مخرجون راحلون يعودون إلى الحياة على صفحات الكتب

بينهم لوبيتش وكوبريك وماكاڤييڤ

لقطة من «موت بائع» عن مسرحية آرثر ميلر
لقطة من «موت بائع» عن مسرحية آرثر ميلر
TT

مخرجون راحلون يعودون إلى الحياة على صفحات الكتب

لقطة من «موت بائع» عن مسرحية آرثر ميلر
لقطة من «موت بائع» عن مسرحية آرثر ميلر

إذا ما كانت أفلام السينما تعلن عن نفسها مسبقاً بأشكال شتّى، فإن الكتب الصادرة عنها ما زالت تأتي فجأة. فالفيلم، خاصة إذا ما كان إنتاج شركات كبيرة، يُعلن عنه قبل التصوير وتصاحبه التوقعات خلال التصوير وبعده وحتى وصوله إلى شاشات الصالات السينمائية. بينما الكتاب يتصدر مقالات متخصصة أسابيع قليلة قبل أن يحتل مكانه على رفوف المكتبات.
لذا؛ يحتاج المتابع إلى مراجعة تلك المواقع والمكتبات لكي يكتشف ما الجديد الذي تزخر به الصفحات المطبوعة من دراسات تمتد من التنظير إلى البحث في التاريخ ومن الحديث عن أنواع السينما إلى تناول سينمائيين معينين كانوا قد رحلوا، لكن الحديث عنهم ما زال جارياً حتى من دون أن تكون هناك مناسبات تواكب هذا الحديث وتجعل من كتابة وإصدار الكتب ضرورة تجارية.
أحد الكتب الجديدة التي وُلدت منذ مطلع هذا العام ما جمع مادته فاديم إرنت وبونيتا رود عن المخرج اليوغوسلافي (حينها) دوشان ماكاڤييڤ الذي توفي مطلع هذه السنة عن 87 سنة. كان واحداً من المخرجين المتعِبين للنظام آنذاك عبر طرح رؤية تخرج عن نطاق المقبول من تعاليم القيادة، لكنه صمد أمام محاولات تغييره ليكون صانع أفلام تقليدياً وما لبث حكم الجنرال تيتو أن رضي به ولو على مضض.
الكتاب بعنوان «دوشان ماكاڤييڤ: إيروس. آيديولوجي. مونتاج» [Dušan Makavejev‪:‬ Eros‪.‬ Ideology‪.‬ Montage]. واستخدام اسم «آلهة الحب» إيروس في العنوان هو نتيجة الجرأة الفنية التي عالج بها أفلامه، ومنها «غموض الكائن الحي» و«مونتينغرو» مسائل مثل السياسة والجنس والكيفية التي انتمت فيها أفلامه إلى المدرسة الطليعية في الوقت الذي تعامل فيه دوماً مع تعاليم المونتاج حسب سيرغي أيزنستين. إحدى الدراسات المنشورة داخل الكتاب (وهو مؤلف من دراسات عدة كتبها متخصصون) ترى أن ماكاڤييڤ إنما استلهم من أيزنستين بعض تلك التعاليم وقولبها على طريقته.
كتاب ثانٍ خرج حديثاً يتناول سينما الشقيقين جووَل وإيثن كووَن. إنهما المخرجان اللذان استحوذا على منصب مهم داخل الآلة السينمائية الضخمة في الولايات المتحدة كسينمائيين مستقلين حيناً ومنتمين إلى الهيكل التقليدي لتلك الصناعة.
في «الأخوان كووَن: الكتاب الذي يربط حقيقة بين الأفلام» وضعه أدام نايمان. على عكس الكتاب السابق، ومعظم الكتب الواردة هنا، هو الكتاب الذي يريد أن يبيع نسخه بناءً على حقيقة أن الأخوين كووَن معاصرين ما زالا على قيد الحياة وأفلامهما حاضرة في البال. هذا يمهد لوضع يجد فيه القارئ نفسه أمام الكثير من التبجيل والقليل من الفهم الأساسي لما جعلهما من بين المخرجين الحاليين إثارة للاهتمام.
الدافع المذكور يقف أيضاً وراء اعتبار كل أفلام المخرجين (من تلك السابقة مثل «ميلر كروسينغ» إلى تلك اللاحقة مثل «مرحى قيصر») على خط واحد من الإبداع والفن، علماً بأن الواقع يخالف ذلك استناداً إلى نقاد جيدين كثيرين. هذا لا ينفي الهالة المرتسمة حول الأخوين كووَن، لكنه واقع كان من المفترض بالكتاب التطرق إليه أو العمل بمقتضاه.
