استطاع الفنان المصري الشاب محمد فراج، جذب الانتباه إليه في الآونة الأخيرة، بعد تقديمه أدواراً صعبة ومميزة، يعتبرها نقاطاً مضيئة في مسيرته الفنية الواعدة، لكنه عدّ دوره في مسلسل «أهو ده اللي صار»، نقطة تحول في حياته الفنية، بعد نجاحه الكبير في أداء دور «علي بحر» بالمسلسل. فراج تحدث في حواره لـ«الشرق الأوسط» عن كواليس دوره في المسلسل الذي حقق نسب مشاهدة عالية في مصر ودول عربية، وسلط الضوء على اشتراكه مع الفنان المصري الكبير يحيى الفخراني في مسرحية «الملك لير» التي تعرض الشهر الحالي في القاهرة. وإلى نص الحوار...
- في البداية، هل توقعت نجاح مسلسل «أهو ده اللي صار»؟
- توقع النجاح ليست أمراً مضموناً بنسبة كبيرة، ولكن ما كنا متأكدين منه كصناع للعمل أننا نقدم عملاً مختلفاً، وكنا نراهن على ذوق الجمهور ورغبته في مشاهدة المختلف والجديد في ذات الوقت، والعمل ينتمي لنوع جديد ومختلف من الدراما، مقارنة بباقي المسلسلات التي نشاهدها عادة، وبصراحة كل العاملين في المسلسل أحبوه جداً وتوحدوا مع الشخصيات التي أدوها بقوة، وبذلنا مجهوداً كبيراً كي يخرج بهذا الشكل الممتاز.
> ولكن هذا المسلسل يمثل تحدياً من نوع خاص، لأنه ينتمي لطبيعة حالمة وشعرية لحد كبير، وليس شعبياً، وفي ذات الوقت يصعب على الفنان رفضه... كيف وفّقت بين قطبي هذه المعادلة؟
- عندما قرأت السيناريو سعدت للغاية، بل شكرت ربنا على رزقي بهذا المسلسل، وشعرت وقتها أني محظوظ في هذه المهنة، لأنه تم اختياري كي أكون واحداً من ضمن فريق الممثلين في عمل مختلف وجديد، وأريد القول إن عبد الرحيم كمال هو من اختارني لهذا الدور، وعندما حدثني قال لي إنه يراني في شخصية «علي بحر»، وهي مهمة ضمن سياق الأحداث والدراما في المسلسل، وقال لي وقتها كلاماً يحمس بشدة، وفي ذات الوقت أشعرني بمدى المسؤولية الملقاة على عاتقي.
ولا أخفي عليك أنني توترت للغاية، عندما قرأت القصة، وعرفت أسماء فريق العمل ومخرج المسلسل، حاتم علي؛ حيث شعرت بالخوف بشدة لكل هذه الأسباب، فضلاً عن كثرة تفاصيل الشخصية وصعوبتها، لدرجة أنني ترددت في قبول العمل، ولكن في النهاية استقررت على ضرورة قبول هذه الشخصية المهمة في عمل مختلف، فأنا بطبيعتي أحب التحدي والمغامرة وقلت لنفسي إن موضوعاً كهذا لن يتكرر أبداً.
> شخصية «علي بحر» بالتأكيد كانت لها استعدادات كبيرة... فما المدة التي استغرقتها كي تعد لهذه الشخصية؟
- في هذا السياق، أحب أن أشكر شخصاً مهماً جداً، لأنه لولا مساعدته لي لما ظهرت بهذا المستوى، من إتقان العزف على العود، وهو الدكتور حسن زكي، وهو موسيقي مهم في معهد الموسيقى العربية، يتقن العزف على العود، وهو من علمني العزف على العود وكيفية الإمساك به، والإحساس بكل نغماته، واستغرقنا في هذا التعليم شهراً ونصف الشهر تقريباً، وكان لا بد أثناء التحضير مراعاة أن الشخصية تحب العود لدرجة العشق والوله، وهو ليس مجرد آلة موسيقية بالنسبة له، وكنا يجب أن نراعي أيضاً طبيعة الفترة التاريخية التي ظهرت فيها الشخصية، لأنهم في هذا التوقيت كان الموسيقيون يحبون الموسيقى بحق ويتوحدون معها.
كما شاهدت بعض الأفلام الوثائقية عن الفن في مصر في العصر الذي يتناوله المسلسل، بداية من الطقاطيق والموشحات وغيرها من الألوان الموسيقية التي اندثرت تقريباً في الوقت الحالي، وكذلك طبيعة وحياة الموسيقيين في الوقت الذي يتناوله العمل.
> وماذا كان شعورك عندما تم تأجيل عرض المسلسل بموسم دراما رمضان الماضي في آخر لحظة؟
- شعرت بالضيق، وليس بالحزن، وهو شعور قد ينتاب أي فنان يعمل بحماس في عمل ويعلم جيداً في أي موسم سوف يعرض، وفجأة من دون مقدمات وقبل انطلاق الموسم بأسبوع تقريباً، يُفاجأ كل الصناع أن المسلسل خرج من الموسم الرمضاني الذي يعتبر الأهم، في آخر لحظة، فقد جرى العرف أن كل المسلسلات تقريباً يتم صنعها لتعرض في رمضان، وأجد أن هذا ليس في صالح الدراما المصرية، لأن هذا يظلم أعمالاً جيدة كثيرة.
