الليلة من جانب أفراد الأمن الأميركيين كافة ممن تورطوا في هذا الهجوم. واتهام قائد قاعدة الاستخبارات – المشار إليه في الكتاب فقط باسم «بوب» - بتقاعسه عن عملية الإنقاذ، يفتح جبهة جديدة في معركة سياسية شرسة حول من المسؤول عن القتلى الأميركيين.
وقد ألقى الجمهوريون باللوم على الرئيس أوباما وهيلاري رودهام كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، جراء الفشل في توفير الأمن.
وقد أقر مسؤولون أميركيون، في السابق، بتقاعس فريق الأمن بوكالة الاستخبارات الأميركية عن محاولة تقديم الدعم للميليشيات الليبية الحليفة. ولكن، يشكل هذا الكتاب أول تقرير مفصل يوضح مدى تأخر قوات الأمن بقاعدة الاستخبارات عن تقديم المساعدة وعواقب ذلك على محاولة الإنقاذ، ومن المسؤول عن القرارات المتخذة.
تشير الرواية التي قصتها عناصر من قوات الكوماندوز - والتي تتماشى مع الحقائق المعروفة علنا والتسلسل الزمني - إلى أن قائد قاعدة الاستخبارات أمر القوات بـ«التمهل» على مسؤوليته الخاصة؛ حيث كان يأمل استخدم الميليشيات الليبية المحلية للتعامل مع الوضع، وتتكهن قوات الكوماندوز بأنه كان يأمل أن يضطلع الليبيون بعملية الإنقاذ وحدهم، لتجنب تعريض قاعدة وكالة الاستخبارات الأميركية للخطر. ولم يكن هناك أي مساعدة ليبية مجدية ألبتة. وحسبما ذكر مسؤول استخباراتي بارز، في تصريح له عبر البريد الإلكتروني يوم الخميس: «جرى القيام بمحاولة حكيمة وسريعة لحشد الدعم المحلي للاضطلاع بجهود الإنقاذ وتأمين الأسلحة الثقيلة»، وأضاف: «لا يوجد هناك تخمين ثان لهذه القرارات التي اتخذت على أرض الواقع»، وأردف: «لم توجه أي أوامر لأي شخص بالتقاعس عن تقديم الدعم».
كانت عناصر قوات الكوماندوز تنتمي في السابق إلى فرق القوات الخاصة الأميركية التي عينتها وكالة الاستخبارات الأميركية كمتعاقدين خاصين. ولقي اثنان من الفريق - كانا ينتميان إلى القوات البحرية - مصرعهم أثناء تصديهم لمهاجمين على قاعدة وكالة الاستخبارات الأميركية في وقت متأخر من هذه الليلة. وشارك 5 آخرون في تأليف كتاب «13 ساعة»؛ حيث جرى تأليف الكتاب بفضل تعاونهم مع ميتشل زاكوف، أستاذ الصحافة في جامعة بوسطن، وهم: مارك جيست، وكريس بارونتو، وجون تيجين، بينما فضل الاثنان الآخران استخدام أسماء مستعارة.
وقالوا إنهم علموا أن النار أضرمت في مبنى البعثة الدبلوماسية من نداء آخر للمساعدة عبر اللاسلكي. واختنق السفير والتقني سين سميث جراء استنشاق الدخان.
ولفتت قوات الكوماندوز إلى أنه لم يقم أي أميركي باستخدام سلاح من أي نوع للدفاع عن أفراد البعثة لحين وصول قوات الكوماندوز التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية إلى مبنى السفارة، عقب أكثر من 40 دقيقة من بدء الهجوم. وتراجع سريعا الحراس الليبيون ممن جرى استئجارهم لحماية البعثة. وانسحب حفنة من رجال الأمن الدبلوماسي – الذين تعرضوا لعنصري المفاجأة والتفوق العددي - إلى المباني المتفرقة دون إطلاق رصاصة واحدة.
وأطلق واحد من قوات الكوماندوز قنابل للمساعدة في تفريق المهاجمين وإخلاء أحد المداخل أمام البعثة. وفي وقت لاحق، تبادلوا إطلاق النار عندما عاود المهاجمون شن هجوم ثان. وقالت قوات الكوماندوز إنه عقب الانسحاب إلى قاعدة وكالة الاستخبارات المركزية، قضوا معظم الليل في معارك متقطعة مع المقاتلين المختبئين بالخارج.
ورغم ما كتبته قوات الكوماندوز عن الكثير من الليبيين الذين خاطروا بحياتهم لمساعدة الأميركيين، تكرر موضوع صعوبة التمييز بين الصديق والعدو، مشيرين إلى أن زعيم الميليشيا المؤيد لهم، الذي بدا كأنه يساعدهم للاقتراب من أفراد البعثة، قيل عنه أيضا إنه كان يتحدث على الهاتف مع المهاجمين، محاولا التفاوض معهم.
ومزحت عناصر قوات الكوماندوز مع رجال الأمن الدبلوماسي قائلين: «ما الفرق بين كيف يبدو الليبيون عندما يعملون على تقديم المساعدة لك بالمقارنة مع هؤلاء القادمين لقتلك؟.. الفارق ليس كبيرا». ونوهت عناصر قوات الكوماندوز إلى أنهم هرعوا لتسليح أنفسهم عندما سمعوا الإنذار، لدرجة أن أحدهم لم يتمكن من ارتداء ملابسه الداخلية، بينما ذهب الآخر إلى أرض المعركة وهو يرتدي سروالا قصيرا.
وبعد تسليحهم بالكامل، وجدوا أنفسهم ينتظرون داخل سيارتهم المدرعة، ويخوضون في نقاشات صغيرة.
وقال السيد تيجين متذمرا مخاطبا قائد القاعدة الاستخباراتية: «يجب أن نذهب الآن! نحن نفقد زمام المبادرة!»، فأجاب قائلا: «لا، تمهلوا، يجب الانتظار».
وقال القائد في وقت لاحق – بحسب ما ذكرته عناصر قوات الكوماندوز: «ستتعامل الميليشيا المحلية مع الأمر».
* خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».