اتفاق كردي على جبهة موحدة دفاعاً عن «شعوب إيران»

TT
20

اتفاق كردي على جبهة موحدة دفاعاً عن «شعوب إيران»

أخيراً وبعد عام كامل من المشاورات والسجالات والاجتماعات، بلورت أربعة من الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة التي تتخذ من إقليم كردستان العراق قواعد لها، صيغة للعمل الجبهوي فيما بينها، سُميت «مركز التعاون والتنسيق المشترك بين قوى المعارضة الكردية الرئيسة»، والمتمثلة في جناحي الحزب الديمقراطي بزعامة كل من مصطفى هجري، ومصطفى مولودي، وجناحي حزب الكوملة بزعامة كلٍّ من عمر أليخانزاده وعبد الله مهتدي.
وحسب قادة هذه الأقطاب، فإن الجبهة أو المركز في صيغته النهائية، يهدف إلى تعزيز التعاون والتنسيق السياسي والعسكري والدبلوماسي بين تلك الأحزاب، استعداداً لما تصفه بالتحولات المرتقبة في إيران والمنطقة، وتعزيز الوجود العسكري فيما بينها في عمق المناطق الكردية في إيران.
ويقول عمر أليخانزاده، زعيم «كوملة كادحي كردستان»، إن «الأحزاب المنضوية في هذا المركز الذي اتفقنا على تشكيله قبل عام، وضعت خلافاتها الفكرية والسياسية جانباً، ووحّدت مواقفها ضد نظام طهران»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «اتفقنا مبدئياً على عدة محاور أبرزها علاقات أحزابنا مع بقية قوى المعارضة الإيرانية، وعلاقتنا مع سائر القوى الكردية في أجزاء كردستان الأخرى، إضافة إلى تعزيز جهودنا الدبلوماسية مع الأوساط السياسية ومراكز القرار في العالم، بموازاة تكثيف التعاون العسكري فيما بيننا، وفق خطة تقوم على أساس أجندة مشتركة ترسم ملامح هذا التعاون، قبل زوال النظام الحالي في طهران وما بعد ذلك».
وتابع أليخانزاده، الذي يرأس حزبه الدورة الأولى للمركز المذكور: «هناك أمور مهمة اتفقنا جميعاً بشأنها، ولكن نتحفظ عليها نظراً لحساسيتها، لكنّ جوهرها يتمثل في توحيد كلمتنا الداعية إلى إسقاط النظام الذي لا ينفع معه لا الحوار ولا التفاهم كونه عدواً للشعوب».
ويقول زعماء هذه الجبهة السياسية العسكرية الكردية، إنهم «شكّلوا مع ستة أقطاب أخرى في المعارضة الإيرانية التي تمثل مختلف الشعوب الإيرانية من عرب وبلوش وتركمان وآذريين وفرس، إطاراً موحداً للعمل الجبهوي، على أساس الدفاع عن حقوق الشعوب الإيرانية، وإقامة نظام متحضر ومنصف في البلاد مستقبلاً، يضمن للجميع حقوقه في إطار اتحادي، ويؤكدون أن معظم قوى المعارضة غير الكردية أقرت بالحقوق القومية للكرد، في مرحلة ما بعد النظام الراهن، وما زال الحوار مستمراً مع البقية بهذا الاتجاه».
ويتزامن انبثاق هذه الجبهة في صيغته الراهنة، مع دخول العقوبات الأميركية ضد طهران حيز التطبيق العملي، حيث يشير أليخانزاده إلى أن تلك العقوبات ستفاقم من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة أصلاً في إيران خصوصاً في المناطق الكردية، وستنخر كيان النظام في الصميم، لا سيما في ظل استفحال الفساد المالي والإداري الذي أصاب المؤسسات الرسمية بشلل وتفسخ، لكنه يجزم بأنها ليست كافية للإطاحة بالنظام، داعياً القوى العظمى والدول المناوئة للنظام إلى دعم أطراف المعارضة، التي تعمل بفاعلية في الأوساط الشعبية للتعبئة الجماهيرية ضد النظام، بغية إحداث التغيير من الداخل عبر ثورة شعبية عارمة.
ويجزم أليخانزاده بأن النظام الإيراني أنشأ قواعد عسكرية عديدة داخل أراضي إقليم كردستان العراق، وبعمق نحو 20 كلم، في محاولة لكبح تحركات قوات المعارضة في المناطق الكردية الحدودية، مؤكداً أن العقوبات ستقضي على ما تبقى من قدرات النظام العسكرية، التي وصفها بأنها مجرد نمر من ورق.
بينما يرى محمد صالح قادري، رئيس دائرة العلاقات الكردية في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني (حدكا)، أن قيادة الجبهة المشتركة اتخذت قراراً يقضي للمرة الأولى في تاريخها بالقيام بأنشطة مشتركة داخل إيران، متى سنحت الفرصة بذلك.
وأضاف قادري لـ«الشرق الأوسط» قررت المعارضة اعتبار تاريخ 28 من شهر كلاويز الكردي، وهو اليوم الذي أصدر فيه الخميني فتواه المشؤومة بالجهاد ضد الشعب الكردي في إيران، يوماً للمقاومة الكردية، ومناسبة لتحقيق التعاون والانسجام بين القوى الكردية.
ويجزم قادة الأطراف الكردية بأنهم مستعدون للإسهام في أي جهد إقليمي ودولي يهدف إلى الإطاحة بالنظام الحالي.



مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT
20

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)
شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».