بولندا تطالب حماية دبلوماسييها في إسرائيل

بعد الاعتداء بالضرب على سفيرها في تل أبيب

TT

بولندا تطالب حماية دبلوماسييها في إسرائيل

للمرة الثانية خلال أسبوعين، استدعت وزارة الخارجية البولندية السفيرة الإسرائيلية في وارسو، آنا إزري، لجلسة احتجاج وتوبيخ، وهذه المرة بسبب الاعتداء الجسدي الذي تعرض له السفير البولندي في تل أبيب، مارك مغيروفسكي. وأكد مصدر دبلوماسي أن بولندا طلبت من الحكومة الإسرائيلية توفير الحماية للدبلوماسيين البولنديين ووضع حد للتحريض على بلادهم.
وأدان رئيس الوزراء البولندي، متيوش موربييسكي، بشدة هذا الاعتداء، أمس الأربعاء، ووصفه بالعنصري، وقال إنه يشعر بالقلق من جرائه ومن موجة العداء والكراهية للبولنديين، التي تجتاح إسرائيل بسبب خلافات سياسية.
وكانت السفارة البولندية قد أعلنت أن السفير مغيروفسكي تعرض للاعتداء المفاجئ، ظهر الأول من أمس، الثلاثاء، عندما كان داخل سيارته يهم بمغادرة مقر السفارة. وحسب مصادر في السفارة فإن هذا الاعتداء تم على خلفية رفض حكومة بولندا دفع تعويضات لليهود عن الممارسات النازية إبان الحرب العالمية الثانية، إذ إن وارسو تقول إن الشعب البولندي كله كان ضحية للممارسات الفاشية والنازية في ذلك الوقت، ويحق لكل بولندي أكان دينه يهوديا أو مسيحيا، أن يحصل على تعويض من ألمانيا وليس من بولندا.
واتضح أن المعتدي الإسرائيلي من عائلة تمتد جذورها إلى بولندا، وهو مهندس ورجل أعمال، يدعى أريك أدرمان (65 عاما)، ويسكن في مدينة هرتسليا على بعد 10 كيلومترات شمال تل أبيب وقد حضر خصيصا إلى السفارة ليفهم لماذا لا تعترف بولندا بحق اليهود في التعويض. وعندما وصل إلى هناك، طلب لقاء مسؤولين في السفارة فأبلغوه أن اللقاءات في السفارة تتم فقط بعد تحديد موعد سابق وأن عليه أن يغادر ويأتي مرة ثانية. فغضب. وشاهد السفير وهو يمشي نحو سيارته فوقف في طريقه في الشارع. عندها قام سائق سيارة السفير بإطلاق زامور السيارة، فغضب أدرمان وراح يضرب بقبضتيه على السيارة. وعندها تناول السفير هاتفه الجوال وراح يصور ويوثق الاعتداء. ففتح أدرمان باب السيارة وراح يشتم السفير باللغة العبرية وبصق في وجهه واعتدى عليه جسديا. ثم تركه وركب سيارته ومضى.
وقد تمكن السفير البولندي من التقاط صورة للمعتدي ولمركبته وسلمها إلى الشرطة عندما قدم الشكوى لها وأرفقها أيضا بالشكوى الرسمية التي قدمها إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية. وقال إنه لم يفهم أي كلمة مما قالها المعتدي سوى أنه صاح: «بولنديا... بولنديا». وبعد نحو ساعة ونصف الساعة من الاعتداء، تمكنت الشرطة من اعتقال المعتدي. وقدمته أمس إلى القضاء. وقد حاول محامو الدفاع عنه التخفيف من الاعتداء قائلين إنه لم يكن يعرف أن الرجل هو السفير وأنه مستعد للاعتذار له والإعراب عن الندم. وقد أخذ قاضي محكمة الصلح في تل أبيب، علاء مصاروة، بعين الاعتبار هذا الاعتذار وقرر إطلاق سراح المعتدي وتحويله إلى حبس منزلي مع أمر يمنعه من الوصول إلى مقر السفارة في تل أبيب لمدة شهر. واعتبر القاضي مصاروة هذا الاعتداء أمراً خطيراً، يخجل منه كل إسرائيلي.
وأصدر الناطق بلسان الخارجية الإسرائيلية، عمانوئيل نحشون، بيانا أدان فيه الاعتداء على السفير، وقال إن حكومته تتعاضد مع السفارة ضد المعتدي الإسرائيلي. وقال إن الإجراءات القضائية ستنفذ بالكامل ضد المعتدي.
ومع أن الحكومتين الإسرائيلية والبولندية رفضتا اعتبار الحدث أزمة دبلوماسية، فإن كونها تأتي بعد أسبوع واحد من نشوب أزمة إلغاء زيارة الوفد الإسرائيلي، في مطلع الأسبوع الحالي، يصب زيتا على النار المشتعلة. فالبولنديون لا يوفرون فرصة للإعراب عن غضبهم. وقد أبلغوا الحكومة الإسرائيلية عن إلغاء زيارة أعضاء الوفد المذكور، عندما كانت طائرتهم في أجواء وارسو فاضطروا إلى الهبوط والانتظار بضع ساعات ثم أعيدوا إلى تل أبيب فورا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».