دار الإفتاء المصرية تصدر دليلا حول المنظمات الإرهابية من «منشقي القاعدة» في العراق وسوريا

أكدت أن «داعش» و«بوكو حرام» يغذيان النعرات الطائفية ويحاولان إحياء الحروب ويشوهان الإسلام

دار الإفتاء المصرية تصدر دليلا حول المنظمات الإرهابية من «منشقي القاعدة» في العراق وسوريا
TT

دار الإفتاء المصرية تصدر دليلا حول المنظمات الإرهابية من «منشقي القاعدة» في العراق وسوريا

دار الإفتاء المصرية تصدر دليلا حول المنظمات الإرهابية من «منشقي القاعدة» في العراق وسوريا

أصدرت دار الإفتاء المصرية دليلا إرشاديا عالميا باللغة الإنجليزية، للصحافيين والمراسلين الأجانب المهتمين بتغطية الأخبار الخاصة بالعالم الإسلامي وقضاياه بعنوان «تفكيك آيديولوجية منشقي (القاعدة) في العراق وسوريا»، وذلك ضمن مبادرة الإفتاء المصرية ضد منشقي «القاعدة» في العراق والشام، والمعروف إعلاميا بتنظيم «داعش».
وأوضح الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، أمس، أن الدليل يهدف إلى تصحيح الصور النمطية المشوهة التي خلقتها بعض التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«بوكو حرام» بهدف القضاء على التعميمات غير المنصفة عن الإسلام والمسلمين التي تصوغها الدوائر الغربية السياسية والثقافية والإعلامية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى إدارة حوار هادئ ومتواصل مع الإعلام الغربي على اختلاف مشاربه.
كما دشن مستشار المفتي أول أبواب الدليل الإرشادي على صفحة «الإفتاء» على الإنترنت باللغة الإنجليزية، متضمنا شرحا مفصلا عن مفهوم الجهاد وضوابطه في الشريعة الإسلامية وموقف الشريعة من قضايا بيع النساء وتهجير المسيحيين. وأشار نجم إلى أن القضايا المتعلقة بالإسلام والمسلمين التي تبثها وسائل الإعلام الغربية تلقى اهتماما واسعا في أروقة صناع القرار السياسي والخارجي، وقاعات المجالس النيابية بأوروبا وأميركا، لقدرة الإعلام الغربي على التحكم في بوصلة الرأي العام العالمي ومواقفه من الدول والشعوب.
وأضاف في تصريحات صحافية، أن «الإفتاء» المصرية أقدمت على تدشين الدليل الإرشادي لمندوبي وكالات الأنباء العالمية لمساعدة الراغبين منهم على الإلمام بالحقائق الأساسية عن الإسلام، وحصر مشكلات التواصل الثقافي مع الغرب، وإمدادهم بالتعريفات الخاصة بالمفاهيم والمصطلحات الإسلامية التي تواجههم أثناء تغطيتهم الأخبار، وتوضيح إشكاليات العلاقة بين الإسلام والغرب مثل حرية التعبير، والفصل بين الدين والدولة، وحرمة المقدسات الدينية، ونظرة الإسلام للمرأة، والفرق بين المبادئ الإسلامية والعادات الثقافية، واحترام التنوع الثقافي الذي يحتضنه الإسلام.
من جهة أخرى، أدانت دار الإفتاء المصرية بشدة ما أعلنته جماعة «بوكو حرام» النيجيرية من إعلان الخلافة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، التي استولت عليها عبر عمليات العنف والإرهاب التي تتبناها الجماعة وسيلة لتحقيق أهدافها، مؤكدة أن «داعش» و«بوكو حرام» جماعتان تغذيان النعرات الطائفية وتحاولان إحياء الحروب الدينية، لافتة إلى أن «الخلافة قضية شرعية لها شروطها وضوابطها التي استقرت عليها كتب الفقه منذ قديم الزمان، وليس الأمر مزحة يدعيها كل أحد».
وقال الدكتور إبراهيم نجم، إن «مفهوم الخلافة الإسلامية من أكثر المفاهيم الإسلامية التي تعرضت للتشويه والابتذال في وقتنا الحاضر حتى أضحى المفهوم سيئ السمعة لدى أوساط غير المسلمين، بل وبين المسلمين أنفسهم وفي الدول ذات الأغلبية المسلمة».
وأشار الدكتور نجم إلى أن الخلافة الإسلامية نظام حكم ابتكره المسلمون، وذلك من أجل تحقيق غايات الاستخلاف في الأرض وعمارتها وإقامة العدل بين الناس، وهو ما تحقق في عصور الخلفاء الراشدين وتحقق بعد ذلك بنسب متفاوتة في عصور التاريخ الإسلامي.
ولفت مستشار مفتي مصر إلى أن التطورات المتلاحقة في العالم الإسلامي تفرض على علماء الدين البحث عن حلول وبدائل تراعي ثوابت الدين وتلائم الواقع الإسلامي المعاصر، وتحقق المقصود الأسمى للخلافة من إقامة للعدل بين الناس وجمع شتات الأمة في وحدة تدافع عن هويتها وتحمي تراثها ومصالحها وتدفعها للمشاركة في الحضارة الإنسانية.
وأضاف الدكتور نجم أن ما نشهده اليوم من قتل وسفك للدماء وترويع للآمنين تحت مسمى الخلافة الإسلامية يعد إساءة عظيمة وتشويها كبيرا للإسلام والمسلمين وأيضا لتاريخ المسلمين وتراثهم القديم، واستخداما للدين الإسلامي بغرض تحقيق مكاسب ضيقة وجذب البسطاء ممن ينطلي عليهم استخدام الشعارات الدينية، والذي يؤدي بدوره إلى انتشار العنف والصراعات الدينية في مناطق العالم المختلفة تحت دعاوى الحروب الدينية، مشيرا إلى أنه «لا بد من التصدي وبحزم لتلك الدعوات والجماعات المتطرفة هنا وهناك حتى لا نجد أنفسنا أمام مئات الخلافات الإسلامية المتناحرة، التي ستؤدي وبلا شك إلى تقويض الدول القائمة وليس إقامة دولة إسلامية».
ودعا الدكتور نجم وسائل الإعلام المختلفة إلى تبني المصطلحات الصحيحة في توصيف تلك الجماعات والحركات، وعدم الانجراف في تبني المسميات التي تطلقها تلك الحركات على أنفسها كمصطلح الدولة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية، فهي من جانب تحاول أن تحصل على توصيف الدولة وهي ليست كذلك، كما أنها تحاول أن تلصق صفة الإسلامية بها على غير الواقع، فلا هي دولة ولا هي تمت إلى الإسلام بصلة.
وسبق أن أطلقت دار الإفتاء المصرية حملة دولية ستتواصل فيها مع وسائل الإعلام الأجنبية والشعوب الغربية لعدم استخدام مصطلح «الدولة الإسلامية» عند الحديث عن تنظيم «داعش» الإرهابي واستبدال مصطلح «دولة المنشقين عن القاعدة في العراق والشام» به.
في السياق ذاته، قالت مصادر مسؤول في دار الإفتاء إن «مفتي مصر الدكتور شوقي علام أكد أن ما يقوم به تنظيم (داعش) من قتل للمسلمين باسم الجهاد هو بعيد عن الدين الإسلامي»، مؤكدا أهمية إعادة فهم مصطلح الجهاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».