نشاط عربي دبلوماسي مكثف في فرنسا

ملك البحرين ورئيس الوزراء العراقي ونائب رئيس الوزراء الكويتي في باريس للقاء ماكرون

جانب من الاجتماع الفرنسي - الكويتي في الاليزيه (أ.ف.ب)
جانب من الاجتماع الفرنسي - الكويتي في الاليزيه (أ.ف.ب)
TT

نشاط عربي دبلوماسي مكثف في فرنسا

جانب من الاجتماع الفرنسي - الكويتي في الاليزيه (أ.ف.ب)
جانب من الاجتماع الفرنسي - الكويتي في الاليزيه (أ.ف.ب)

عادت باريس مجدداً لتصبح وجهة رئيسية للزيارات الرسمية وللاتصالات السياسية والدبلوماسية العربية رفيعة المستوى. فخلال هذا الأسبوع وحده، تشهد العاصمة الفرنسية زيارة ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الكويتي الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح.
وسبق للرئيس الفرنسي في الأيام القليلة الماضية أن أجرى اتصالات هاتفية مع أكثر من مسؤول عربي آخرهم الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة الإماراتية. ويضاف إلى هذه الاتصالات والزيارات التواصل الدائم عبر القنوات الدبلوماسية التقليدية والمهمات الاستكشافية التي يقوم بها كبار المستشارين في الرئاسة ووزارتي الخارجية والدفاع إلى العواصم العربية وتتركز، إضافة إلى العلاقات الثنائية، على الملفات المشتعلة في المنطقة العربية سواء في ليبيا أو اليمن أو سوريا.
من بين هذه الملفات، يبدو الموضوع الليبي الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى الديبلوماسية الفرنسية. كما أن باريس تمتلك فيه بعض الأوراق التي تمكنها من التأثير، بعكس الحال في الملفات الأخرى حيث قدرتها التأثيرية تبدو محدودة. وإلى جانب {قوتها الذاتية}، فإن ترؤس فرنسا لمجموعة الدول السبع الأكثر تصنيعاً للعام الجاري يوفر لها مكانة إضافية ويحتم عليها اتصالات إضافية نظراً إلى أهمية هذا الاستحقاق السنوي الذي يشكل منصة لجولة في شؤون العالم.
وكان الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح المسؤول العربي الأول الذي استقبله الرئيس ماكرون في قصر الأليزيه، أمس (الاثنين)، بحضور وزير الخارجية جان إيف لو دريان. وجاء في بيان صادر عن الاليزيه عقب اللقاء أن الكويت {شريك قديم وقوي لفرنسا يوفر بعمله الديبلوماسي والاقتصادي مساهمة ثمينة لإيجاد حلول للأزمات}.
وشدد البيان كذلك على أن باريس {وقفت دوماً إلى جانب الكويت}، مشيراً إلى أن اللقاء {أتاح الفرصة لجولة أفق تتناول المسائل المتعددة الأوجه والإقليمية التي يقيم البلدان بشأنها حواراً ثابتاً، وعلى رأسها الإرهاب والوضع في الشرقين الأدنى والأوسط}. وشكر ماكرون عبر الشيخ ناصر الكويت للدور الذي تلعبه في مجلس الأمن بصفتها عضواً غير دائم وللتعاون الذي قام بينها وبين فرنسا في هذه الفترة.
أما على الصعيد الثنائي، فنوه الطرفان بالعلاقات الجيدة التي تربطهما وتناولا مشاريع التعاون المستقبلية في الميدان الاقتصادي خصوصاً، وفي إطار {خطة التنمية الكويتية 2035}. وأشاد ماكرون باهتمامات الكويت والتزاماتها البيئية عارضاً استعداد بلاده لـ{مواكبتها} في هذه السياسة الطموحة. وتناول البحث التعاون في الميادين الثقافية والصحية والبيئية. وأشارت السفارة الكويتية في بيان إلى نقل الشيخ ناصر رسالة من أمير الكويت إلى الرئيس الفرنسي.
وغابت عن طاولة البحث في الاليزيه المسائل الدفاعية والعسكرية التي تناولها الضيف الكويتي مع وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي في اجتماعه بها مساء الأحد. ويرتبط البلدان بمعاهدة دفاعية وتقوم بينهما علاقات وثيقة في الميدان العسكري والدفاعي.
وكان قصر الاليزيه استبق مساء الأحد اللقاء بالإشارة إلى أن موضوعي اليمن وسوريا سيكونان في قلب المحادثات السياسية للرئيس ماكرون مع ملك البحرين ومع نائب رئيس الوزراء الكويتي. وأشارت مصادر الاليزيه إلى أن {تحديات التعاون الإقليمي ستكون في قلب اللقاءين، خصوصاً البحث عن حلول سياسية دائمة في اليمن وسوريا}.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.