تحالف انتخابي مستقل في تونس يطمح بتغيير المشهد السياسي

TT

تحالف انتخابي مستقل في تونس يطمح بتغيير المشهد السياسي

كشف الاتحاد التونسي للمستقلين، وهو تحالف انتخابي مستقل، خلال مؤتمر صحافي، عقد أمس بالعاصمة التونسية، عن طبيعة هذا التحالف وأهدافه الانتخابية، وأعلن عن تشكيل مبادرة سياسية جديدة تحمل اسم «مستقلون».
وجاءت هذه المبادرة السياسية بعد إطلاق مجموعة من المبادرات المستقلة، التي تم الإعلان عنها سابقا، وتشمل مبادرة «فكرة»، و«قادرون»، و«نجمة تونس»، و«يحيا الشعب»، و«تونس العزيزة»، معلنة أن هدفها الأساسي دعم موقع القوائم الانتخابية المستقلة والمعارضة، وذلك من خلال مشاركتها في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، المنتظر عقدها نهاية السنة الحالية.
ويعمل هذا الاتحاد على تجميع القوى السياسية المستقلة، والجمعيات والمبادرات والشخصيات الوطنية، التي تتقاسم نفس الأهداف والمبادئ. علاوة على حث التونسيين على التسجيل في القوائم الانتخابية، وإحداث تغيير في المشهد السياسي.
وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، الرئيس السابق للحزب الجمهوري وأحد أهم رموز المعارضة للنظام السابق، إن المشهد السياسي الحالي كشف عن مجموعة من الحقائق السياسية، خاصة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البلدية، التي جرت في السادس من مايو (أيار) 2018. وأهم هذه الحقائق أن الأحزاب السياسية المعارضة باتت في ظل الوضع الحالي غير قادرة على إحداث تغيير سياسي قوي بصفة منفردة، وهو ما جعل من الضروري تجميع القوى الحزبية وغير الحزبية لاستعادة التوازن المفقود، والمسيطر على المشهد السياسي منذ عدة سنوات.
وتوقع الشابي إمكانية نجاح هذه المبادرة السياسية بفضل اعتمادها على انتخابات قاعدية، وليس على رموز سياسية، وقال إن هذه المبادرة «منفتحة على بقية المبادرات السياسية بهدف تشكيل جبهة سياسية قوية، لها القدرة على فرض بديل سياسي للائتلاف الحاكم الحالي، وهو الائتلاف الذي فشل في إخراج البلاد من أزماتها المتتالية» على حد قوله.
في السياق ذاته، قال سيف الدين الجبري، عضو مبادرة «مواطنون»، وهي أيضا مبادرة سياسية مستقلة، إنّ قطاعات واسعة من الشباب «أصبحت لا تثق في الأحزاب السياسية نتيجة الخلافات العميقة بين قياداتها، وبسبب انعدام الأفق، وتهميش روح المبادرة والابتكار وأمراض الزعامة المتفشية منذ عقود». معتبرا أن جل الأحزاب السياسية تتعامل مع الشباب كوقود لمعارك انتخابية، ومؤكدا أن هذه المبادرة تسعى إلى تجاوز هذا «الواقع السياسي المظلم»، على حد قوله.
وتعول الأطراف المستقلة في تونس على ما حققته من نتائج إيجابية خلال الانتخابات البلدية، التي جرت السنة الماضية، وتسعى إلى إدخال تغيير سياسي عميق من خلال الإطاحة بكافة الأحزاب السياسية، واحتلال المركز الأول على مستوى النتائج المعلنة.
وكانت نتائج الانتخابات البلدية قد أسفرت عن تصدر القوائم المستقلة للأصوات، حيث حصلت على 32.9 في المائة من الأصوات، وهي المرة الأولى التي تحقق فيها نتائج متقدمة منذ سنة 2011، حيث تقدمت على حزب «حركة النهضة» (إسلامي) الذي احتل المركز الثاني بحصوله على 29.6 في المائة من الأصوات، في حين حل حزب «حركة نداء تونس» في المرتبة الثالثة بـ22.7 في المائة من الأصوات، علما بأنه كان الفائز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي نظمت سنة 2014.
في غضون ذلك، أكد شفيق العيادي، النائب عن تحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، أن أجهزة الأمن المختصة في جرائم الإرهاب، وجهت استدعاء إلى أحمد الصديق، وهو نائب بالبرلمان عن نفس التحالف، بقصد الاستماع إلى أقواله حول ما بات يُعرف في تونس بـ«الجهاز السري» لحركة النهضة. ومن المنتظر أن يتم الاستماع إلى شهادته يوم السبت المقبل على خلفية رفع 43 نائبا برلمانيا شكوى قضائية، وطلب التحقيق في تلك المزاعم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».