الشعر ينتعش بفضل شبكات التواصل الاجتماعي

يعتبره البعض تجارياً وأصحابه فقيري الموهبة

الشعر ينتعش بفضل شبكات التواصل الاجتماعي
TT

الشعر ينتعش بفضل شبكات التواصل الاجتماعي

الشعر ينتعش بفضل شبكات التواصل الاجتماعي

من يصدق أن يأتي على الشعر عهد تسجّل فيه دواوينه أعلى المبيعات، ويستضاف أصحابه في أكبر المحافل الأدبية، قد يبدو الأمر مستحيلاً في زمن فقد فيه «أنبل الفنون» كل بريقه، لكن بعض المؤشرات تدل على أن انتعاش الشعر قد يتحقق بفضل وسائل التواصل الاجتماعي.
روبي كور، ونيرة وحييد، وإرزا دالاي وارد، ولانغ ليف أوروبرت، وأم. دراك، أسماء قد لا تعني للبعض شيئاً، لكن هذه الشخصيات اتخذت من مواقع التواصل الاجتماعي، بالأخّص «إنستغرام» و«تملبر»، منطلقاً لها لنشر أعمال شعرية لاقت رواجاً شعبياً واسعاً، وأصبحت موضع اهتمام أكبر دور النشر الغربية. الأسلوب مميز: أبيات قصيرة، ومفردات بسيطة واضحة معظمها مرفق برسوم أو صور، والموضوعات الغالبة هي الحب، والخيانة، والكآبة، وهموم المرأة. والأهم عدد هائل من المشتركين الذين يتفاعلون مع الأبيات المنشورة بالإعجاب أو التعليق، ودواوين شعرية تباع بأرقام قياسية (2.5 مليون نسخة لـ«حليب وعسل» لروبي كور، و160 ألف نسخة للأسترالية لانغ ليف و«الحب والمغامرة التعيسة»، و160 ألفاً للأميركي روبرت أم. دراك لديوانه «الفراشة السوداء»، و120 ألفاً لمواطنه تيلر كنوت وديوانه «صّيادو الضوء»).
العنصر النسوي هو الغالب عند شعراء «إنستغرام»، وإن كان من الصعب تحديد عددهم، إلا أن الظاهرة في تطور مستمر؛ بحث بسيط في محرك بحث «إنستغرام» عبر «هاشتاغ أنسترابويتس»، يستعرض أكثر من مليونين وخمسة مائة نتيجة؛ أشهرها على الإطلاق الكندية الهندية الأصل روبي كور؛ ديوانها الشعري الأول «حليب وعسل»، الذي نشرته أول مرة على نفقتها الخاصّة، احتل مراتب الصدارة في قائمة الأعمال الأكثر مبيعاً لصحيفة «نيويورك تايمز» لـ25 أسبوعاً على التوالي، وكان أكثر الأعمال الأدبية مبيعاً على موقع «أمازون»: سابقة أولى من نوعها في زمن لا تتعدى فيه مبيعات أي ديوان شعرى بضعة آلاف نسخة.
النجاح الذي بدأ على حساب كور على «إنستغرام»، أثار اهتمام دور النشر التي تسابقت لنشر أعمالها. المثير للانتباه هو التغطية الإعلامية الواسعة التي حظيت بها: أمسيات شعرية في أكبر قاعات أوروبا وأميركا، ومقابلات صحافية وتلفزيونية إلى غاية حضور مميز في حفلة «غولدن غلوب»، وكأنها من مشاهير «هوليوود».
الشيء نفسه مع زميلتها البريطانية إرزا دالاي وارد، والأسترالية لانغ ليف، اللتين تحظيان باستقبال المشاهير في كل مكان تحلان فيه. أما الأميركي روبرت أم. دراك، فيأتي من بين المليون ونصف المليون مشترك على حسابه في «إنستغرام»، أكثرُ شخصيات تلفزيون الواقع شعبية، وهما الأختان كندال وكايلي جينير اللتان غالباً ما تتقسمان أشعاره، ما منحه حضوراً أقوى على الشبكة. شيء لم نعهده عند الشعراء الذين طالما اقترنت حياتهم بالبساطة والبعد عن الأضواء.
