إخراج: غايا جيجي
تقييم: ★★
عن فتاة تحاصر نفسها يدخل فيلم غايا جيجي مساراً يصعب الخروج منه إلا بدراية كاملة لكيفية توفير أسبابه. لديها فكرة جيدة في المبدأ حول الفتاة السورية التي تعيش حالة حرب وثورة في ربيع 2011 لا في الميادين المحيطة (تعرض مشاهد مبتسرة منها) فقط، بل - وأساساً - داخل البيت العائلي الذي تعيش فيه ولا تنتمي فعلياً إليه.
في مطلع الفيلم نجدها تجلس عند نافذة حافلة صغيرة فتحتها رغم الهواء البارد. يطلب منها صوت رجالي إغلاق النافذة. لا ترد عليه. يكرر الطلب ولا تكترث. يأتيها صوت امرأة تحمل طفلاً وتقول لها بأن البرد يكاد يفتك برضيعها. لكن نهلة لا تريد إغلاق النافذة وهي مصرّة على تجاهل كل هذه الطلبات.
لا نعرف لماذا وهذا أمر سيئ ولن تحاول المخرجة توفير سبب فعلي ولو بعد حين وهذا أمر أسوأ. صحيح أننا نرى فتاة غير راضية عن شيء ويبدو أنها محرومة عاطفياً من كل شيء، لكن تصرفها ذاك يبقى بلا معنى وبقاؤه هكذا يستمر طوال الفيلم. بكلمات أخرى، نهلة (الشخصية) ستبقى تلك الفتاة التي لا مبرر لديها لترفض ما ترفضه وتتصرف على نحو غير معني بشرح الحالة بل باستمرارها. ترفض من جاء يطلبها للزواج ثم ترفض شقيقتها التي تحول إليها من تقدم لها. ترفض استقلالية شقيقتها الأصغر وتخطف سلحفاتها وتهديها لصبي جارتها. ترفض والدتها. ترفض الحياة المقيدة وترفض أن تعرف كيف تنطلق في الوقت ذاته. هي تحديداً شخصية لا تثير الإعجاب ولا تثير الشفقة بالتالي تبقى مقطوعة الأوصال عن الجمهور الذي من المفترض أن يفهم مبرراتها ناهيك عن الموافقة عليها.
ما نراه تبعاً لذلك تصرفات مفبركة تدفع خلالها ببطلتها للعيش في أوهام عاطفية بينما تصد الحب إذا ما طرق الباب. تتبرع لتكون إحدى المومسات اللواتي يعملن تحت إمرة جارة لها. تدعي أنها تريد الاختلاء بشاب لكن الشاب لا يأتي ثم تقترح أن تمارس ما تمارسه الفتيات من حولها. وطلبها يُرفض.
وفي حين لا يفصح «قماشتي المفضلة» عن مبررات شخصيته الأساسية، نجد أنه يضع الأحداث في مطلع الحرب السورية علماً بأن العلاقة تبقى واهية لا تزيد كثيراً عن تقارب زمني بين ما يحدث في خصوصيات بطلته وعموميات البلد. الفيلم جريء هنا وموحٍ هناك وبالتأكيد كان يمكن أن يستفيد من حكايته على نحو أفضل. تعرف المخرجة ما تريده من فيلمها ولا تعرف السبيل الصحيح للتعامل مع مفرداته لتحقيق غايتها.