تعد المتاحف، بمختلف أنواعها، مصدر إلهام وثقافة، وجزءاً لا يتجزأ من السفر، لما تتضمنه من تاريخ وأحداث وفنون. ففيها يتعرف السائح على الكثير من ثقافة البلاد وفنونها وتاريخها. ورغم أن الجميل في الأمر أن لكل متحف نكهته وشخصيته، فإن بعض المتاحف العالمية اختارت أن تتميز بمقتنيات غريبة وبعيدة كل البعد عن التقليدي.
من خُصلات شَعر الأحبّاء إلى العلاقات العاطفية الفاشلة، مروراً بتاريخ شبكات الصرف الصحي، ووصولاً إلى المستردة وآلات التعذيب في العصور الوسطى، يتفنن بعضها في عرض كل ما يُؤرِّخ للغرابة عبر العصور، وفي الوقت ذاته يكشف جانباً مثيراً من الاهتمامات الإنسانية، التي قد تبدو أحياناً درباً من الجنون لكنها جزء من السيكولوجية البشرية وبعض الحضارات. في ما يلي جولة في أبرز تلك المتاحف:
متحف «ليلا للشعر» في أميركا
قبل اختراع كاميرات التصوير الفوتوغرافي والفيديو، كانت عادة احتفاظ الناس بخصلات شعر من أحبابهم هي السائدة. كانت وسيلتهم ليتذكروهم. ومن رحم هذه العادة ظهر ما أُطلق عليه «فن الشعر»، والذي يعود إلى القرن الـ15 تقريباً. وتزامن ذلك مع ما أصبح يعرف بـ«حليّ الشعر» وهي قطع من الحليّ والمجوهرات التي كانت تدخل في تركيبها خصلات شعر بشري، في تقليد بدأ في أوروبا القديمة وازدهر على نحو خاص في العصر الفيكتوري في إنجلترا نهاية القرن الـ19.
وإيماناً بتلك الفكرة، دشنت الأميركية ليلا كوهين، التي كانت تعمل مصففة للشعر، في ولاية ميزوري، بالولايات المتحدة، متحف «ليلا للشعر»، خصصته لقطع فنية مصنوعة من الشعر، ويضم في مجمله أكثر من 200 إكليل وما يفوق 2000 قطعة حليّ ومجوهرات تعود إلى القرن الـ19، بينها سلاسل وأقراط وأساور وخواتم مصنوعة من شعر بشري.
متحف الشعر في تركيا
ربما يفوق المتحف السابق في شهرته، رغم أن مقتنياته لا صلة لها بفن «حليّ الشعر»، وإنما تقتصر على خصلات تقدمت بها ما يزيد على 16.000 سيدة على مدار سنوات طويلة لتزيّن جدرانه. ويتخذ المتحف شكل كهف رغم أنه معاصر بالمقارنة مع المتحف السابق، إذ يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1979. تعود بداية المتحف كما تقول القصة إلى صانع فخار محلي ترك له صديقه خصلة من شعر حبيبته لأنه كان مضطراً إلى السفر. وعندما سمعت النساء قصة الخصلة التي علّقها صانع الفخار بمتجره، راقت لهن فكرتها وبدأن هذا التقليد بترك خصلات من شعرهن تعبيراً عن الحب.
متحف «قصص الحب» في كرواتيا
يدور حول فكرة العلاقات المحطمة وما تبقّى منها من ذكريات حزينة، حيث تشجع إدارة المتحف الزائرين على التبرع بمقتنيات ترتبط بعلاقات فاشلة عاشوها «كوسيلة للتغلب على حالة الإحباط العاطفي»، حسبما يشرح الموقع الإلكتروني للمتحف. في عام 2011، فاز المتحف بـ«جائزة كينيث هودسون»، باعتباره المتحف الأكثر إبداعاً على مستوى أوروبا.
متحف الصرف الصحي في باريس
لا يعرف الكثيرون أن لباريس وجهاً آخر لا يمكن أن يخطر على البال إلا بعد زيارة هذا المتحف. فأسفل مدينة النور، يحمل هذا المتحفُ الزائرَ في جولة عبر أنفاق شبكة الصرف الصحي الممتدة أسفل المدينة.
ويضم صوراً ومعروضات ومعلومات للتعريف بتاريخ إنشاء الشبكة وتطورها وعرضاً مفصلاً لطبيعة عمل المشاركين في إدارة هذه الشبكة الممتدة لأكثر عن 2.100 كيلومتر من الأنفاق التي بدأ بناؤها عام 1850. وكانت عملية الصرف الصحي قد بدأت بباريس في القرن الـ13، بينما لم تظهر مواسير الصرف الصحي المغطاة حتى أواخر القرن الثامن عشر في أثناء حكم نابليون بونابرت.
