الخلافات تعمق أزمات «نداء تونس» قبيل الانتخابات الرئاسية

TT

الخلافات تعمق أزمات «نداء تونس» قبيل الانتخابات الرئاسية

كشف إعلان شقين من حزب «النداء»، الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي الحالي، عن تنظيم كل منهما جلستين لتوزيع المهام القيادية داخل اللجنة المركزية للحزب، في مؤشر جديد يؤكد استفحال مظاهر الانشقاق بين قيادات هذا الحزب، الذي أسسه الرئيس التونسي سنة 2012، وقاده إلى الفوز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت سنة 2014.
فقد أعلنت سميرة بلقاضي، رئيسة المؤتمر الانتخابي لحزب «النداء»، الذي انطلقت أشغاله الافتتاحية في السادس من أبريل (نيسان) الحالي بمدينة المنستير (وسط شرقي)، عن مواصلة أشغال المؤتمر لانتخاب رئيس للجنة المركزية ومساعدين اثنين له، وقالت إنه تقرر إعلان فوز القائمة التي تم التصويت عليها من قبل اللجنة المركزية، على أن يعقد المكتب السياسي اجتماعاً في أجل أقصاه 15 يوماً لتوزيع المهام، وهو ما أثار حفيظة «الغاضبين» من نتائج انتخابات المكتب السياسي، خصوصاً ضعف تمثيل الشق الموالي لنجل الرئيس.
في السياق ذاته، دعا الشق المناصر لحافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الحالي، إلى عقد اجتماع موازٍ بمدينة المنستير أيضاً. وأكدت بلقاضي أنها تلقت ترشيحين لشخصيتين سيتنافسان على منصب رئيس اللجنة المركزية، وهما حافظ قائد السبسي الرئيس السابق للهيئة لسياسية لحزب «النداء»، وسفيان طوبال رئيس الكتلة لبرلمانية للحزب نفسه.
وخلافاً لتوقعات سابقة بأن يتم جمع شتات الحزب، قبل أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وأن يفضي هذا المؤتمر الانتخابي إلى استقرار الأوضاع والعلاقات داخل الحزب الفائز في آخر انتخابات تونسية، يتوقع مراقبون أن تتواصل الانشقاقات والانقسامات داخل هذا الحزب، بسبب تمسك عدد من قيادات «النداء»، من بينهم حافظ قائد السبسي بالطعن في نتائج انتخابات المكتب السياسي، بعد أن أفرزت الانتخابات مكتباً بعيداً عن سيطرته، موضحين أن تمثيل نجل الرئيس لا يزيد على أربعة أسماء من بين 32 عضواً يمثلون المكتب السياسي.
وفي المقابل، تحظى سلمى اللومي مديرة ديوان رئاسة الجمهورية، وناجي جلول وزير التربية السابق بالنسبة الأكبر داخل المكتب السياسي.
ووفق مصادر مقربة من حزب «النداء»، فإن المؤتمرين لم يقصوا حافظ قائد السبسي بشكل نهائي من المكتب السياسي للحزب «مراعاة لمؤسس الحزب الباجي قائد السبسي»، حسب تعبيرهم.
يُذكر أن حزب «النداء» شهد عدة انشقاقات خلال الأربع سنوات الماضية، وتناسلت عنه مجموعة من الأحزاب نتيجة خلافات عميقة مع نجل الرئيس التونسي، وكانت البداية مع محسن مرزوق، الأمين العام السابق لحزب «النداء»، ورئيس الحملة الانتخابية للرئيس الباجي قائد السبسي، الذي أسس حزب «حركة مشروع تونس»، ثم جاء الدور على سعيد العايدي وزير الصحة السابق، الذي أسس حزب «بني وطني»، ثم حزب «المستقبل»، الذي يتزعمه الطاهر بن حسين. كما أسس رضا بلحاج حزب «تونس أولاً»، قبل أن يتركه ويعود إلى حزب «النداء».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».