سريلانكا تراجع حصيلة ضحايا «مجازر الفصح»

وزير الدفاع قدم استقالته... وباكستانيون وأفغان يتعرضون للترهيب

سريلانكا تراجع حصيلة ضحايا «مجازر الفصح»
TT

سريلانكا تراجع حصيلة ضحايا «مجازر الفصح»

سريلانكا تراجع حصيلة ضحايا «مجازر الفصح»

بعد 4 أيام من أسوأ اعتداءات إرهابية تستهدف سريلانكا منذ انتهاء الحرب الأهلية في 2009. لا يزال التوتر يهيمن على السلطات الأمنية والمواطنين على حد السواء.
وفيما قدم وزير الدفاع السريلانكي استقالته أمس، أكدت السلطات الأمنية أن عددا من المشتبه بهم في الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة 253 شخصا على الأقل وفق آخر حصيلة رسمية ما زالوا هاربين. وقال الوزير المستقيل هيماسيري فرناندو إنه لم يخفق في شيء، «لكنه يتحمل مسؤولية إخفاقات بعض المؤسسات» التي كان يرأسها بصفته وزيرا للدفاع. وذكر أن الأجهزة الأمنية كانت تستجيب على نحو فعال لمعلومات مخابرات لديها عن احتمال وقوع الهجمات قبل حدوثها.
وجاء ذلك بعدما تداولت تقارير أن السلطات الهندية حذّرت في 11 أبريل (نيسان) الماضي من احتمال وقوع هجمات انتحارية قبل أسابيع من اعتداءات عيد الفصح، على أساس «تهديدات» مرتبطة بتنظيم داعش حصلت عليها من مشتبه بهم قيد التوقيف لديها، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
من جهته، راجع مسؤول كبير بقطاع الصحة عدد قتلى الهجمات الدامية، الذي كان عند 359 شخصا وفق إعلان سابق، وقال إنه يتراوح بين «250 إلى 260 قتيلا». وقال أنيل جاسينجه، المدير العام للخدمات الصحية في سريلانكا: «لا أستطيع أن أحدّد بالضبط. يوجد عدد كبير من الأشلاء، ومن الصعب تقديم رقم محدد».
وأغلقت السلطات في سريلانكا أمس مبنى البنك المركزي، كما أغلقت الطريق المؤدي لمطار العاصمة لفترة
وجيزة بسبب مخاوف من وجود قنبلة. وألقت القبض على مزيد من الأشخاص، في إطار حملة واسعة تستهدف المسؤولين عن تفجيرات عيد الفصح، الأحد الماضي. وأبلغ مسؤولان في البنك المركزي وكالة رويترز بأن الشارع الذي يوجد به مبنى البنك قرب مركز التجارة العالمي في العاصمة كولومبو، أُغلق أمام حركة المرور قبل رفع حالة التأهب الأمني. وأغلقت السلطات أيضا الطريق المؤدي لمطار كولومبو الرئيسي بعد رصد مركبة مثيرة للريبة في مرأب قريب، مما يعكس تصاعد حدة التوتر في البلاد. وعاودت السلطات فتح الطريق عندما أعلنت أن التحذير كان إنذارا كاذبا.