إذن ماذا حدث لكي يتألّق هذا الجيل الجديد من الشعراء على حساب نظيره التقليدي، رغم أنه لا يقل عنه موهبة؟ تجيب كريستي ميلفيل رئيسة مؤسسة «أندروز ماكميل»، التي تنشر أعمال معظم «شعراء إنستغرام»، في حوار للموقع الفرنسي «نوميراما»: «هذا الجيل ركب موجة الحداثة... واستطاع أن يصّل لقلوب الملايين، لا سيما الشباب بفضل الوسيلة التي يستعملها والخطاب السهل الواضح. الأمر بسيط ليس هناك أي وسيط، لأن الشعر في متناول اليد، وعلى شاشة الهاتف الجوّال... بفضلهم أصبحنا في ظرف سنتين روّاد الشعر المنشور».
أهم شيء هو «التفاعل» الذي يبدو حلقة الوصل بين هؤلاء الشعراء والجمهور الذي يقرأ لهم؛ روبي كور التي يشترك على حسابها في «إنستغرام» أكثر من 2.4 مليون مشترك، تقدم نفسها على أنها ناشطة في مجال حقوق المرأة، وتقول إنها ترّد بنفسها على كل الرسائل التي تتلقاها.
أما البريطانية إرزا دالاي وارد، المناهضة للعنصرية والناشطة في مجال التعريف بالصّحة العقلية، فقد كشفت لصحيفة «نيويورك تايمز» أنها كثيراً ما تدلي بالنصائح لقرائها حول موضوعات، بما فيها موضوعات شخصية؛ صورة جديدة لشعر أكثر قرباً واهتماماً بانشغالات الناس اليومية، في تعارض تام مع صورة الشعر التقليدي الذي وصفه جان كلود بانسون في كتابه «ما جدوى الشعر اليوم؟» (دار نشر فلاماريون)، «بغير الاجتماعي، والنخبوي... البعيد عن الجمهور والمقتصر على الطبقة المثقفة فقط».
الحضور القوي للشعر على مواقع التواصل الاجتماعي، أثار أيضاً ردود أفعال الأصوات المحافظة التي تشكّك في شرعيته وقيمته الأدبية. يشرح الباحث الفرنسي ستيفان دوبوا من «معهد سياس بو»: «الشعر ظل بعيداً عن هذا الجدل، لكن دخول (إنستغرام) ساحة الشعر فتح باب النقاش في شرعية هذا النوع الجديد. إنه عالم يمكن فيه جمع أموال كثيرة، بينما الشعراء الجّادون لم يهتموا يوماً بحصّد المال من وراء كتابة الشعر، إنه الشعر التجاري مقابل الشعر العلمي».
فيما تكتب الناشرة الأميركية المستقلّة إلين جيراردو كمبلرغ، تعقيباً على موضوع بعنوان «كيف أن إنستغرام أنقذ الشعر»، نُشر على الموقع الثقافي الأميركي «ثي أتلانتيك دوت كوم» تقول فيه: «إقراركم بأن الشعر قد مات، وبأن صورة سريعة يعرضها موقع للتواصل الاجتماعي قد تنقذ فناً موجوداً منذ آلاف السنين مغالطة كبيرة. أولاً لأن كتابة الشعر لم تكن يوماً مرتبطة بالمال، ثم إن الاهتمام بهذا النوع من الشعر لا يكون موجهاً فقط للكلمة، بل أيضاً للرسم أو الصورة وحتى التعليقات. هناك نزعة نحو التعامل مع كل شيء بسطحية، وهذا مؤسف. كل أملنا هو أن يصبح (الإنسترا شعر) البوابة التي تشجع المشتركين نحو قراءات أكثر عمقاً».
ويكتب الشاعر والصحافي الفرنسي بيار أسولين، على موقعه الأدبي «جمهورية الكتب»: «هل احتاج فرلين أو رامبو مواقع التواصل الاجتماعي، ليتركوا لنا إبداعاتهم... لا... أعمالهم اجتازت الزمن، وما زالت خالدة... أما الآخرون فلهم ربع ساعة من الشهرة فقط لا غير».



