فرضت القوات النظامية السورية، أمس، حصارا جديدا على مدينة التل الواقعة في الريف الشمالي للعاصمة دمشق، إثر فشل هدنة مع الجيش السوري الحر، ما يهدد الوضع الإنساني لنحو مليون نازح لجأوا إليها من بلدات ريف دمشق والقلمون، بحسب ما أكدت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط». وذكرت أن النظام «جدد إحكام إغلاقه التام للمدينة، ومنع أبناءها من الدخول والخروج منها، وسدّ جميع المنافذ والطرقات أمام كل المواد الغذائية والتموينية الداخلة إليها».
وأكدت المصادر أن قوات النظام أنهت، أمس، هدنة اتفق عليها النظام والمعارضة في التل، بعدما كان وجهاء من الأهالي وقادة في الجيش الحر توصلوا لاتفاق يقضي بأن تبقى مدينة التل مكانا آمنا للنازحين، مقابل أن يتعهد الجيش الحر بالحفاظ على سلامة المؤسسات والممتلكات العامة، ويمنع أي مظاهر مسلحة داخل المدينة. وتوصل الاتفاق في حينها إلى خروج بعض الفصائل الإسلامية المقاتلة، ومنها جبهة النصرة، كونها لا ترغب في أي تسوية لأوضاع عناصرها في المستقبل.
ولجأت أعداد كبيرة من النازحين من بلدات ريف دمشق وغوطتيها الشرقية والغربية إلى التل، هربا من الاشتباكات الدائرة، فيما استقبلت المدينة الهاربين من معارك القلمون بريف دمشق الشمالي، العام الماضي. وحيدت المدينة عن الصراع، بحكم الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان في الربيع الماضي.
وذكر مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط» أن توترا وقع في التل إثر افتعال قوات النظام حادثة أمنية، بقتلها شابا أثناء مروره على حاجز «الضاحية»، ما ضاعف الشحن والغضب بين السكان من جهة، وعناصر النظام من جهة أخرى، ما دفع قوات النظام إلى قصف بعض المواقع على أطراف التل وإغلاق جميع المداخل والمخارج الواصلة إلى المدينة، باستثناء حاجز «القوس» المسيطر عليه من قبل قوات المخابرات الجوية التي بقيت المتحكمة الوحيدة بحركة الدخول والخروج من وإلى المدينة. وأوضح أن قوات النظام «لم تسمح بخروج ودخول السكان، باستثناء الموظفين الموصى بهم من قبله، ما اضطر بعض وجهاء المدينة للتدخل والوساطة لدى مسؤولين أمنيين للسماح للطلاب بالخروج والدخول وفق حركة مقننة عبر ذلك الحاجز فقط».
وأشار المصدر أن جميع الحواجز أقفلت تماما أمام المواطنين من غير سكان التل، فيما «يستمر عناصرها بالتعرض للمارة بمعاملة غير أخلاقية ونعتهم للناس بكلمات بذيئة ونابية».
ويهدد حصار التل بتفاقم الوضع الإنساني في المدينة، نظرا لأعداد السكان الضخمة فيها، وحدوث كارثة إنسانية نتيجة الضغط السكاني داخلها.
وبدأت إجراءات التضييق بتقنين دخول المواد الغذائية، إذ أكدت المصادر أن حواجز النظام «سمحت الأربعاء (أمس) بإدخال شاحنتي خضار فقط، بينما منعت دخول جميع المواد الغذائية حتى تلك التي حملها الأهالي الذين سمح لهم بالدخول والخروج في وقت سابق».
وتأتي سياسة النظام بحصار مدينة التل استكمالا لاستراتيجية إخضاع مدن وبلدات دمشق وريفها، كل منها على حدة، وذلك بغية تأمين حزام آمن يحيط بالعاصمة، ويمنع تقدم قوات المعارضة نحوها.
ويهدف النظام من حصاره الجديد لمدينة التل إلى دفع الأهالي والسكان المحليين إلى الضغط على فصائل المعارضة المسلحة وإرغامها على القبول بشروط اتفاقية جديدة قد تفرض خروج جميع المسلحين من المدينة أو القبول بتسوية أوضاعهم والتمهيد لتحويل العناصر فيها إلى لجان حماية ذاتية أو ما يعرف بجيش الدفاع الوطني، بما يشبه ما اعتمد في مناطق متعددة في دمشق وريفها، منها القدم وعسالي التي وقعت مؤخرا على مصالحة أمنت للنظام الهدوء على تلك الجبهة.
وكانت مجموعة من قادة الجيش الحر في مدينة التل أوضحوا في بيان صدر عنهم أخيرا، التزامهم بالعهد الذي قطعوه لأهالي التل في اتفاق الهدنة، لإدراكهم التام أن قرار الحرب والسلم «لا يمتلكه الجيش الحر وحده بل للسكان الرأي فيه»، بعد أن تبين أن قرابة 80 في المائة من أهالي التل والضيوف فيها «لا يريدون سوى العيش بسلام». وأوضحت الفصائل العسكرية الموقعة على البيان «إننا ما زلنا على العهد باقين لن نركع إلا لله وما هذا الذي شهدتموه إلا لأجل الشعب. ونحن لم نمد يدنا للنظام، لم نصالح ولن نقبل أن نكون جيش دفاع وطنيا. إلا أننا قبلنا أن نكون حماة للتل ولأهلها وساكنيها المهجرين».
سقوط هدنة في مدينة التل بريف دمشق والنظام يحاصر مليون نازح فيها
تذرع بحادث أمني مدبر ومنع إدخال المواد الغذائية ومخاوف من تدهور الوضع الإنساني
سقوط هدنة في مدينة التل بريف دمشق والنظام يحاصر مليون نازح فيها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة