«هيئة التفاوض» المعارضة تدعو إلى الضغط على النظام لإيقاف قصف إدلب

نصر الحريري لـ «الشرق الأوسط»: الحل السياسي هو المخرج لسوريا

TT

«هيئة التفاوض» المعارضة تدعو إلى الضغط على النظام لإيقاف قصف إدلب

أكدت «هيئة التفاوض السورية» المعارضة، أمس، أنها تبحث مع مكونات المجتمع المدني في مناطق الحكومة المؤقتة خطوات الضغط على النظام وحلفائه لإيقاف الحملة العسكرية على محافظة إدلب، مطالبة مجلس الأمن بالتدخل لإيقاف قصف قوات النظام وروسيا وإيران للمستشفيات والنقاط الطبية ومراكز الإغاثة في المحافظة.
وقال نصر الحريري رئيس «الهيئة» في اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» أمس: «نحن حالياً في المنطقة، لتقييم الوضع الكارثي الذي يعيشه سكان إدلب حالياً بعد الهجمة العسكرية الوحشية التي تعرضوا لها مؤخراً». وأضاف أن «الهيئة تقيم حالياً فعاليات مع سكان المنطقة ومع مختلف المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمديريات التنفيذية التابعة للحكومة المؤقتة، لمتابعة التطورات على الساحة حالياً وتحجيم الدور الإيراني والميليشيات التابعة للنظام، بهدف الاطلاع على الواقع التفصيلي لوضع السكان في هذه المنطقة بعد الهجمة العسكرية الوحشية الأخيرة».
وتابع الحريري: «نناقش في أنطاكيا على الحدود السورية - التركية، مع سكان المنطقة ومكوناتها، الخطوات التي نعمل عليها على المستوى السياسي والدبلوماسي من أجل الضغط على النظام وحلفائه وإيقاف الحملة العسكرية، والتشاور وتبادل وجهات النظر فيما يمكن اتخاذه من خطوات أخرى على الصعيد الإنساني والسياسي والدبلوماسي والإعلامي».
وتطرق إلى أن «الهيئة» تتابع برنامجها في شهر رمضان، بإطلاق فعاليات إدلب من أجل مناقشة الوضع الكارثي الذي تعيشه المنطقة ومحاولة إيجاد دعم أو اتخاذ خطوات تخفف الواقع الإنساني المأساوي، منوها أن للهيئة نشاطات في مختلف المناطق على الحدود التركية السورية.
وحول الحراك على المستوى الدولي، أوضح الحريري أن المبعوث الأممي الجديد لسوريا غير بيدرسن، يرتب للقاء مع النظام ولقاء «الهيئة» لتحريك المفاوضات ومحاولة الوصول إلى اتفاق فيما يتعلق باللجنة الدستورية. وشدد الحريري على أن الحل السياسي العادل، هو المخرج الوحيد للشعب السوري ومكوناته من الكارثة التي يعيشها منذ 8 أعوام. وقال: «بدلاً من المضي قدماً في الحل السياسي، نشاهد هذه الهجمة العسكرية البربرية التي تشارك فيها كل الأطراف التي تساند النظام، إيران وروسيا وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي التي تستهدف المدنيين».
ولفت رئيس هيئة التفاوض السورية إلى أن حجم الكارثة الإنسانية الذي وقع والمتوقع أيضاً كارثي، حيث يوجد في هذه المناطق نحو 3.5 مليون مدني، هجر جزء كبير منهم، من المناطق الأخرى مثل غوطة دمشق والقنيطرة وحمص وحلب.
ونوّه إلى أن ملف المعتقلين يتصدر نقاشات مسؤولي الهيئة كما أن المبعوث الأممي الجديد يهتم به، ورغم المحاولات التركية لإحراز تقدم فيه، فإن النظام يرفض.
وعن مآلات اللجنة الدستورية، قال الحريري: «ظننا أننا على وشك إنجاز اللجنة الدستورية، لكن برزت حلقة التعطيل مجدداً من قبل النظام وحلفائه خصوصاً إيران لأن الأخيرة ليس لديها رغبة في الوصول إلى أي حل سياسي؛ إذ إنها تحتاج إلى الفوضى لخدمة أجندتها».
وأكد أن الضغوط الدولية والعقوبات الأميركية، تضعف النفوذ الإيراني في سوريا وتؤثر على النظام وظهر ذلك جلياً في الفترة الماضية، ولكن لا بد من استخدام المزيد من الضغوط على النظام وحلفائه، خصوصاً إيران، من أجل إيقاف الحملات العسكرية الوحشية.
وشدد على أن إيران تستغل الوضع الذي فرضته العقوبات الأميركية والضغوط الدولية لتهريب المزيد من ميليشياتها وأسلحتها لخلق البلبلة والفوضى التي تتيح لها مزيداً من الوقت.
إلى ذلك، أصدرت «الهيئة» بياناً، أمس، تدين فيه القصف على إدلب وتدعو مجلس الأمن للتدخل. وقالت: «منذ أكثر من ثلاثة أسابيع يقوم طيران النظام والطيران الروس ومدفعية الميليشيات الإيرانية بقصف وحشي متعمد على المستشفيات والنقاط الطبية ومراكز الإغاثة والأسواق وإخراجها عن الخدمة؛ إضافة إلى محاولات اقتحام قوات النظام والميليشيات الإيرانية بعض المناطق ما تسبب في نزوح أكثر من 400 ألف من السوريين».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.