النفط الليبي في مرمى التهديدات بسبب معارك طرابلس

صنع الله: عملية التصدير تواجه أكبر تحد منذ إسقاط نظام القذافي

النفط الليبي في مرمى التهديدات بسبب معارك طرابلس
TT

النفط الليبي في مرمى التهديدات بسبب معارك طرابلس

النفط الليبي في مرمى التهديدات بسبب معارك طرابلس

يستشعر المراقبون لقطاع النفط الليبي بالقلق من التأثيرات السلبية للمعركة العسكرية، التي يقودها «الجيش الوطني» في طرابلس، على مستقبل عملية استمرار تصدير الخام إلى خارج البلاد، الذي يعد ثروة البلاد الوحيدة.
وقال مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، في بيان مساء أول من أمس، إن «عمليات تصدير النفط والغاز تواجه أكبر تهديد لها منذ عام 2011 بالنظر إلى حجم المعارك وتداعيات الحرب، التي كانت آخرها في ضواحي العاصمة طرابلس».
وكان صنع الله يناقش تداعيات الحرب على قطاع النفط، مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني»، فائز السراج، بمقر المجلس في العاصمة طرابلس، وما قد تسفر عنه في قادم الأيام.
وأوضح الخبير في قطاع البترول الليبي، مليودي سلمان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حديث صنع الله يرجع إلى مخاوف من احتمالية دخول قوات الجيش إلى قلب العاصمة، ويحدث استيلاء على مقرات المؤسسة الوطنية في طرابلس، ثم يعقب ذلك مقاومة من القوات الموالية لرئيس المجلس الرئاسي تتسبب في الإضرار بهذه الثروة».
وأبدى سلمان مخاوفه، وقال إن «قطاع النفط في ليبيا مُقبل على تهديدات هي الأخطر منذ رحيل القذافي»، لافتاً إلى أن «المؤسسة الوطنية للنفط هي المعنية بعميلة تصدير النفط، وعلى علم بجميع التعاقدات مع الشركات الدولية... وأي تغيير سيربك عميلة التصدير».
ونقل مصدر عسكري وسكان، لـ«رويترز»، أن طائرة حربية تابعة لـ«الجيش الوطني الليبي» هاجمت، أمس، معسكراً لقوة متحالفة مع الحكومة المعترف بها دولياً قرب بلدة زوارة بغرب البلاد.
والضربة الجوية هي الأقرب حتى الآن من أي منشأة للنفط والغاز منذ بدء هجوم الجيش الوطني الليبي على العاصمة طرابلس قبل أسبوع. وتقع زوارة إلى الغرب من ميناء مليتة للنفط والغاز، وهو مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية الليبية للنفط وشركة «إيني» الإيطالية.
وتعرّض مقر «شركة شمال أفريقيا للاستكشاف الجيوفيزيائي» والمجمع السكني المحيط بها بمنطقة قصر بن غشير في ضواحي طرابلس، الأربعاء الماضي، إلى قصف في المعارك الجارية بين قوات «الجيش الوطني» والقوات الموالية لرئيس المجلس الرئاسي. و«شركة شمال أفريقيا للاستكشاف» تتبع المؤسسة الوطنية للنفط.
وأدان مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط عملية القصف، وقال إن غارة جوية كانت تستهدف المنطقة أصابت مبنى المقر الرئيسي، فاحترقت 6 وحدات سكنية خاصة بالموظفين الأجانب.
وأضاف، في بيان لها، أن رجال الإطفاء لم يتمكنوا من الوصول إلى الموقع، لكن أعضاء وحدة الأمن والسلامة الصناعية التابعة للشركة تمكنوا من إخماد الحريق قبل أن يصل إلى المكاتب والمحلات التجارية والسيارات المجاورة.
