السيسي يعوّل على ضغط زمن تنفيذ المشاريع العملاقة لـ«توفير المال»

توقعات بطفرة مرورية بعد افتتاح أعرض جسر معلق في العالم

TT

السيسي يعوّل على ضغط زمن تنفيذ المشاريع العملاقة لـ«توفير المال»

افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، جسراً معلّقاً ضخماً يمر فوق نهر النيل بالعاصمة القاهرة، ضمن سلسلة مشاريع ضخمة، بدأها منذ توليه الحكم عام 2014، وتستهدف تحسين البنية التحتية. وفسّر السيسي في كلمته على هامش الافتتاح حرصه على الإسراع في تنفيذ المشاريع العامة عبر ضغط مداها الزمني، بسعيه إلى «توفير الأموال».
وعرض التلفزيون المصري مشاهد من إزاحة الرئيس السيسي وعدد من الشباب الستار عن اللوحة التذكارية لمحور «روض الفرج» وجسر «تحيا مصر» المعلق، والتقاط صورة تذكارية له مع عدد من العاملين، ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير النقل كامل الوزير، وعدد من الوزراء، وقادة الجيش.
ويقع الجسر شمال القاهرة، قرب وسط المدينة، ويعد حلقة وصل رئيسية في طريق سريعة تمتد من البحر الأحمر وحتى ساحل البحر المتوسط في شمال غربي البلاد، ويهدف إلى تقليل الاختناق المروري في العاصمة.
ويبلغ عرض الجسر 67.3 متر، ويسير في اتجاهين؛ بكل منهما 6 حارات مرورية. وقال طلال عمر، المدير الإقليمي لموسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، خلال حفل الافتتاح إن «الجسر دخل الموسوعة بوصفه أعرض جسر معلق في العالم»، مضيفاً أن «الرقم القياسي السابق كان مسجلاً في كندا بعرض 65.2 متر».
ووفقاً لعرض توضيحي بُثّ خلال الافتتاح، فقد استهلك بناء الجسر نحو مليون متر مكعب من الخرسانة، بالإضافة إلى 1400 كيلومتر من الأسلاك الفولاذية لصنع 160 كابل تعليق.
وأكد الرئيس السيسي أمس أن مصر سعت «لتنفيذ المشروعات العامة في أسرع وقت ممكن، بما يحقق توفير الوقت والجهد والمال»، وسأل السيسي: «ماذا لو تم إنجاز هذه المشروعات في هذه الأيام وتكلفتها في الوقت الحالي؟». فأجاب رئيس «الهيئة الهندسية» اللواء أركان حرب إيهاب الفار بأن تكلفتها الأساسية «تصل إلى نحو 170 مليار جنيه، ولكن لو تم إنجاز هذه المشروعات في يومنا الحالي فستكلف الدولة نحو 400 مليار جنيه، وذلك لأن فرق سعر الجنيه يختلف».
وعلق السيسي على آراء البعض بالاستعجال في المشاريع، وبأن هذا الاستعجال غير مبرر، وعلى تساؤلات البعض الآخر حول رغبة الدولة في الانتهاء من أكبر حجم من العمل خلال السنوات الأربع الماضية أو قبل ذلك، قائلاً: «نحن نقدر أن كل إنجاز سيتم الانتهاء منه هو توفير في الوقت والجهد والمال»، موضحاً أن «المال ليس في تكلفة المشروع فقط، وإنما في العوائد الخاصة به التي سيتم التحصيل عليها». وأعطى الرئيس مثالاً بالجسر الذي تم افتتاحه أمس قائلاً: «كان من المفترض أن يتم افتتاحه خلال شهرين أو ثلاثة أشهر، طبقاً للخطة. لكننا ضغطنا الوقت، ونريد أن نشعر المواطنين في هذا الوقت بالاستفادة من المحور الجديد كي يتم تيسير الحركة لمستخدمي السيارات بأنواعها المختلفة في المنطقة المزدحمة، وقد تم حل مسألة كبيرة جداً بهذا المحور في حياة المواطنين واقتصادهم».
ومن بين المشاريع الضخمة الأخرى، التي تم إطلاقها في عهد السيسي، مشروع توسيع قناة السويس، الذي تم الانتهاء منه عام 2015، وهناك مشروع قيد الإنشاء حالياً لبناء عاصمة جديدة في الصحراء شرق القاهرة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».