«كيركيغارد»... والحب المستحيل

ريجين أولسين
ريجين أولسين
TT

«كيركيغارد»... والحب المستحيل

ريجين أولسين
ريجين أولسين

كان أحدهم قد أطلق العبارة التالية: كيركيغارد فيلسوف كبير على بلد صغير الحجم. بمعنى أنه أكبر من البلد الذي أنجبه. وبالفعل، فإن شهرته أكبر من الدنمارك، التي لا يتجاوز عدد سكانها 5 ملايين نسمة، وبالطبع أكبر من اللغة الدنماركية المحدودة الانتشار جداً قياساً إلى لغات كبرى كالفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية، ناهيك بالعربية. ولكن مؤلفاته أصبحت مترجمة إلى شتى لغات العالم. وبالتالي، لم تعد محصورة داخل جدران لغته الأصلية الصغيرة. لقد أصبحت ملكاً للعالم أجمع. هنا تكمن عظمة الترجمة وفائدتها. لا حضارة عظيمة من دون ترجمة عظيمة. والحضارة العربية التنويرية قادمة لا ريب، على أكتاف الترجمة والإبداع الذاتي في آنٍ معاً.

سورين كيركيغارد (1813 - 1855) هو مؤسس الفلسفة الوجودية المعاصرة، قبل هيدغر وسارتر بزمن طويل. إنه الممثل الأكبر للتيار الوجودي المسيحي المؤمن، لا المادي الملحد. كان كيركيغارد أحد كبار فلاسفة الدين في المسيحية، إضافة إلى برغسون وبول ريكور، مثلما أن ابن رشد وطه حسين ومحمد أركون هم من كبار فلاسفة الدين في الإسلام.

سورين كيركيغارد

لكن ليس عن هذا سأتحدث الآن، وإنما عن قصة حب كبيرة، وربما أكبر قصة حبّ ظهرت في الغرب، ولكن لا أحد يتحدث عنها أو يسمع بها في العالم العربي. سوف أتحدث عن قصة كيركيغارد مع الآنسة ريجين أولسين. كيف حصلت الأمور؟ كيف اشتعلت شرارة الحب، تلك الشرارة الخالدة التي تخترق العصور والأزمان وتنعش الحضارات؟ بكل بساطة، كان مدعواً إلى حفلة اجتماعية عند أحد الأصدقاء، وصادف أنها كانت مدعوة أيضاً. كانت صغيرة بريئة في الخامسة عشرة فقط، وهو في الخامسة والعشرين. فوقع في حبها على الفور من أول نظرة، وبالضربة القاضية. إنه الحب الصاعق الماحق الذي لا يسمح لك بأن تتنفس. ويبدو أنه كان شعوراً متبادلاً. وبعد 3 سنوات من اللقاءات والمراسلات المتبادلة، طلب يدها رسمياً فوافقت العائلة.

ولكنه صبيحة اليوم التالي استفاق على أمر عظيم. استفاق، مشوشاً مبلبلاً مرعوباً. راح ينتف شعر رأسه ويقول: يا إلهي، ماذا فعلت بنفسي؟ ماذا فعلت؟ لقد شعر بأنه ارتكب خطيئة لا تغتفر. فهو لم يخلق للزواج والإنجاب وتأسيس عائلة ومسؤوليات. إنه مشغول بأشياء أخرى، وينخر فيه قلق وجودي رهيب يكاد يكتسحه من الداخل اكتساحاً... فكيف يمكن له أن يرتكب حماقة كهذه؟ هذه جريمة بحقّ الأطفال الذين سوف يولدون وبحقّها هي أيضاً. ولذلك، فسخ الخطوبة قائلاً لها: أرجوك، إني عاجز عن القيام بواجبات الزوجية. أرجوك اعذريني.

