قتل لاعب كرة القدم السابق والمعارض السوري البارز عبد الباسط الساروت أمس، متأثراً بجروح أصيب بها خلال مشاركته في المعارك ضد قوات النظام في شمال غربي سوريا.
والساروت واحد من عشرات القتلى الذين سقطوا خلال اشتباكات عنيفة مستمرة منذ مساء الخميس في ريف حماة الشمالي بين قوات النظام من جهة والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة ثانية.
ويأتي ذلك في إطار التصعيد العسكري المستمر منذ نهاية أبريل (نيسان) لقوات النظام وحليفتها روسيا في جنوب محافظة إدلب ومحيطها.
وقبل اندلاع النزاع في سوريا في عام 2011. كان الساروت (27 عاماً) حارس مرمى المنتخب السوري للشباب لكرة القدم ونادي الكرامة الحمصي.
ومع بدء حركة الاحتجاجات، سارع الساروت إلى الانضمام إليها، وأضحى أحد أبرز الأصوات التي تقود المظاهرات بالأناشيد، قبل أن يحمل السلاح ويلتحق بالفصائل المعارضة لقتال قوات النظام.
وقال القيادي في فصيل «جيش العزة» محمود المحمود لوكالة الصحافة الفرنسية: «ننعى رمزاً من رموز الثورة السورية، ابن حمص البطل (...) لقد كان الساروت شاباً خلوقاً ومن أشرس المقاتلين الذين عرفتهم، دائماً ما ينقل إصراره وعزيمته العالية للشباب من حوله». وأوضح أن الساروت أصيب في معارك الخميس في قرية تل ملح في ريف حماة الشمالي، قبل أن يتوفى السبت متأثراً بإصابته.
وأكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن إصابة الساروت، الذي يُعد أحد قادة فصيل «جيش العزة»، قبل يومين خلال معارك اندلعت إثر هجوم شنته الفصائل الإسلامية والمقاتلة ضد مواقع قوات النظام في ريف حماة الشمالي.
ونعى قائد «جيش العزة»، الذي ينشط في ريف حماة الشمالي ويضم مئات المقاتلين، جميل الصالح على حسابه على «تويتر» الساروت، وكتب: «في سبيل الله نمضي ونجاهد الله يرحمك ويتقبلك من الشهداء». وأرفق الصالح تعليقه بفيديو قديم للساروت ينشد فيه أغنية مردداً: «راجعين يا حمص (...) راجعين يا الغوطة الشرقية».
كما نعى ناشطون معارضون وقياديون على صفحات التواصل الاجتماعي الساروت، ونشروا صوراً له خلال مشاركته وهتافه في الاحتجاجات قبل سنوات.
وكتب الباحث والمعارض أحمد أبازيد على حسابه على «تويتر»: «عبد الباسط الساروت شهيداً، حارس الحرية وأيقونة حمص ومنشد الساحات والصوت الذي لا ينسى في ذاكرة الثورة السورية شهيداً».
وقال المعارض في «الائتلاف الوطني السوري» هادي البحرة على «تويتر»: «الشاب عبد الباسط الساروت سيبقى حياً، اختار وعقد العزم، واستشهد على أمل أن يتحقق حلم السوريين».
وإثر اندلاع حركة الاحتجاجات في سوريا، قاد الساروت مظاهرات في مدينته حمص (وسط)، التي يعدها ناشطون «عاصمة الثورة» ضد الرئيس بشار الأسد.
ومع تحول المظاهرات إلى نزاع مسلح، حمل الساروت السلاح وقاتل قوات النظام في حمص قبل أن يغادرها في عام 2014 إثر اتفاق إجلاء مع قوات النظام بعد حصار استمر عامين للفصائل المعارضة في البلدة القديمة.
وخسر الساروت، وفق «المرصد السوري»، والده وأربعة من أشقائه خلال القصف والمعارك في مدينة حمص.
وفي عام 2014. روى فيلم «عودة إلى حمص» للمخرج السوري طلال ديركي، والذي نال جائزة في مهرجان ساندانس الأميركي للسينما المستقلة، حكاية شابين من حمص أحدهما الساروت.
كما تضمن ألبوماً غنائياً جمع أناشيد راجت خلال المظاهرات في عام 2012. أغنية «جنة» بصوت الساروت. وطُبعت صورته على طوابع بريدية صممها ناشطون معارضون في عام 2012 لتوثيق حركة الاحتجاجات ضد النظام.
إثر خسائر منيت بها أمام الفصائل المعارضة خلال سنوات النزاع الأولى، تمكنت قوات النظام منذ عام 2015 من استعادة السيطرة على غالبية معاقل تلك الفصائل بدعم جوي روسي وميداني من مقاتلين إيرانيين وحزب الله اللبناني.
وطالما توعدت دمشق بنيتها استعادة كل المناطق الخارجة عن سيطرتها وفي مقدمها إدلب.
ولم تعد الفصائل تسيطر سوى على مناطق محدودة، بينها الجزء الأكبر من محافظة إدلب ومحيطها، والتي تديرها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، كما تنتشر فيها فصائل إسلامية ومقاتلة أقل نفوذاً.
وتؤوي تلك المنطقة ثلاثة ملايين نسمة، نحو نصفهم من النازحين ومن المعارضين الذين رفضوا اتفاقات التسوية مع قوات النظام في مناطقهم وأجبروا على الانتقال إلى إدلب.
وتخضع المنطقة لاتفاق روسي - تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والفصائل، لم يتم استكمال تنفيذه.
وشهدت المنطقة هدوءاً نسبياً بعد توقيع الاتفاق في سبتمبر (أيلول)، إلا أن قوات النظام صعّدت منذ فبراير (شباط) قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية إليها لاحقاً. وزادت وتيرة القصف بشكل كبير منذ نهاية شهر أبريل، وتركز على ريف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي.
وحققت قوات النظام تقدماً على الأرض في ريف حماة الشمالي، لكن الفصائل شنتّ مساء الخميس هجوماً اندلعت إثره اشتباكات عنيفة مع قوات النظام، قتل خلالها أكثر من مائة مقاتل من الطرفين.
وأفاد «المرصد السوري» السبت عن استمرار المعارك في ريف حماة الشمالي، مما أودى بـ25 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها. كما قتل في المعارك والقصف الجوي 22 مقاتلاً من الفصائل الإسلامية والمقاتلة.
وفاقت حصيلة القتلى المدنيين منذ نهاية أبريل جراء القصف السوري والروسي 330 شخصاً.
كما دفع التصعيد 270 ألف شخص للنزوح إلى مناطق أكثر أمناً غالبيتها بالقرب من الحدود التركية، وفق الأمم المتحدة.
ويرجح محللون ألا يتحول التصعيد إلى هجوم واسع للسيطرة على إدلب كون تركيا وروسيا لا تريدان سقوط الاتفاق.
مقتل «حارس الثورة السورية» في معارك مع قوات النظام شمال حماة
عبد الباسط الساروت انتقل من الاحتجاجات السلمية إلى العمل المسلح
مقتل «حارس الثورة السورية» في معارك مع قوات النظام شمال حماة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة