دعوات في صنعاء لمقاطعة إعلام الحوثيين والتحذير من طائفيته

TT

دعوات في صنعاء لمقاطعة إعلام الحوثيين والتحذير من طائفيته

تعالت الأصوات داخل اليمن الرافضة والمطالبة بإغلاق وسائل إعلام الجماعة الحوثية الانقلابية كافة بما فيها القنوات الفضائية التي تمارس التحريض الطائفي والمذهبي وتدعو لثقافة الكراهية والموت بصورة مستمرة وعلنية بين أوساط اليمنيين.
وأكد مواطنون بصنعاء في أحاديث متفرقة لـ«الشرق الأوسط»، مقاطعتهم وسائل إعلام الميليشيات، وأشاروا إلى أن ما تبثه وسائل الانقلابيين سواء المرئية أو المسموعة والمقروءة أو الإلكترونية تمثل خطراً حقيقياً على الأجيال وعلى المستقبل اليمني برمّته.
ويفيد فتحي (من صنعاء): «منذ فترة طويلة حذفت جميع القنوات التابعة والمؤيدة لجماعة الحوثي من تلفاز منزلي»، ويضيف: «أنا لا أحتمل أكاذيبهم وتلفيقاتهم وسخرياتهم ولغتهم الطائفية الهدامة التي يخاطبون بها أبناء الشعب اليمني».
ويقول نجيب عبد الله (ناشط بشبكات التواصل): «قبل فترة وجيزة كنت أتابع قنوات الحوثي وبخاصة قناة (المسيرة) حتى أتأكد ماذا يعرضون وكيف يريدون الناس أن يتلقوا ثقافتهم ويفكروا».
ويتابع حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «وجدت فيها مجهوداً إعلامياً يكرّس دور تسطيح تفكير اليمنيين وتحويلهم إلى متلقٍّ يعيش الخداع والزيف وإنتاج ثقافة الكذب حتى يصير الكذب مألوفاً وسيداً كزعيمهم».
ويمضي قائلاً: «لم يكتفوا بقناة (المسيرة) فقط، بل صارت لهم قنوات (المسيرة مباشر)، و(الساحات والهوية)، و(اللحظة)، و(اليمن اليوم) المستنسخة، والقنوات الرسمية التي استولوا عليها بقوة السلاح وكلها للأسف الشديد تبث سموماً خبيثة بإمكانها تدمير اللُّحمة الداخلية داخل أوساط اليمنيين».
ويدعو خالد العبسي (طالب جامعي) الجميع لمقاطعة وسائل إعلام الميليشيات الحوثية، ويقول: «على اليمنيين مقاطعة أخبارهم وقنواتهم وإذاعاتهم ومواقعهم الإخبارية وصفحاتهم في التواصل الاجتماعي وأن يحصنوا أنفسهم من الشائعات والسموم التي تبثها تلك الوسائل»، ويصفها بـ«السموم الرقمية التدميرية» التي تهدف إلى تفتيت وتمزيق النسيج الاجتماعي.
ويعترف صحافي يمني، فضّل عدم ذكر اسمه، بوجود ماكينة إعلامية ضخمة للعصابة الحوثية في الوقت الحالي تعمل على بث الأخبار والشائعات المحبطة لكسر معنويات الشعب الثائر على حكمها بعد أن أغلقت ونهبت وسلبت كل وسائل الإعلام الحرة.
وكشف الصحافي، الذي كان يعمل في وسيلة رسمية، عن استبعاد الميليشيات مئات الصحافيين من أعمالهم واستبدال آخرين موالين لهم بهم، وأشار إلى أن عدم رضوخ الصحافيين لسياسات الحوثيين وطريقة أدائهم الإعلامي المشبوه كان سبباً رئيسياً لاستبعادهم من وظائفهم.
ويضيف: «ما زلت وكثير من زملائي المستبعدين من أعمالنا نرفض وبشكل قاطع حرف سياسة الإعلام الرسمي عن مساره الوطني الصحيح خدمةً لأجندات طائفية لا تخدم اليمن ولا المصلحة العامة لليمنيين». ويقول: «سنقوم بدورنا كصحافيين وبكل الوسائل المتاحة لدينا لتخليص الإعلام الرسمي من براثن الفساد والسياسات الفردية والطائفية التي تدمر اليمن وتشتت أبناءه».