> لكن بعض النقاد قالوا إن المسلسل كان سيتعرض لظلم كبير لو عُرض في زحمة رمضان المعهودة؟
- بالتأكيد، ربنا له حكمة في خروج المسلسل من موسم رمضان في آخر لحظة، والحمد لله نجح العمل بشكل لافت ورائع خارج رمضان، والله وحده يعلم ما المصير الذي كان سيواجهه لو عُرض في رمضان، وفي النهاية الحمد لله على تعويضه لصناع العمل، ومن يعلم فقد يكون السبب الرئيسي في نجاح المسلسل، أنه عُرض بعيداً عن رمضان وبعيداً عن الزحمة.
> هل كانت هناك ملاحظات في التعامل مع المخرج السوري حاتم علي، ولا سيما أن المسلسل يُقدم باللهجة السكندرية؟
- أرى أن الفنان يستطيع الشعور بالمشاعر والأحاسيس بين الكلام المكتوب في السيناريو، وحاتم علي مخرج كبير وعبقري، وموهوب، تمعن الموضوع جداً وهضمه بشكل موفق، وفي النهاية كان هناك مراجع للهجة السكندرية لتفادي الأخطاء.
> بتتبع مسيرتك الفنية، لا نجد دوراً مشابهاً للآخر... لماذا؟
- الممثل يعد سلعة يتم تقديمها للجمهور، وكلما كانت جذابة ومختلفة فإن الجمهور سينجذب إليها، ويثني عليها والعكس أيضاً، وبناءً عليه فالاختلاف هو أول معيار أختار على أساسه دوراً دون آخر، وهل يشبه دوراً آخر قدمته من قبل أم لا، وطريقة المعالجة المقدمة للشخصية، وأنا فناناً أعتبر نفسي مثل الفراشة التي تتنقل بخفة بين الأزهار لتستخرج من كل زهرة ما تريده، ولذلك أنا لا أحب تقديم شخصيات متكررة، وأحب تغيير جلدي باستمرار.
> لو انتقلنا للسينما... قدمت دور البطولة في «القشاش» و«قط وفأر» ثم انسحبت من البطولة المطلقة... لماذا؟
- بسبب أن المعروض عليّ ليس ما أتمنى تقديمه، فقد قدمت فيلمي «القشاش» و«قط وفأر»، ثم شاركت في عملين «خانة اليك» و«الماء والخضرة والوجه الحسن»، ومع الأسف هذين العملين الأخيرين لم يحققا نفس القبول والمشاهدة التي حصدها العملان الأولان، فضلاً عن أنني جئت في هذه الفترة، وشعرت أنني أريد بناء رصيد أكبر لدى الجمهور، وأحقق انتشاراً أوسع، وهو ما جعلني أركز أكثر في الدراما، ولكن في النهاية العامل الرئيسي في البعد عن البطولة المطلقة في السينما هو أنني لم أجد السيناريو المناسب، فأنا لا أحب العمل لمجرد الوجود، لأن الفنان الذي يعمل بهذا المبدأ يهدر طاقته.
> مسرحياً... تشارك مع الفنان يحيى الفخراني بمسرحية «الملك لير» لأول مرة... لماذا؟
- العمل مع «غول تمثيل» مثل يحيى الفخراني هو أكبر محفز ومشجع على الاشتراك في المسرحية، فأنا كنت أتمنى العمل معه منذ فترة، وهذه فرصة مهمة جداً بالنسبة لي، ورغم انشغالي في أكثر من عمل في وقت واحد، فإن الاشتراك في هذه المسرحية أمر يستحق التضحية، والتعب لأجله، فهي نقطة مهمة ومضيئة في رصيدي الفني، مع النظر بشكل عام إلى أن المسرح في مصر يحتاج إلى دعم منا كصناع للفن.
> لكن البعض يقول إن تقديم المسرحية في الماضي، يفرض على صناعها حالياً تحدياً خاصاً وصعوبة أكبر؟
- بالتأكيد، لكن المعالجة هذه المرة ستكون مختلفة كلياً عما سبق تقديمه في عام 2009. وأنا بنفسي شاهدت التجربة الماضية نحو 5 مرات، كما أنه من المستحيل قيام فنان بحجم يحيى الفخراني بالمجازفة بتاريخه وثقافته في أي عمل، فهو يعي تماماً طبيعة كل خطوة يُقدم عليها.
محمد فراج: «أهو ده اللي صار» خطوة مهمة في حياتي الفنية
قال لـ «الشرق الأوسط» إنه كان متخوفاً من دوره في المسلسل
محمد فراج: «أهو ده اللي صار» خطوة مهمة في حياتي الفنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة