السراج: المؤتمر الجامع فرصة للتحاور والتصالح بين الليبيين

المتحدث باسم الجيش يرفض تكرار تجربة «حزب الله» في طرابلس

TT

السراج: المؤتمر الجامع فرصة للتحاور والتصالح بين الليبيين

أعرب فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، أمس، عن تطلعه لنجاح الملتقى الجامع في صياغة تفاهمات بشأن المحاور الأساسية، وعلى رأسها الاستحقاقات الانتخابية، والتداول السلمي للسلطة، وبناء السلم الأهلي والاجتماعي، والإسهام الفاعل في قيام الدولة. وجاء ذلك غداة تأكيد أعضاء مجلس الأمن الدولي، دعمهم الكامل لغسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في السعي للوساطة لإيجاد حل سياسي في ليبيا، من شأنه أن يؤدي إلى انتخابات سلمية وذات مصداقية.
ونقل محمد السلاك، الناطق الرسمي باسم السراج، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس بطرابلس، عنه، أنه يجدد دعمه الكامل للملتقى، مؤكدا أنه «ليس هناك ما يستدعي التخوف، باعتبار الملتقى فرصة للتحاور والتصالح بين الليبيين بمختلف أطيافهم، والتوصل إلى حلول ناجعة، تفضي إلى حل الأزمة وتحقيق الاستقرار المنشود». كما نقل مطالبة السراج كل الليبيين بعدم الالتفات إلى ما وصفه بالإشاعات، والأخبار والمعلومات غير الدقيقة، التي يتم تداولها عبر بعض المنصات.
وكان أعضاء مجلس الأمن الدولي قد دعوا في بيان، مساء أول من أمس، جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية إلى الوحدة في دعم سلامة خلال هذه المرحلة الحرجة والانتقالية في ليبيا.
ورحب البيان بإعلان سلامة عقد الملتقى الوطني، واعتبر أنه «يوفر فرصة حاسمة لجميع الليبيين لتنحية خلافاتهم جانبا، وممارسة ضبط النفس لصالح البلاد»، ودعوا جميع المشاركين في الملتقى الوطني إلى «الانخراط بحسن نية في هذه العملية الليبية، بقيادة ليبية». كما رحبوا بعقد محادثات بتيسير من الأمم المتحدة في أبوظبي، نهاية الشهر الماضي بين حفتر والسراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، بما في ذلك اتفاقهما على ضرورة إنهاء المراحل الانتقالية في ليبيا من خلال إجراء انتخابات عامة.
وأشار أعضاء مجلس الأمن إلى التزامات القادة الليبيين التي تعهدوا بها في المؤتمرات الدولية، والتي عقدت في باريس وباليرمو العام الماضي، بما في ذلك العمل بشكل بناء مع الجهود التي تيسرها الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، رحب سفراء الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، خلال اجتماعهم أول من أمس مع المشير حفتر، وممثلين عن مجلس النواب في بنغازي، بما وصفوه بـ«العمل الفعال الخاضع للقواعد ضد الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة، امتثالا لالتزامات ليبيا الخاصة بحقوق الإنسان، بموجب القانون الدولي».
ومع ذلك عبر السفراء في بيان مشترك عن قلقهم إزاء تقارير انتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك تلك التي وقعت خلال الحملات العسكرية الأخيرة في الشرق والجنوب، وكذلك إزاء كثير من الانتهاكات المستمرة، التي ترتكب في غرب ليبيا.
وأشاد البيان بالمناقشات الجارية بين أصحاب المصلحة الرئيسيين لإنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا، مجددا دعمه لإجراء انتخابات وطنية نزيهة، وآمنة في أقرب وقت ممكن. واعتبر أنه «يجب أن يكون لتشكيل حكومة مستقرة وموحدة وشاملة، يمكنها تقديم الخدمات الأساسية لجميع الليبيين، الأولوية المطلقة».
وقال الاتحاد الأوروبي إنه ملتزم بأن يظل الشريك الرئيسي لليبيا في القطاع الأمني، وذلك من خلال أجهزته، بما في ذلك بعثته لمساعدة الإدارة الحدودية في ليبيا، والمساعدات الثنائية التي تقدمها الدول الأعضاء لصالح الليبيين في جميع المناطق. لكن الاتحاد الأوروبي قام أمس بتعليق المهمات البحرية لدوريات السفن، التي أنقذت عشرات آلاف المهاجرين منذ 2015 في مياه المتوسط، ونقلتهم إلى إيطاليا، بعد اعتراض روما التي يقودها «الشعبويون» على عمليات إنقاذ المهاجرين، بقيادة الاتحاد الأوروبي في مياه المتوسط.
إلى ذلك، أعلن أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، أن قوات الجيش «ستدخل العاصمة طرابلس في الوقت المحدد والمدروس»، لكن من دون أن يفصح عن المزيد من التفاصيل.
وتعهد المسماري في كلمة ألقاها خلال اجتماعات عقدها مساء أول من أمس، مع مسؤولي الجيش بوزارة الخارجية التابعة للحكومة المؤقتة في شرق البلاد: «بعدم سماح الجيش بتكوين حزب مسلح على غرار (حزب الله) الشيعي اللبناني في ليبيا». معتبرا أن الجيش «لن يرضى بحزب مسلح في العاصمة الليبية طرابلس، ترعاه الأمم المتحدة».
وبعدما رأى أن الجيش هو حامي الوطن والعملية الديمقراطية، أكد المسماري أيضا أن الجيش «لن يسمح بأي تدخل أجنبي في شؤون البلاد».
وجاءت تصريحات المسماري وسط مخاوف متصاعدة من أن تشهد العاصمة طرابلس اشتباكات جديدة بين الميلشيات المسلحة، التي تتنازع منذ خمس سنوات فيما بينها على مناطق السلطة والنفوذ في المدينة.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.