مصر تعزز تأمين الكنائس تزامناً مع احتفالات «عيد الفصح»

استنفار أمني في محيطها... وبابا الأقباط يترأس الصلاة

جانب من مظاهر التشديد الأمني على الكنائس (الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية)
جانب من مظاهر التشديد الأمني على الكنائس (الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية)
TT

مصر تعزز تأمين الكنائس تزامناً مع احتفالات «عيد الفصح»

جانب من مظاهر التشديد الأمني على الكنائس (الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية)
جانب من مظاهر التشديد الأمني على الكنائس (الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية)

عززت السلطات المصرية الإجراءات الأمنية بمحيط الكنائس والمطرانيات في ربوع البلاد، تزامناً مع «عيد الفصح»، الذي يحتفل به الأقباط، اعتباراً من أمس (الجمعة). ومشّطت قوات الأمن محيط الكنائس، مع زيادة توافد الأقباط على الكنائس لممارسة طقوس الصلوات الخاصة بـ«أسبوع الآلام».
وترأس البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، أمس، صلوات «الجمعة العظيمة» بمقر الكاتدرائية المرقسية بضاحية العباسية شرق القاهرة. ويتذكر الأقباط ما يُعرف باسم «الجمعة العظيمة»، وهي الجمعة التي تسبق «عيد الفصح»، وتبدأ الصلوات في هذا اليوم من السادسة صباحاً وتستمرّ دون توقف.
وقال مصدر أمني إن «حالة الاستنفار المعلَنة داخل كل قطاعات ومديريات الأمن بمحافظات مصر تأتي لتأمين احتفالات المسيحيين بـ(عيد الفصح)، خشية وقوع أعمال إرهابية تعكر صفو الاحتفالات».
ويُقام قداس «عيد الفصح» مساء اليوم (السبت)، قبل ساعات من الاحتفال بالعيد غداً (الأحد). وكانت احتفالات «عيد الفصح» العام قبل الماضي قد شهدت وقوع اعتداءين داميين، استهدفا كنيسة «مار جرجس» في مدينة طنطا، الواقعة في وسط دلتا النيل، والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، وأسفرا عن مقتل ما لا يقل عن 40 شخصاً، وإصابة 112 بجروح. وتبنى تنظيم «داعش» الإرهابي الهجومين.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها، أمس، إن «المحافظات شهدت انتشاراً أمنياً مكثفاً بالمحاور والشوارع والميادين والمناطق والمنشآت الهامة ودور العبادة، لترسيخ دعائم الأمن، والتعامل الفوري مع كل ما من شأنه تعكير صفو تلك الأجواء»، مبرزةً أن الخطط الأمنية «شملت تكثيف الوجود الأمني، وتعيين الارتكازات الأمنية، وفرض طوق أمني في محيط الكنائس، والدفع بقوات التدخل والانتشار السريع بكافة المحاور والطرق».
وواصلت وزارة الداخلية تأكيدها على «مواصلة الجهود لتوفير مناخ آمن ينعم فيه المصريون بأجواء الاحتفالات، من خلال التصدي الحازم والحاسم لأية صورة من صور الخروج على القانون».
وقال المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط» إن «وزارة الداخلية فرضت حرماً آمناً بمحيط كل كنيسة، يصل في بعض الأحيان لمسافة 800 متر، وتم منع ترك السيارات والدراجات البخارية به، وإغلاق الطرق المؤدية للكنائس». وقالت الوزارة إنه «تم الدفع بقوات بحثية وخدمات سرية، فضلاً عن خدمات الشرطة النسائية للمشاركة في عمليات الفحص والتأمين، كما تمت الاستعانة بعناصر من إدارة تدريب كلاب الأمن والحراسة لتفتيش محيط المنشآت وتمشيطها».
في المقابل، أكدت مصادر كنسية لـ«الشرق الأوسط» أن «إجراءات تأمين الكنائس تعكس جهود الأمن، ليشعر المصلون من الأقباط في الكنيسة بالأمان خلال احتفالات العيد»، مضيفة أن «فرق كشافة الكنائس سوف تواصل دورها المعتاد في تنظيم وتأمين دخول المصلين للكنائس، ومساعدة أفراد الشرطة المصرية».
وشدد اللواء محمود توفيق وزير الداخلية المصرية على «اليقظة وتكثيف الوجود الأمني بالأكمنة والدوريات الشرطية على كل الطرق»، مضيفاً أنه «تم نشر خبراء المفرقعات ورجال الحماية المدنية لتمشيط جميع المناطق الحيوية، ومراقبة الحالة الأمنية من خلال كاميرات المراقبة التابعة للإدارة العامة للمرور، إضافة إلى تكثيف ونشر وحدات التدخل السريع، لضمان التدخل الفوري في حالة ملاحظة أي أمر قد يهدد حياة المواطنين».
في غضون ذلك، أصدرت مطرانية مطاي بالمنيا، في صعيد مصر، أمس، بياناً نشرته الصفحة الرسمية لمتحدث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوضح أسباب حريق شبّ في مخيم للصلاة أُقيم مكان كنيسة «مار جرجس». وقالت المطرانية: «لقد نشب حريق في المخيم الذي تم إعداده للصلاة بالكنيسة، نظراً لظروف هدم الكنيسة، وأتى على كافة محتويات المكان، وقد تحركت كافة الأجهزة الأمنية، وتمت السيطرة على الحريق دون خسائر في الأرواح»، مضيفة: «يُشتبه بصفة مبدئية أن يكون سبب الحادث على الأرجح ماساً كهربائياً، لعدم وجود أي شخص في مكان الحريق أثناء وقوعه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».