أنقرة تنفي أي اتصالات مع نظام الأسد وترفض وساطة طهران

أكدت معارضتها وضع المناطق الحدودية تحت سيطرة دمشق

TT

أنقرة تنفي أي اتصالات مع نظام الأسد وترفض وساطة طهران

نفت أنقرة وجود أي اتصالات مع نظام الرئيس بشار الأسد، وأكدت أن لا وساطة تقوم بها طهران في هذا الشأن.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إنه لا توجد أي اتصالات بين أنقرة والنظام السوري، وإن زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لتركيا الأربعاء الماضي، لم تأتِ في إطار إجراء وساطة. وأضاف: «لسنا على اتصال مع النظام السوري».
وتابع كالين، في تصريحات عقب اجتماع مجلس الوزراء برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان ليل الخميس - الجمعة، بأن زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، لم تكن لإجراء وساطة بين تركيا والنظام السوري، ولا توجد مساعٍ من هذا القبيل.
وكان ظريف قد نقل إلى الرئيس التركي مضمون مباحثاته في دمشق مع الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقائه معه في أنقرة، الأربعاء، ملمحاً إلى أن بلاده تسعى لإعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة إلى طبيعتها.
والتقى ظريف إردوغان عقب مباحثات مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، تركزت في جانب كبير منها على التطورات في سوريا. وقال في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره التركي، إن بلاده ترغب في أن تسود علاقات ودية بين دول المنطقة. واعتبر أن طهران «لم تتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، واكتفت فقط بالإفصاح عن تطلعاتها». وزاد: «سنعمل على إعادة العلاقات إلى طبيعتها بين جميع الدول، بما فيها بين تركيا وسوريا».
وحول مقترح وزير الخارجية الإيراني المتعلق بتسليم المناطق الواقعة على الحدود السورية التركية للنظام، وقوله في أنقرة إن هذه أفضل ضمانة لتحقيق أمن الحدود، قال كالين إنه «بالنظر إلى الوضع الذي أسسته تركيا في المناطق الممتدة من جرابلس إلى عفرين، ومن عفرين إلى إدلب، فإنه من الجلي رؤية عدم انتشار عناصر الوحدات الكردية أو تنظيم (داعش) الإرهابي أو قوات النظام فيها». واعتبر أن دعوة قوات النظام إلى المناطق التي طهّرتها تركيا «نوع من انتهاز الفرص».
وأضاف أن تركيا حافظت على أمنها وأمن سكان المنطقة، عبر مكافحة الإرهاب في سوريا، قائلاً: «وبالنظر إلى المناطق الأخرى من سوريا، نرى أن النظام سلّم شرق الفرات إلى الأميركيين، وبعض المناطق إلى الوحدات الكردية، قبل عمليتنا فيها، وبعض المناطق إلى روسيا، وبعض المناطق في جنوب البلاد إلى جهات أخرى».
واعتبر أن دعوة النظام إلى المناطق التي طهرتها تركيا لا يتفق مع الحقائق، وتركيا ليس لديها تطلع أو طلب في هذا الشأن.
وحول الوضع في محافظة إدلب السورية (شمال غربي سوريا)، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، ضرورة المحافظة على الوضع الحالي فيها، قائلاً: «نبذل جهوداً من أجل أن يكون اتفاق إدلب دائماً».
وتشكل محافظة إدلب مع ريف حماة الشمالي، وريف حلب الغربي، وجزء صغير من ريف اللاذقية الشمالي، مناطق «خفض تصعيد» بموجب «اتفاق سوتشي»، المبرم بين تركيا وروسيا، في 17 سبتمبر (أيلول) 2018، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار وإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح بين قوات النظام والمعارضة في إدلب.
وأضاف كالين: «نبذل جهوداً مكثفة لإنهاء الحرب في سوريا، وتشكيل لجنة لصياغة الدستور، وضمان الانتقال السياسي عبر الانتخابات، ضمن سلامة ووحدة الأراضي السورية».
وبالنسبة للمنطقة الآمنة شمال سوريا، ذكر كالين أن المنطقة الآمنة تشكلت «فعلياً» على الحدود السورية، قائلاً إن «المنطقة الممتدة من إدلب إلى منبج مروراً بعفرين وجرابلس على الحدود السورية التركية، تشكلت فيها منطقة آمنة فعلياً».
وأضاف: «محادثاتنا متواصلة مع الجانب الأميركي بشكل مكثف حول المنطقة الآمنة، بعمق 32 كيلومتراً شمال شرقي سوريا».
وعن الانسحاب الأميركي من سوريا، قال المتحدث التركي إن «مسألة سحب الولايات المتحدة قواتها من سوريا يشوبها التخبط. وهناك دعم أميركي متواصل لوحدات حماية الشعب الكردية». وأضاف أن «الحرب على الإرهاب ليست نضالاً داخل الحدود التركية فقط؛ بل الهدف الأساسي هو حماية حدود بلدنا، وهذا يكون من الجهة الأخرى لحدودنا».
وتابع أنه ينبغي ألا تشكل المنطقة الآمنة مساحة يتنفس فيها أي تنظيم إرهابي، أو قوات النظام.
وأشار إلى أن تركيا تتطلع إلى تطبيق خريطة الطريق المتفق عليها مع واشنطن، والمتعلقة بمنبج، في أقرب وقت ممكن، وعدم السماح بأي نشاط إرهابي شرق الفرات في سوريا.
وشدد على أن تركيا تواصل مباحثاتها مع الولايات المتحدة حول منطقة منبج، ومناطق شرق الفرات في سوريا، كما تواصل القوات التركية والأميركية دورياتها المشتركة في منبج.
ورأى كالين أن من الواضح أن هناك وجهات نظر كثيرة يتم التعبير عنها بين الوحدات المختلفة في الولايات المتحدة.
وبشأن ما إذا كان يتم التخطيط لزيارة الرئيس رجب طيب إردوغان إلى الولايات المتحدة، قال كالين إنه ليست هناك خطة لزيارة إردوغان واشنطن في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن الرئيس التركي وجه دعوة إلى نظيره الأميركي دونالد ترمب لزيارة تركيا، وأن البيت الأبيض نظر بشكل إيجابي إلى هذه الدعوة، ويتوقع أن تتم الزيارة خلال العام الجاري.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.