جددت واشنطن موقفها الصارم تجاه سعي تركيا لاقتناء أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية «إس - 400». وأعلن القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي، باتريك شاناهان، أن بلاده ستحذف تركيا نهائياً من مشروع مشتري مقاتلات «إف - 34» في حال إتمام صفقة شراء الأنظمة الروسية. وقال شاناهان، في تصريحات، إنه ناقش الوضع حول مشاركة تركيا في هذا المشروع مع قيادة شركتي «لوكهيد مارتن» و«يونايتد تكنولوجيز». وشدد على أن موقف الجانب الأميركي لم يتغير بعد هذا اللقاء وينص على أن واشنطن لن تقدم أي تنازلات لتركيا وستواصل تنفيذ خططها من وجهة نظر تحريك مشروع «إف - 35». وأوضح أنه سيتعين على أنقرة أن تختار بين مقاتلات «إف - 35» وأنظمة «إس - 400»، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي موعد لاتخاذ القرار بهذا الشأن. واعتبر في الوقت ذاته أن تركيا لا تزال شريكاً استراتيجياً بالنسبة للولايات المتحدة، وأن الوضع حول السلاح الروسي والأميركي لن يؤثر على وضع قاعدة إنجرليك العسكرية الأميركية الموجودة في ولاية أضنة جنوب تركيا.
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة لا تقتصر على مسألتي منظومة صواريخ «إس - 400» ومقاتلات «إف - 35».
ولفت جاويش أوغلو، في تصريحات أمس، إلى أن هناك تهديدات خطيرة للغاية في الدول المحيطة ببلاده، وأن تركيا بحاجة إلى منظومة دفاعية على وجه السرعة، مضيفاً: «خلال عقد من الزمن أبدينا رغبتنا في شراء منظومة صواريخ من حلفائنا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، خصوصاً الولايات المتحدة، لكن للأسف لم يتم بيعها لنا».
وتابع أن تركيا بحثت مع الدول الأخرى توفير منظومة دفاعية لها، وأن روسيا كانت البلد الذي عرض المقترح الأنسب في هذا الصدد، مشيراً إلى أن بلاده أتمت صفقة صواريخ «إس - 400»، معتبراً أنها لا تشكل تهديداً على دول حلف الناتو والمقاتلات الأميركية «إف - 35». وقال جاويش أوغلو إن تركيا لديها مع الولايات المتحدة كثير من القضايا الإقليمية والثنائية؛ منها عملية انسحاب القوات الأميركية من سوريا و«لسنا مضطرين لقطع روابطنا مع بلد حيال قضايا أخرى إذا لم نتفق على مسألة ما».
وترفض الولايات المتحدة إتمام تركيا صفقة الصواريخ الروسية الموقعة في نهاية عام 2017 التي تثير قلق حلف الناتو أيضاً، كون روسيا من غير أعضاء الحلف ويمكن أن يؤدي نصب صواريخ «إس - 400» على أراضي تركيا، العضو بالحلف، إلى انكشاف الأسرار التقنية لمنظومة الحلف العسكرية وكذلك مقاتلات «إف - 35» إذا اقتنتها تركيا مع الصواريخ الروسية في الوقت معاً. وترى أنقرة أنه من الصعب على الولايات المتحدة إبعادها من المشروع الدولي لتصنيع «إف - 35»، لكن مسؤولين أميركيين أكدوا أن ذلك ليس صعباً، وأن القطع التي تنتجها تركيا من الطائرة يمكن البحث عن أماكن بديلة لإنتاجها.
وصعد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لهجته في مقابل الرفض الأميركي لحصول بلاده على المنظومة الروسية، قائلاً: «نقول للذين لا يحترمون الاحتياجات الدفاعية لبلادنا، والذين يظنون أنهم سيحشروننا في الزاوية عبر تهديدات بفرض عقوبات؛ إن تركيا ليست الشرق الأوسط ولا البلقان ولا أميركا الجنوبية».
