«التقدم والاشتراكية» المغربي يدعو إلى إصلاح المشهد السياسي

TT

«التقدم والاشتراكية» المغربي يدعو إلى إصلاح المشهد السياسي

دعا نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي (الشيوعي سابقاً)، أمس، إلى حوار وطني «هادئ وعميق»، تشارك فيه كلُّ الفاعليات والقوى الحية بالبلاد، بهدف ضخ نفس ديمقراطي جديد في المشهد السياسي المغربي، الذي يتسم حسب رأيه بـ«الضبابية والالتباس». وأوضح بن عبد الله، الذي كان يتحدث أمس خلال انعقاد الدورة الرابعة للجنة المركزية لحزبه، أن الحوار الوطني الذي يدعو إليه حزبه «سيكون متلائماً مع توجه المغرب نحو تبني نموذج تنموي جديد»، داعياً إلى عدم اختزال هذا النموذج التنموي في الجوانب الاقتصادية والمادية والاجتماعية فقط، بل «تمديده إلى إصلاح المشهد السياسي، وقضايا الديمقراطية والحكامة والتنمية المستدامة، والتوزيع العادل للثروة».
وانتقد بن عبد الله المشهد السياسي الحالي، بقوله إن السمات الغالبة عليه هي «الضبابية والارتباك والحيرة والقلق والانتظارية»، مشيراً إلى أن «المبادرات القليلة التي تبرز هنا وهناك أحياناً لا تصمد أمام هول الفراغ، وجمود الأجواء العامة، فبالأحرى أن تكون قادرة على تحريك الأوضاع، وتبديد المخاوف والتساؤلات لدى مختلف الأوساط والشرائح والطبقات».
من جهة أخرى، انتقد المسؤول السياسي «افتعال الخلافات وتضخيم الاختلافات، وإخضاعها لحسابات صغيرة وسياسية ولا مسؤولة» لأهداف انتخابية. وتابع أن «الانطباع العام لدى معظم الرأي العام هو أن ملفات الإصلاح الكبرى والأساسية تكاد تكون معطلة، وأن عدداً من القضايا الخلافية التي برزت في الفترة الأخيرة، سواء بشكل طبيعي أو مُفتعل، وتم استعمالها سياسياً من قبل عدد من الفرقاء، الذين يفترض فيهم أن يكونوا شركاء، يزيد من تأزيم الوضع والتباسه، ويخفّض إلى أدنى المستويات منسوب الأمل في إبداع الحلول للإشكالات، والملفات المجتمعية المطروحة»، في إشارة إلى خلاف مكونات الأغلبية حول لغة التدريس في مشروع قانون إصلاح التعليم.
وأضاف بن عبد الله أنه ينتظر من الحكومة العمل وتقديم الحصيلة، موضحاً أن «أي معارك أخرى غير هذه نعتبرها في حكم الاستهتار غير المقبول بمصالح وطننا وشعبنا»، مشيراً إلى أن المزايدات العقيمة تضيّع التواصل الحكومي مع الناس والمؤسسات، وتضيّع الإصلاحات الكبرى، وتعمق الهوة بين المواطنين والأحزاب والسياسة.
ورداً على الانتقادات التي توجه إلى حزبه بكونه يلعب دور المعارضة لحكومة هو عضو فيها، قال بن عبد الله إن انتقاداته للحكومة لا تعني التملص مما يقتضيه الانتماء إلى الأغلبية الحالية، معتبراً أن حزبه يمارس ما وصفه بـ«التنبيه الإيجابي»، نافياً أن يكون هدفه «ضرب أو نخر الحكومة من الداخل، ولا نسعى إلى إضعافها أو تبخيس جهودها، أو تحجيمها أمام الرأي العام، خلافاً لما يقوم به البعض للأسف الشديد».
في غضون ذلك، شدد بن عبد الله على أن «الأهم بالنسبة إلينا مصداقية المؤسسات، ونجاح هذه الحكومة، لأنّ في نجاحها بكل تأكيد نجاحاً لوطننا وشعبنا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.