الكتل السياسية العراقية تتبادل الاتهامات حول تأخر إكمال الحكومة

مع بدء الفصل التشريعي الثاني للبرلمان

TT

الكتل السياسية العراقية تتبادل الاتهامات حول تأخر إكمال الحكومة

مع بداية الفصل التشريعي الثاني بدأ البرلمان العراقي على عجلة من أمره في سد الفراغ التشريعي بسبب تأخير إقرار القوانين. ففيما كان منتظرا أن تحسم الكتل السياسية أمرها باتجاه إكمال التشكيلة الحكومية بالتصويت على الحقائب الأربع الشاغرة (الدفاع والداخلية والتربية والعدل) فإن التفاهمات لم تسفر عن نتيجة حتى الآن. فلم تتمكن كتلتا «سائرون» بزعامة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر و«الفتح» بزعامة هادي العامري من حسم أمرهما كبديلين عن كل من كتلتي «الإصلاح والإعمار» التي تنتمي إليها «سائرون» و«البناء» التي تنتمي إليها «الفتح».
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لم يعد على ما يبدو مهتما للأمر راميا الكرة في ملعب البرلمان في وقت كلف فيه وزراء من حكومته ليشغلوا الحقائب الشاغرة إلى الحد الذي بات يتجنب الإشارة إلى هذا التأخير في مؤتمراته الصحافية كل ثلاثاء بعد جلسة مجلس الوزراء. ليس هذا فقط بل إن عبد المهدي الذي ألزم نفسه بعدم السفر خلال الستة أشهر الأولى من عمر حكومته أبلغ الوفد التجاري والسياسي السعودي الرفيع المستوى الذي زار بغداد الأسبوع الماضي أن الزيارة الأولى له خارج العراق سوف تكون للمملكة العربية السعودية. الأهم في إعلان عبد المهدي هذا وهو ما لفت نظر المراقبين السياسيين في بغداد هو أنه أعلن ذلك في اليوم التالي لمغادرة الرئيس الإيراني حسن روحاني بغداد بعد زيارة دامت ثلاثة أيام تلتها مباشرة زيارة للوفد السعودي.
رئيس البرلمان محمد الحلبوسي هو الآخر بدا مهتما بعشرات مشاريع القوانين المؤجلة والمعطلة والتي تحمل البرلمان خلال الفصل التشريعي الأول انتقادات بسبب تأخير إقرارها بسبب المشاكل داخل الكتل السياسية.
بدوره، يقول عضو البرلمان العراقي عن كتلة الفتح نعيم العبودي لـ«الشرق الأوسط» بأن «هناك تفاهمات وتقاربات بين الكتل السياسية وبخاصة بين (الفتح) و(سائرون) لكن لا تزال الأمور تجري في إطار التفاهمات وليس الاتفاقات». وأضاف أن «من المتوقع أن تحسم المسائل العالقة مع نهاية الأسبوع الحالي لكننا لا نستطيع الحديث عن اتفاقات حتى الآن».
إلى ذلك اتهم تحالف «سائرون» رئيس الوزراء بتأخير حسم إكمال حكومته. وقال النائب عن التحالف محمد الغزي في تصريح: «إننا نطالب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بالإفصاح عن سبب التأخير في إرسال أسماء المرشحين للوزارات الأربع الشاغرة»، مبينا أن «أسماء جديدة وصلت إلى عبد المهدي كمرشحين للوزارات الشاغرة». وأضاف الغزي: «القضية الآن بيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، فهو يتحمل التأخير حاليا وليس الكتل السياسية، وإذا كان سبب التأخير، لتمسكه بفالح الفياض (للداخلية)، فعليه إعلان ذلك أمام الإعلام والرأي العام».
لكن النائب عن كركوك، حسن توران، يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «العراقيل ما زالت قائمة بوجه إكمال ما تبقى من كابينة حكومية ولا يوجد في الأفق القريب ما يوحي بوجود حلول لهذه الأزمة». وأضاف أن «عدم التوافق على الوزارات الأمنية من جهة وكذلك وزارتي التربية والعدل من جهة أخرى يعد عاملا أساسيا في عرقلة تشكيل الحكومة»، مبينا أن «المكون التركماني (توران نائب رئيس الجبهة التركمانية) لا يزال مغيبا تماما عن التشكيلة الحكومية لأسباب لا مبرر لها لأن التركمان هم القومية الثالثة في العراق ولا يزالون بدون تمثيل وزاري».
في سياق ذلك، رجح النائب عن تحالف البناء محمد البلداوي أن تحالفي البناء والإصلاح سيعقدان اجتماعا مشتركا قبيل عقد جلسة البرلمان السبت المقبل وذلك للاتفاق على عرض مرشحي الوزارات الشاغرة ضمن استحقاقاتهما الانتخابية. وقال البلداوي في تصريح أمس الأحد أن «هناك تحركات سياسية تجري لتحديد موعد لقعد اجتماع مشترك بين التحالفين الرئيسيين للاتفاق على حسم الكابينة الوزارية». وأضاف أن «تحالف الإصلاح لم يحسم أمره بشأن مرشح الدفاع في حين أن تحالف البناء ينتظر حسم موضوع فالح الفياض لمنصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية حتى يسمي مرشح الداخلية»، مبينا أن «حسم موضوع الفياض يتعلق بموافقة جميع الكتل السياسية خاصة مكونات (الإصلاح) و(البناء)».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».