وقال متحدث باسم الشرطة إن انفجارا، لم تُعرف أسبابه حتى وقت الكتابة، وقع في بلدة شرقي العاصمة دون سقوط قتلى أو جرحى. وأضاف أنه لم يكن تفجيرا محكوما مثل تفجيرات أخرى نفذتها السلطات في الأيام القليلة الماضية، وأنه قيد التحقيق.
وبسبب مخاوف من وجود انتحاريين آخرين مستعدين لتنفيذ هجمات، قالت الشرطة إنها أمرت موظفين بمغادرة مكاتبهم في حي الأعمال في كولومبو مبكّرا لتجنب الازدحام في ساعة الذروة. كما أغلقت المطاعم في وسط المدينة أبوابها مبكرا.
واعتقلت السلطات مزيدا من الأشخاص، بينهم أجانب، للاستجواب خلال الليل فيما تحقق سلطات محلية ودولية في التفجيرات التي تعدّ أحد أعنف الاعتداءات التي تبناها تنظيم داعش. وأُصيب نحو 500 شخص أيضا في الهجمات التي استهدفت ثلاث كنائس وأربعة فنادق.
وذكرت الشرطة أن 16 آخرين اعتقلوا للاستجواب خلال الليل، ليصل عدد المحتجزين منذ يوم الأحد إلى 76 على الأقل. ومن بين المحتجزين مواطن سوري اعتقلته الشرطة بعد حصولها على معلومات بشأنه من مشتبه بهم من سريلانكا. وقالت الشرطة دون الخوض في التفاصيل إن أحد المعتقلين خلال ليل أول من أمس مرتبط «بمنظمة إرهابية».
وتم احتجاز شخص آخر بعد أن حققت الشرطة في منشورات له على صفحته على «فيسبوك»، وخلُصت إلى أنها تندرج في إطار «خطاب الكراهية». وقال متحدث باسم الشرطة: «كانت (المنشورات) مرتبطة بنشر الإرهاب والترويج له». كما قال متحدث باسم شرطة سريلانكا، إن الشرطة اعتقلت لاحقا ثلاثة أشخاص، وصادرت 21 عبوة ناسفة محلية الصنع، وستة سيوف خلال مداهمة في كولومبو. ولم يذكر تفاصيل أخرى أو يلمح إلى ارتباط المداهمة بالتفجيرات الانتحارية. واعتقلت الشرطة أيضا خلال المداهمات مصريا وعدة باكستانيين، لكن لا يوجد مؤشر بعد على أن لهم صلات مباشرة بالتفجيرات، كما ذكرت وكالة رويترز.
وتركز السلطات في تحقيقاتها على الصلات الدولية بجماعتين متطرفتين محليتين، هما «جماعة التوحيد الوطنية» وجمعية «ملة إبراهيم» اللتان تعتقد السلطات بأنهما نفذتا الهجوم. وظهرت صورة لمنفذي التفجيرات، وهم تسعة مفجرين انتحاريين، بينهم امرأة، نشأوا في سريلانكا وتلقوا تعليما جيّدا.
وقال مصدر قريب من أسرة انتحاريين اثنين إن اثنين من المهاجمين شقيقان، ووالدهما تاجر بهارات ثري وأحد أشهر رجال الأعمال. ولم يقدم تنظيم داعش أي معلومات مؤكدة تدعم إعلانه المسؤولية. ونشر التنظيم مقطعا مصورا يوم الثلاثاء، ظهر خلاله ثمانية رجال كلهم ملثمون، باستثناء واحد، وهم واقفون تحت راية «داعش» السوداء، ويبايعون زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي.
وقالت الحكومة إن تسعة انتحاريين شاركوا في الهجمات، وتم التعرف على هويات ثمانية منهم وبينهم امرأة.
وتم تحديد هوية الرجل الذي كان وجهه ظاهرا، بأنه زهران هاشم وهو واعظ من شرق سريلانكا معروف بآرائه المتشددة، ويعتقد مسؤولون بأنه العقل المدبر للهجوم. بدوره، قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أمس إن أحد المفجرين عاش في أستراليا مع زوجته وطفله بتأشيرة طالب، لكنه غادرها في 2013. ولم يحدد موريسون هوية الرجل.
بدّدت التفجيرات الهدوء النسبي الذي كان سائدا في البلد الذي تسكنه أغلبية بوذية، منذ انتهاء حرب أهلية ضد الانفصاليين من عرق التاميل، ومعظمهم هندوس، قبل عشرة أعوام، الأمر الذي أثار مخاوف من العودة إلى العنف الطائفي.
ويشمل سكان سريلانكا، وعددهم 22 مليونا، أقليات مسيحية ومسلمة وهندوسية. وتمكن المسيحيون حتى الآن من تلافي أسوأ الصراعات والتوترات الطائفية في البلاد. وكان من المقرر أن يجتمع الرئيس مايثريبالا سيريسينا مع ممثلين من مختلف الطوائف، أمس، لبحث المخاوف من رد فعل طائفي. وهرب مسلمون من إقليم نيغومبو في الساحل الغربي للبلاد، منذ مقتل عشرات المصلين في الهجوم على كنيسة سان سيباستيان هناك يوم الأحد مما أجج التوتر الطائفي. فيما غادر مئات المسلمين وغير المسلمين الباكستانيين والأفغان المدينة أول من أمس الأربعاء بعد تهديدات بالانتقام. وقال عدنان علي، وهو باكستاني مسلم، لـ«رويترز»: «هاجم السكان السريلانكيون المحليون منازلنا بسبب التفجيرات التي وقعت هنا».


مقالات ذات صلة

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

آسيا اللفتنانت جنرال فيض حميد (منصة إكس)

بدء محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية

بدأ الجيش الباكستاني محاكمة الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية، في خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم التحديات القانونية ضد رئيس الوزراء السابق المسجون.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا أمرت النيابة العامة الفيدرالية بألمانيا باعتقال رجل يشتبه في كونه عضواً بجماعة «حزب الله» اللبنانية بهانوفر حيث يُعتقد أنه يعمل لصالحها داخل ألمانيا (د.ب.أ)

ألمانيا: إيداع سوري مشتبه في تعاطفه مع «داعش» بالحبس الاحتياطي

بعد عملية واسعة النطاق نفذتها الشرطة البافارية الأحد تم إيداع شخص يشتبه في أنه من المتعاطفين مع «تنظيم داعش» قيد الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ - شتوتغارت )
آسيا شرطي يراقب أفراداً من الأقلية المسيحية الباكستانية وهم يستعرضون مهاراتهم في الاحتفال بأعياد الميلاد على أحد الطرق في كراتشي بباكستان 8 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

باكستان: مقتل شخصين يحملان متفجرات بانفجار قرب مركز للشرطة

انفجرت عبوة ناسفة كان يحملها مسلحان مشتبه بهما على دراجة نارية في جنوب غربي باكستان، بالقرب من مركز للشرطة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (كويتا (باكستان))
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا أفراد من جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

توقيف 3 متطرفين في ألمانيا للاشتباه بتخطيطهم لهجوم

أُوقِف 3 شبان يعتقد أنهم متطرفون بعد الاشتباه بتحضيرهم لهجوم في جنوب غربي ألمانيا، وفق ما أفادت به النيابة العامة والشرطة.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.