وكانت واشنطن هددت بفرض عقوبات على تركيا وبمنعها من الحصول على مقاتلات «إف - 35» وكذلك صواريخ «باتريوت» حال إتمامها صفقة الصواريخ الروسية. وقال إردوغان، خلال احتفال في إسطنبول ليل الجمعة/ السبت، إن الحالمين بحدوث «ربيع تركي» واهمون، وإن تركيا «أكبر من أن يقدر أحد على ابتلاعها... البعض لا يزالون يحنون إلى حدوث ربيع تركي، في حين تحوّل كل مكان جلبوا له الربيع إلى شتاء حالك».
واعتبر أن الدول الأوروبية التي تنعم بالطمأنينة، مدينة لتركيا التي تستضيف 4 ملايين لاجئ على أراضيها، مضيفاً: «بدأت المدن الأوروبية في الاحتراق... وعلى الراغبين بتحريك خطوط الصدع الاجتماعي بتركيا، النظر أولاً إلى الأرضية الهشة التي يجلسون عليها».
واعتبر إردوغان أن ما وصفه بـ«كل حملة اقتصادية وسياسية» تستهدف استقلال بلاده محكوم عليه بالفشل، وأن «الذين يتوهمون قدرتهم على السيطرة على أمتنا التي لا تهاب النضال، عبر مكائد صغيرة، مخطئون».
في غضون ذلك، قالت السفارة التركية لدى واشنطن إن أنقرة لا تزال تتطلع إلى «عدم تنفيذ» القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة، بإخراجها من «نظام اﻷﻓﻀﻠﻴﺎت اﻟﻤﻌمم» التجاري.
وأضافت السفارة، في بيان بشأن القرار الأميركي الصادر قبل شهرين، الذي يدخل حيز التنفيذ، غداً (الاثنين)، أنها أعربت مراراً للمسؤولين الأميركيين عن تطلع تركيا إلى التخلي عن الممارسات التي من شأنها إعاقة التجارة بين البلدين، من أجل تحقيق هدف الـ75 مليار دولار في التبادل التجاري، الذي وضعه الرئيسان رجب طيب إردوغان، ودونالد ترمب، وأنها لا تزال تتطلع إلى عدم وضع هذا القرار حيز التنفيذ. كانت الولايات المتحدة قررت إلغاء مزايا تجارية جمركية تستفيد منها تركيا والهند، بموجب برنامج لدعم الدول النامية. وقال مكتب ممثل التجارة الأميركي آنذاك، إن «إنهاء استفادة تركيا من برنامج نظام الأفضليات المعمم هو بسبب تطور اقتصادها بما يكفي».
في سياق آخر، دانت الخارجية التركية، دعوة قبرص، الدولة غير العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، إلى مراسم تعيين قائد جديد لقوات الحلفاء في أوروبا في بروكسل، واعتبرته «خطأ كبيراً».
ووصف المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي، في بيان، إلى أن تركيا لم تشارك في مراسم تسلّم القيادة الجديدة لمهامها، بعد أن علمت بدعوة قبرص، وتم اتخاذ مبادرات ضرورية لتوضيح كيف ارتكب مقر قيادة العمليات هذا الخطأ «الذي لا يغتفر».
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده لا تقبل أي حل يتجاهل الشعب القبرصي - التركي، وإرادته وحقوقه في المساواة السياسية في جزيرة قبرص.
وأضاف، خلال مشاركته في ملتقى مجلس الصحافيين الدولي في شمال قبرص أمس، أن حكومة وشعب ما يسمى «جمهورية شمال قبرص التركية» (تعترف بها تركيا فقط) وقفا دائماً إلى جانب الحل المشترك بين شطري جزيرة قبرص، إلا أن «القسم اليوناني» (جمهورية قبرص المعترف بها دولياً) يرفض أي مشاركة مع القسم الشمالي.
وندد الوزير التركي، مجدداً، بالخطوات التي وصفها بالأحادية من جانب قبرص «الرومية» للتنقيب عن النفط والغاز شرق المتوسط، مؤكداً أن القبارصة الأتراك لهم حقوق في تلك الاحتياطات.
أنقرة تتلقى إنذاراً صارماً من واشنطن بشأن إصرارها على صفقة «إس ـ 400»
إردوغان: الحالمون بحدوث «ربيع تركي» واهمون
أنقرة تتلقى إنذاراً صارماً من واشنطن بشأن إصرارها على صفقة «إس ـ 400»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة