دعوات إقليمية ودولية لضبط النفس والعودة للحوار في السودان

محتجون سودانيون يتجمعون في أحد شوارع الخرطوم لمطالبة المجلس العسكري الانتقالي بتسلم السلطة إلى مدنيين (رويترز)
محتجون سودانيون يتجمعون في أحد شوارع الخرطوم لمطالبة المجلس العسكري الانتقالي بتسلم السلطة إلى مدنيين (رويترز)
TT

دعوات إقليمية ودولية لضبط النفس والعودة للحوار في السودان

محتجون سودانيون يتجمعون في أحد شوارع الخرطوم لمطالبة المجلس العسكري الانتقالي بتسلم السلطة إلى مدنيين (رويترز)
محتجون سودانيون يتجمعون في أحد شوارع الخرطوم لمطالبة المجلس العسكري الانتقالي بتسلم السلطة إلى مدنيين (رويترز)

دعت مصر الأطراف السودانية إلى الهدوء وضبط النفس، والعودة إلى طاولة المفاوضات والحوار لتحقيق تطلعات الشعب السوداني، وذلك عقب سقوط قتلى وجرحى في محيط الاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع السودانية بالخرطوم واعتبرته المعارضة محاولة لفض الاعتصام، وهو ما نفاه المجلس العسكري.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان اليوم (الاثنين): «تتابع مصر ببالغ الاهتمام تطورات الأوضاع على الساحة السودانية والأحداث الأخيرة وتداعياتها، وتعرب مصر عن مواساتها لأسر الشهداء وتتمنى الشفاء العاجل للجرحى. كما تؤكد مصر على أهمية التزام كافة الأطراف السودانية بالهدوء وضبط النفس والعودة إلى مائدة المفاوضات والحوار بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني». وأضاف البيان «تؤكد مصر دعمها الكامل للسودان الشقيق في هذا الظرف الدقيق من تاريخه ومساندتها الكاملة للجهود الرامية لتحقيق مستقبل أفضل لأبناء الشعب السوداني يقوم على الاستقرار والتنمية ويحقق الرخاء والرفاهية».
من جهته، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استخدام قوات الأمن السودانية للقوة المفرطة لفض اعتصام المحتجين في الخرطوم ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل في الوفيات الناجمة عن أعمال العنف. وعبر عن قلقه الشديد إزاء التقارير التي تفيد بأن قوات الأمن فتحت النار داخل مستشفى في الخرطوم.
ودانت واشنطن القمع «الوحشي» للمحتجين، وقال مساعد وزير الخارجية لشؤون أفريقيا تيبور ناغي: «كان ذلك هجوماً وحشياً ومنسقاً قادته ميليشيا قوات الدعم السريع ويعكس اسوأ افعال نظام البشير».
إلى ذلك، قال السفير البريطاني في الخرطوم في تغريدة: «أشعر بقلق شديد إزاء إطلاق النار المكثف الذي أسمعه خلال الساعة الأخيرة من مقر إقامتي وتقارير بأن قوات الأمن السودانية تهاجم الاعتصام مما أسفر عن سقوط ضحايا». وكتب «لا مبرر لهذا الهجوم. يجب أن يتوقف ذلك الآن».
وحذفت السفارة الأميركية في السودان تغريدة نشرتها صباح اليوم حمّلت المجلس العسكري الانتقالي مسؤولية الهجمات وقالت إنه «لا يستطيع أن يقود شعب السودان بشكل مسؤول».
وفي باريس، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن «فرنسا تدين أعمال العنف التي ارتكبت في الايام الماضية في السودان في قمع التظاهرات (...) وتدعو الى مواصلة الحوار بين المجلس العسكري الانتقالي والمعارضة بهدف التوصل الى اتفاق شامل سريعا حول المؤسسات الانتقالية».
وفي بروكسل، قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي: «نتابع تطورات الوضع عن كثب بما في ذلك هجمات اليوم على المحتجين المدنيين، وندعو المجلس العسكري الانتقالي للعمل بشكل مسؤول واحترام حق الناس في التعبير عن قلقهم». وأضافت أن «أي قرار بتكثيف استخدام القوة لن يكون من شأنه سوى إخراج العملية السياسية عن مسارها... أولوية الاتحاد الأوروبي ما زالت نقل السلطة سريعاً إلى سلطة مدنية».
ودعت مفوضية الاتحاد الإفريقي إلى إجراء «تحقيق فوري وشفاف» بشأن ما حصل في السودان. وقال رئيس المفوضية موسى فقيه في بيان إنه يجب محاسبة المسؤولين عن العنف. ودعا مجلس السلم والأمن التابع للمفوضية المجلس العسكري الانتقالي إلى التفاوض على «اتفاق شامل» مع جماعات المعارضة لتشكيل حكومية مدنية.
 



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».