متحف «كانكون» في المكسيك
يجب على زائري هذا المتحف الكامن في أعماق بحر الكاريبي أن يكونوا من الغواصين المهرة. ورغم موقعه الغريب فهو يستحقّ المجازفة، إذ يضم 475 منحوتة بالحجم الطبيعي من إبداع ستة فنانين غالبيتهم من سكان المنطقة، وجرى نشرها في قاع البحر بين عامي 2009 و2013. اللافت أن المنحوتات مصنوعة من نمط خاص من الخرسانة يسمح بنمو الشعب المرجانية فوقها.
متحف «الأعمال الفنية الرديئة»
بطبيعة الحال، يحلم المبدعون في مختلف الفنون بأن تُعرض إبداعاتهم في المعارض والمتاحف، لكن ربما يكون متحف «الأعمال الفنية الرديئة» في ولاية ماساشوستس، في الولايات المتحدة الأميركية، الاستثناء للقاعدة.
في عالم الفن، يقف هذا المتحف مناقضاً لمتحف اللوفر مثلاً، فهو يضم أكثر من 600 عمل فني كان من المفترض أن يكون مصيرها الطبيعي سلة المهملات.
وتدور فكرة المتحف حول عرض القطع الفنية شديدة السوء والقبح بدرجة تجعل المرء عاجزاً عن أن يشيح بناظريه بعيداً عنها في تجاهل وعدم اكتراث. ومن أجل فوز القطعة الفنية الرديئة بمكان لها في المتحف، يجب أن تكون أصلية وجرى صنعها بنيّة جادة.
تأسس المتحف عام 1994 على يد تاجر تحف وأنتيكات يُدعى سكوت ويلسون بعدما عرض أمام أصدقائه لوحة فنية استعادها من سلة المهملات، واقترحوا عليه اقتناء مجموعة أعمال فنية رديئة وعرضها.
المتحف الوطني للمستردة
في ولاية ويسكونسن الأميركية، يوجد هذا المتحف الذي لا يقل غرابة عما سبق، فهو مخصص بأكمله لعبوات المستردة. ويضم ما يزيد على 5.624 عبوة مستردة من جميع الولايات الأميركية الـ50، إضافة إلى ما يزيد على 70 دولة من شتى أرجاء العالم.
وربما تكون قصة إنشائه هي الأكثر غرابة. فقد أسسه شخص يدعى باري ليفنسون بعدما خسر فريقه المفضل في «البايسبول» بطولة كبرى عام 1986، ولشدة حزنه، بدأ يسمع خلال سيره في «سوبر ماركت» أصواتاً صادرة عن علب المستردة تقول له: «إذا توليت جمعنا، سيفوزوا»!
وفي عام 1992، ترك ليفسنون عمله في حكومة ولاية ويسكونسن وأنشأ ما تحوّل اليوم إلى واحد من أبرز المقاصد السياحية في الولاية.
متحف إيداهو للبطاطا
يبدو أن الولايات المتحدة تنافس بقوة على لقب «أرض العجائب»، فها هو متحف آخر في ولاية إيداهو، عجيب، مخصص للاحتفاء بالبطاطا والصور المتنوعة التي تُطهى بها ما بين محمّرة ومقلية ومهروسة. كما يعرض المتحف نبذة تاريخية عن زراعتها. فكرة بناء المتحف كانت من بنات أفكار مجموعة من سكان المنطقة في بداية القرن العشرين كانت معنية بصناعة البطاطا، ورغبت في تسليط الضوء على أهميتها بالنسبة إلى الاقتصاد. ومن أبرز مقتنيات المتحف أكبر قطعة بطاطا مقرمشة والتي تبرعت بها شركة «برينغلز».
متحف آلات التعذيب في العصور الوسطى
ربما تكون نهاية مؤلمة لهذه الجولة المثيرة حول العالم، لكن من الصعب تفويت هذه المحطة التاريخية المهمة، وهو متحف آلات التعذيب في العصور الوسطى في مدينة أمستردام، في هولندا. يُسلط فيها المتحف الضوء على أكثر عن 100 آلة تشكل جميع آلات التعذيب التي اخترعها الإنسان وساد استخدامها خلال العصور الوسطى في أوروبا حتى القرن الـ18. قطعة العرض المحورية في المتحف هي نموذج لـ«المقصلة»، ويعتمد المتحف على نماذج بشرية مصنوعة من الشمع لتوضيح كيف كان يجري استخدام هذه الآلات الدموية.