وأكد مجلس إدارة المؤسسة الوطنية أن القصف لم يسفر عن أي إصابات بشرية، حيث كان قد طلب من موظفي المؤسسة والشركات التابعة لها البقاء في منازلهم، نظراً لتردّي الأوضاع الأمنية في طرابلس وضواحيها، مع الاكتفاء بوجود الموظفين الأساسيين فقط.
وقال صنع الله، في حينه، إن مجلس إدارة المؤسسة يدين استهداف المنشآت النفطية «في ظل تردّي الأوضاع الأمنية مؤخراً»، ورأى أنه «يجب أن يبقى كل من موظفي القطاع ومنشآت المؤسسة الوطنية للنفط بمنأى عن كل النزاعات السياسية والعسكرية، حتى نتمكن من أداء مهمتنا الوحيدة بنجاح، والمتمثلة في ضمان استمرار إنتاج النفط وتصديره، بما يخدم مصالح كل الشعب الليبي».
تأثيرات المعركة العسكرية دفعت بأسعار النفط إلى الارتفاع، منتصف الأسبوع الماضي، إلى أعلى مستوياتها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو الصعود الذي يرى محللون أنه يأتي مدفوعاً بالمخاوف بشأن الصادرات الليبية، وبلغت العقود الآجلة لخام برنت أقوى مستوياتها ليصل سعر البرميل الثلاثاء الماضي إلى 71.34 دولار.
ومع كل اشتباكات مسلحة كانت تندلع في طرابلس خلال الأشهر الماضية، كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط يؤكد على «حياد قطاع النفط والمؤسسة باعتبارها جهازاً تقنياً واقتصادياً»، مشدداً على ضرورة «بقاء المؤسسة بمنأى عن كل النزاعات السياسية والعسكرية».
ورأى الخبير الليبي مليودي سلمان، «أنه كان من المتوقع أن يقترب إنتاج البلاد من النفط إلى 1.5 مليون برميل في اليوم»، لكن في ظل هذه المعارك، والمخاطر التي تقترب من الشركات العاملة ومنابع النفط، فإنه «من المؤكد تراجع هذه الصناعة، ما قد يؤثر على مدخولات البلاد».
وتصل إنتاجية ليبيا حالياً لنحو 1.3 مليون برميل يومياً، في ظل تذبذب خلال الأعوام الماضية بسبب الاشتباكات المسلحة بمحيط الهلال النفطي، وتوقف عملية الإنتاج من حقل الشرارة الذي ينتج نحو ثلث النفط الليبي.
وكانت ليبيا تنتج 1.6 مليون برميل يومياً قبل الانتفاضة التي أسقطت الرئيس الراحل معمر القذافي قبل أكثر من 8 سنوات، ومنذ ذلك التاريخ وقطاع النفط يخضع لمساومات واسعة من المواطنين الطامحين لتحقيق مكاسب مالية، فضلاً عن تهريبه خارج البلاد من قبل الميلشيات المسلحة.
وتؤمن قوات «الجيش الوطني»، منطقة الهلال النفطي، التي تمتد من ميناء الزويتينة شمال شرقي مدينة أجدابيا، مروراً بالبريقة ورأس لانوف، وصولاً إلى ميناء السدرة على الطريق الساحلية المؤدية إلى مدن سرت والمنطقتين الوسطى والغربية من ليبيا. وتتمثل المنشآت النفطية في منطقة الهلال النفطي، أساساً، في الخزانات والموانئ التي يتم الاعتماد عليها في تصدير شحنات النفط والغاز إلى الخارج.
وكانت جماعات مسلحة يقودها الليبي إبراهيم الجضران، المطلوب دولياً، هاجمت في 14 يونيو (حزيران) محطات رأس لانوف والسدرة، لكن قوات «الجيش الوطني» تصدت لها.
وتسبب فرض «القوة القاهرة» على حقل الشرارة في جنوب البلاد، لأسباب أرجعها صنع الله لضعف عملية التأمين، في تراجع إنتاجية ليبيا من النفط إلى نحو المليون برميل يومياً، قبل أن يوافق صنع الله على رفعها.



الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».