كتابان عن المخرج والمعلّم ستانلي كوبريك. كلاهما يدور حول فيلمه الأشهر «2001: أوديسا فضائية»، وذلك بمناسبة مرور أربعين سنة على تحقيق ذلك الفيلم الذي ما زال - بشهادة مؤلفي هذه الكتاب - حياً وماثلاً بكل ما يحتويه من غموض وأسرار.
ينطلق «ستانلي كوبريك، آرثر س. كلارك وصنع تحفة» [Space Odyssey‪:‬ Stanley Kubrick‪، ‬ Arthur C‪.‬ Clark and the Making of a Masterpiece] لمؤلفه مايكل بنسون (محاضر في جامعة هيلير) من زاوية تناول ذلك الفيلم استناداً إلى مصدره الروائي كما وضعه آرثر س. كلارك ويدخل في صميم التفاصيل الكثيرة التي رصفت الطريق من الكتاب إلى الشاشة.
الكتاب الثاني «فهم 2001: أوديسا فضائية» وضعه جيمس فندك ويغطي فيه الجانب الذي تحاشاه جيمس بنسون؛ إذ يعمد إلى محاولة تفكيك ذلك الفيلم الذي ما زال، تبعاً لكثيرين مثار تساؤلات واتجاهات وتفسيرات متعددة.
كلا الكتابين يغطي الشخصية ذاتها ويكملان بعضهما بعضاً؛ ما يعكس رحابة الفيلم والموضوع المثار. بحد ذاته.
هذا على عكس كتاب ثالث عن كوبريك صدر قبل أشهر قليلة مكتفياً باسم المخرج وضعه ناتان أبرامز يتناول فيه كل أعمال المخرج إنما من زاوية غير مطروقة وهي زاوية كونه يهودياً. هذا - على حداثة الموضوع - يقضم من احتمالات التوسع فيه، خصوصاً أنه مبني على أن عبقرية كوبريك السينمائية مرتبطة - أساساً - بديانته.
هناك كذلك كتاب جديد عن آرثر ميلر عنوانه «سينما آرثر ميلر» لجوستن بوزونغ. ميلر لم يكن مخرجاً، لكنه كتب 21 عملاً للسينما بعضها مأخوذ عن مسرحياته كما الحال في «موت بائع» الذي أخرجه لازلو بندك سنة 1951، ثم أعيد إنتاجه سينما وتلفزيون مرات عدة، و«منظر من الجسر» للمخرج سيدني لومِت (1962).
علاقة آرثر ميلر بالسينما بدأت من المسرح كما يعيد المؤلف ما هو معروف بهذا المجال. كان ذلك سنة 1948 إثر قيامه بتقديم «كل أولادي» على أحد مسارح برودواي. لكن البحث في نصوص مسرحية تم اقتباسها إلى سيناريوهات وأفلام ليس مسألة سهلة بل تتطلب الكثير من الدراية والمتابعة التفصيلية. هذا لا يؤمنه بوزونغ جيداّ بقدر ما يكتفي بالكتابة عن الفروقات بين كل عمل مكتوب والفيلم الذي تم اقتباسه عن ذلك العمل.
كل ما سبق يحيلنا إلى أحد أفضل المؤلفات في مجال الدراسات الشخصية لسينمائيي الفن السابع، وهو كناية عن جهد لامع صرفه الناقد الأميركي جوزف ماكبرايد تحت عنوان «كيف فعلها لوبيتش؟».
المقصود بالطبع هو المخرج إرنست لوبيتش الذي كانت له أعماله التي تم تقديرها في الثلاثينات والأربعينات، ولو أنه لم يعش على ورق المكتبات طويلاً كما فعل ولا يزال كوبريك أو ألفرد هيتشكوك أو فرنسيس فورد كوبولا وأورسون وَلز.
ماكبرايد ناقد سينمائي محترف وطويل الباع تابعته منذ أن كنت فتى صغيراً حين كان يكتب لمجلتي «سايت أند ساود» و«مونثلي فيلم بوليتين». بعد ذلك انضم لفريق نقاد مجلة «فاراياتي» إلى أن طُرد منها لأنه كتب ضد فيلم احتجت شركة باراماونت عليه. عاد للكتابة في مجالات السينما وأضاف إليها سيلا من الكتب الممتعة التي بحثت فيما يشكل الصور الخلفية للمخرجين المنتقين. كتب عن أورسون ولز وستيفن سبيلبرغ وفرانك كابرا وجون فورد على نحو مهني ينتمي إلى حرفة النقد ومن دون محاباة وهو يعامل لوبيتش بالقدر ذاته.



إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».