ويخشى مدير إدارة في وزارة الأوقاف بصنعاء، على أسرته وأطفاله مما تبثه وسائل إعلام الحوثي، ويقول لـ«لشرق الأوسط» إن «ما تبثه تلك الوسائل يغرس في عقول الناس بشكل أو بآخر الفكر الطائفي القائم على كراهية المذاهب والأديان الأخرى». ويضيف: «فكر الحوثيين مثل (القاعدة) و(داعش) تماماً؛ يستخدمون الطائفية والعنف ويقومون بكل الأفعال الإجرامية بحق الأبرياء على أساس التقرب بها إلى الله». ويشير إلى تفجير ميليشيات الحوثي أكثر من 150 مسجداً في اليمن، معتبراً أن ذلك رقم لم يصل إليه حتى «داعش». ويتابع الموظف الحكومي، الذي طلب عدم ذكر اسمه: «علينا التحرك جميعاً لإنقاذ اليمن قبل سقوطه في المستنقع الطائفي نتيجة السموم التي تبثها آلة التدمير والخراب والإجرام الحوثية». وحسب إحصائية رسمية للحكومة الشرعية، فإن 22 وسيلة إعلامية احتلتها ميليشيات الحوثي ونهبت ودمرت محتوياتها. وتنوعت تلك الوسائل التي تم احتلالها بعد عام واحد من الانقلاب، ما بين صحف ورقية وإذاعات ومجلات وقنوات فضائية.
وتقول الإحصائية إن نحو 1000 صحافي وإعلامي اضطروا إلى النزوح ومغادرة اليمن تفادياً لتعرضهم للاختطاف أو القتل. ويؤكد عضو في جمعية إنترنت محلية لـ«الشرق الأوسط»، حجب الميليشيات منذ انقلابها أكثر من 280 موقعاً ووكالة وشبكة إخبارية محلية، واستنساخ بعضها بمواقع بديلة تنفّذ من خلالها سياساتها وحملاتها التحريضية. ومنذ إحكام سيطرة الميليشيات على صنعاء، ارتكبت أبشع الجرائم والانتهاكات بحق الحريات الصحافية كالاعتداء والقتل والتهديد والاختطاف والنهب والفصل عن العمل.
ورصدت نقابة الصحافيين اليمنيين 28 حالة انتهاك تعرض لها الصحافيون اليمنيون خلال الربع الأول من العام الحالي 2019 منها 6 حالات اختطاف واعتقال.
ووثقت النقابة 4 حالات اعتداء على صحافيين ومنزل أحدهم، و11 حالة محاكمة وتحقيق، ناهيك بـ3 حالات حجب مواقع إلكترونية جديدة قامت بها الميليشيات المسيطرة على وزارة الاتصالات بصنعاء، وحالتي منع من السفر والزيارة للمعتقلين، إضافة إلى حالة تعذيب وحالة قتل.
ووفق بيان صدر عن النقابة، الاثنين الماضي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، لا يزال 15 صحافياً مختطَفاً منهم 14 صحافياً لدى الميليشيات بصنعاء يعيشون أوضاع اختطاف سيئة ومحرومون من حقهم في التطبيب والرعاية الصحية.
ورصدت النقابة 10 حالات محاكمة قامت بها الجماعة ضد صحافيين مختطفين منذ 2015 ومثلوا أمام النيابة الجزائية المتخصصة (أمن الدولة) التابعة لسيطرة الحوثيين، بعد مسلسل من الإخفاء والتعذيب والحرمان من التطبيب والزيارة.
ووفقاً لما ذكره وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في تصريحات صحافية، كان في اليمن قبل انقلاب الميليشيات نحو 280 صحيفة ومجلة «يومية، وأسبوعية، وشهرية، وفصلية»، و4 قنوات رسمية، و15 قناة خاصة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».