ثم أردف قائلاً بينه وبين نفسه: لا يحق لي وأنا في مثل هذه الحالة أن أخرب حياة خطيبتي المفعمة بحب الحياة والأمل والمحبة، التي لا تعاني من أي مشكلة شخصية أو عقدة نفسية أو تساؤلات وجودية حارقة. وإنما هي إنسانة طبيعية كبقية البشر. أما أنا فإنسان مريض في العمق، ومرضي من النوع المستفحل العضال الذي لا علاج له ولا شفاء منه. وبالتالي، فواجب الشرف والأمانة يقتضي مني أن أدوس على قلبي وأنفصل عنها وكأني أنفصل عن روحي.

لكن عندما سمع بأنها تزوجت من شخص آخر جنّ جنونه وتقطعت نياط قلبه وهاجت عليه الذكريات. بل هرب من الدنمارك كلها لكيلا يسمع بالتفاصيل والتحضيرات وليلة العرس. هذا أكبر من طاقته على التحمل. وأصبح كالمجنون الهائم على وجهه في البراري والقفار. كيف يمكن أن يتخيلها مع رجل آخر؟ هل انطبقت السماء على الأرض؟ مجنون ليلى ما تعذب مثلنا.

الشيء المؤثر في هذه القصة هو أن خطيبته التي عاشت بعده 50 سنة تقريباً طلبت أن تدفن إلى جواره، لا إلى جوار زوجها الشرعي! فاجأ الخبر كثيرين. وكانت بذلك تريد أن تقول ما معناه: إذا كان القدر قد فرقني عنه في هذه الحياة الدنيا، فإني سألتحق به حتماً في الحياة الأخرى، حياة الأبدية والخلود. وكانت تعتبر نفسها «زوجته» برغم كل ما حصل. وبالفعل، عندما كان الناس يتذكرونها كانوا يقولون: خطيبة كيركيغارد، لا زوجة فريدريك شليجيل. وقالت: إذا لم يكن زوجي هنا على هذه الأرض، فسوف يكون زوجي هناك في أعالي السماء. موعدنا: جنة الخلد! هل هناك حب أقوى من هذا الحب؟ حب أقوى من الموت، حب فيما وراء القبر، فيما وراء العمر... الحب والإيمان. أين هو انتصارك يا موت؟

قصة حب تجمع بين كيركيغارد، مؤسس الفلسفة الوجودية، وفتاة شابة جميلة تصغره بعشر سنوات، لكن الفلسفة تقف حجر عثرة بينهما، فينفصل عنها وتظل صورتها تطارده طيلة حياته

اللقاء الأخير

كيف يمكن أن نفهم موقف كيركيغارد من حبيبته إن لم نقل معبودته ريجين أولسين؟ للوهلة الأولى يبدو أنه لا يوجد أي تفسير منطقي له. فقد قطع معها في أوج العلاقة الغرامية، دون أي سبب واضح أو مقنع. ويبدو أنها حاولت أن تراه لآخر مرة قبيل سفرها مع زوجها إلى بلاد بعيدة. أن تراه في الشارع كما لو عن طريق الصدفة. وعندما اصطدمت به، قالت له: «ليباركك الله، وليكن كل شيء كما ترغب». وهذا يعني أنها استسلمت للأمر الواقع نهائياً، وأنه لا عودة بعد اليوم إلى ما كان. تراجع كيركيغارد خطوة إلى الوراء عندما رآها حتى لكأنه جفل. ثم حياها دون أن ينبس بكلمة واحدة. لم يستطع أن يرد. اختنق الكلام في صدره. لكأنه يقول بينه وبين نفسه: هل يحق لمن يقف على الخطوط الأمامية لجبهة الفكر، لجبهة النار المشتعلة، أن يتزوج؟ هل يحق لمن يشعر بأن حياته مهددة أن ينجب الأطفال؟ أطفاله هم مؤلفاته فقط. هل يحق لمن يصارع كوابيس الظلام أن يؤسس حياة عائلية طبيعية؟ ما انفك كيركيغارد يحاول تبرير موقفه، بعد أن شعر بفداحة ما فعل مع ريجين. لقد اعتقد أنه انفصل عنها، وانتهى الأمر، فإذا بها تلاحقه إلى أبد الآبدين. ما انفك يلوم نفسه ويتحسر ويتعذب. لكأنه عرف أن ما فعله جريمة لا تغتفر. نعم، لقد ارتكب جريمة قتل لحب بريء، حب فتاة غضة في أول الشباب. من يستطيع أن يقتل العاطفة في أولها، في بداية انطلاقتها، في عنفوانها؟ طيلة حياته كلها لم يقم كيركيغارد من تلك الضربة: ضربة الخيانة والغدر. وربما لم يصبح كاتباً وفيلسوفاً شهيراً إلا من أجل تبريرها. لقد لاحقه الإحساس القاتل بالخطيئة والذنب حتى آخر لحظة من حياته. إذا لم نأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار فإننا لن نفهم شيئاً من فلسفة كيركيغارد. لقد أصبحت قصته إحدى أشهر قصص الحب على مدار التاريخ، بالإضافة إلى قصة دانتي وبياتريس، وروميو وجولييت، وأبيلار وهيلويز. ويمكن أن نضيف: مجنون ليلي، وجميل بثينة، وكثير عزة، وعروة وعفراء، وذا الرمة ومي... إلخ. العرب هم الذين دشنوا هذا الحب العذري السماوي الملائكي قبل دانتي وشكسبير بزمن طويل. ولماذا تنسون عنتر وعبلة؟ بأي حق؟

ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ

مني وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها

لمعت كبارق ثغرك المتبسم

بعد أن تجاوز فيلسوف الدنمارك تلك التجربة العاصفة، شعر وكأنه ولد من جديد، أصبح إنساناً جديداً. لقد انزاح عن كاهله عبء ثقيل: لا عائلة ولا أطفال ولا زواج بعد اليوم، وإنما معارك فكرية فقط. لقد طهره حب ريجين أولسين من الداخل. كشف له عن أعماقه الدفينة، وأوضح له هويته ومشروعه في الحياة. الحب الذي يفشل يحرقك من الداخل حرقاً ويطهرك تطهيراً. بهذا المعنى، فالحب الفاشل أفضل من الحب الناجح بألف مرة. اسألوا أكبر عاشق فاشل في العالم العربي. بعدها أصبح كيركيغارد ذلك الفيلسوف والكاتب الكبير الذي نعرفه. بالمعنى الأدبي للكلمة، وليس مفكراً فيلسوفاً فقط، بالمعنى النثري العويص الجاف. من ثم هناك تشابه كبير بينه وبين نيتشه مع الفارق، الأول مؤمن، والثاني ملحد. وأخيراً، لم ينفك كيركيغارد يحلل أعماقه النفسية على ضوء ذلك الحب الخالد الذي جمعه يوماً ما بفتاة في عزّ الشباب، تدعى ريجين أولسين. عبقريته تفتحت على أنقاض ذلك الحب الحارق أو المحروق. كان ينبغي أن تحصل الكارثة لكي يستشعر ذاته، ينجلي الأفق، يعرف من هو بالضبط. من كثرة ما أحبها تركها. لقد قطع معها لكي تظل - وهي العزيزة الغائبة - أشد حضوراً من كل حضور!